عمل المرأة ضرورة

محاضرة للأميرة وجدان العلي

عربيات - جدة

ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض جدة الدولي للكتاب وعلى شرف صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت ماجد بن عبدالعزيز، استضافت الغرفة التجارية الصناعية عدد من الشخصيات المتميزة علماً وفكراً من العلماء والأدباء والفنانين الذين أثروا الأمسيات وأضاءوا سماء جدة بحوارات ثقافية فريدة... وكانت أمسية صاحبة السمو الملكي الأميرة وجدان بن علي من أحد تلك الأمسيات الرائعة التي استمتع فيها الحضور بمحاضرة ثقافية غنية عن المرأة والعمل والفن الإسلامي ...
ونترككم مع محاضرة الأميرة وجدان الإنسانة و الإمرأه والفنانة

عمل المرأة ضرورة:

تقول الأميرة وجدان: عملت حال تخرجي من الجامعة في وزارة الخارجية الأردنية وكنت المرأة الوحيدة في الوزارة  في ذلك الوقت ووجدت أن العمل أعطاني حرية من ناحيتين..

الأولى: الثقة بنفسي ...فقد جعلني أتخلص من الخجل وأتمكن من المواجهة والإحتكاك من خلال العمل
الثانية: منحني الإستقلالية الذاتية والمادية فالمكسب المادي أمر مهم يجب أن تسعى المرأة لتوفره لنفسها من خلال عملها الخاص حتى لاتكون عالة على مجتمعها وعلى نفسها وهو خطوة للأمام تبني شخصيتها وتدعم مكانتها في مجتمعها وتجعلها قادرة لأن تكمل حياتها بكرامة فكثيراً مانسمع عن سيدات يضطرن لعيش حياة غير كريمة في ظل الرجل لأنهن غير متعلمات ولايجدن العمل لإعالة أنفسهم فيكون اعتمادهم الكلي على الرجل مهما سائت الحياة فيما بينهم واستحالت.

قصتي مع الفن:

وتستطرد قصتها مع العمل واقتحامها لمجال الفن قائلةً:اكتشفت بعد فترة من عملي أن الفن بالنسبة أكثر أهمية من سواه وأنني بعد زواجي مع كل أفكاري التقدمية بقي إيماني بأن دوري الأهم هو عائلتي لذلك كان عليّ أن أجد حل متوازن لأعمل دون أن أقصر في حق عائلتي فكان إمتهاني للفن العربي الذي أعشقه ولم يكن هناك من مشكلة تواجهني سوى نظرة المجتمع لهذا المجال والذي يعتبر بالنسبة للكثيرين مجرد تسلية بينما هو في الواقع مهنة جادة وليست هامشية لكن تهميشها عندنا يشبه كثيراً تهميشنا للمرأة فمابال أن أكون إمرأة وفنانة في نفس الوقت؟؟


النظرة الإسلامية القديمة للفن:

وفي نظرة تاريخية متعمقة لرؤية المجتمع للفن والفنانير في العصور الإسلامية القديمة تقول الأميرة وجدان: كانت نظرة احترام وتقدير فالسلطان العثماني بايزيد على سبيل المثال كان يمسك المحبرة للخطاط حتى يأخذ منها الحبر ويخط وهو حاكم أكبر امبراطورية في العالمونفس الشيء كانت نظرة رعاة الفن من العصر الرومي مروراً بالعباسي والفاطمي والأندلسي والمملوكي فقد كانت التربية الفنية والإجتماعية تختلف لأن الفن كان متغلغلاً في المجتمع وفي حياة الناس،ولننظر مثلا للمصابيح المملوكية وجمالها كانت تستخدم لإضاءة المساجد والقطع الخزفية العباسية من أطباق وغيرها كلها كانت أشياء تستخدم في الحياة اليومية ولم تكن للمتاحف فقط كما هو الحال اليوم.....وعندما كان الغرب لايزال في الكهوف كان الأمويون في الأندلس يشربون في كؤوس من زجاج وفضة ويجلسون على أفخر الجلود ويزينون طاولاتهم بالحرير ويتميزون ببروتوكولات المائدة التي تقدم الأطباق الباردة ثم الساخنة ثم أطباق الحلو وعلى الجانب الآخر كان الغرب يربي الكلاب لتنظف فضلات طعامهم التي يرمون بها على الأرض بعد كل وجبة همجية يتناولونها....كان الحياة العربية الطبيعية فيها جمال وفيها فن وفيها اهتمام حتى بالخط العربي والإهتمام بالمنمنمات والتصوير وكان يطلق على الفنان كلمة صانع والتي ليس لها ترجمة لأي لغة أجنبية فهي كانت تعني الفنان والحرفي بينما اليوم قسمناها لقسمين ،الحرفي والذي للأسف ننظر له نظرة دونية ،والفنان الذي نستمتع بالنظر الى عمله دون أن نقدِّره.

كيف تغيرت هذه النظرة:

تحلل الأميرة وجدان أسباب تغير مكانة الفنان ونظرة المجتمع إليه فتقول: بعد طغيان الحضارة الغربية علينا بسبب الضعف العسكري والإقتصادي والسياسي كانت أول الطبقات تأثراً هي فئة المثقفين الذين بدأوا بالإنجراف مع الثورة الصناعية الأوروبية وإتباع نظرياتها مع أن الغرب كان يعاني من أجواء كئيبة في ذلك الوقت بسبب هذه الثورة الصناعية مما جعل حملات الإستشراق تنتشر ويلجأ العلماء والمؤرخين والفنانين الأوروبيين للعالم العربي بسحره وألوانه وطقسه هروباً من الكآبة والجمود في بلاده واستوردنا نحن مع الوقت الحياة الغربية الرتيبة الكئيبة وتخلينا شيئاً فشيئاً عن فنوننا الأصيلة لفترة طويلة.

الصحوة الفنية العربية:

وعن عودة الإهتمام العربي بالفن تقول: في عام 1908م أنشأ الأمير يوسف كمال في مصر أول كلية للفنون الجميلة انتشرت بعدها كليات مماثلة لكن كانت كلها في نطاق الفن الغربي الذين بدأوا الفنانون بتبنيه وترك الفن الإسلامي ، وبعد خمسين سنة أدركنا أننا نملك تراث غني إن لم نستثمره ستضيع هويتنا وعندها بدأ الجدل بين المعاصرة والتراث وبين فقدان الهوية العربية الإسلامية ومواكبة الغرب المتطور في تقدمه العلمي والتكنولوجي والفني ولاتزال هذه المعضلة موجودة.
 

اسئلة الحضور

مالذي يميز الفن الإسلامي؟

وعن تساؤل أحد الحضور عن مايميز الفن الإسلامي عن غيره تجيب الأميرة وجدان:الذي يميزه هو أنه أول فن عربي، وأنا أعتقد أن العولمة بدأت مع الحضارة الإسلامية لاسيما في العصر العباسي حين وصلوا من شمال افريقيا إلى الصين فحضارتهم لم تكن مجرد فن ديني وهذه ميزة أخرى للفن الإسلامي فالفن المسيحي على سبيل المثال هو فن الكنيسه والفن البوذي هو فن المعبد بينما الفن الإسلامي دخل في الحياة اليومية للجميع وشارك في بناء الحضارات واستعار العديد من الأنماط البيزنطية والهندية والصينية لكن كان سرعان مايكيفها حسب العقيدة الإسلامية...وأذكر بهذه المناسبة قبل سنة كان هناك مؤتمر في أوكسفورد عن الفن القبطي وكان حوارهم هل هو ضمن الحضارة الإسلامية أم هو فن مسيحي؟وفي النهاية اتفق الجميع على انه جزء من الفن الإسلامي لأن الاقباط عاشوا تحت مظلة الحضارةالإسلامية في مصر وبهذا نرى أن الفن الإسلامي قد ساهم في تكوين عدة قوميات وهو أوسع بكثير من كونه ديني فقط بل هو جامع وشامل وعالمي يضم عدة أنماط.


ماهو تعريف الفن المعاصر من وجهة نظرك؟

الحداثة والمعاصرة برأيي هي مواكبة العصر الذي نعيشه وسؤالي أنا هل الفنان الذي لايعالج قضايا الأمة التي تمر بها معاصر أم غير معاصر؟...لانعرف،وبرأيي الأمر لايستحق الجدل لأنه بلا فائدة المهم أن الفنان يبدع بدون تقليد أعمى وإعادة.....وهناك مدرسة جديدة في الفن هي الخط العربي تناولتها في أعمالي الأخيرة بأسلوب جديد فهل كان من الواجب أن اتخلى عن الخط العربي وأختار الخط اللاتيني لأصبح معاصرة؟؟...أو الجأ إلى الإبهار الأجوف واستخدام الجنس الرخيص ليكون للجمهور ردة فعل كما يحدث اليوم؟؟؟...أعتقد أنني بإمكاني أن أكون معاصرة وأقدم الجديد في إطار هويتي ومعتقداتي العربية دون التخلي عن جذوري الحضارية الأصيلة.
ماهو رأيك في التقنيات الحديثة مثل الإنترنت؟

الإنترنت أصبحت من ضروريات الحياة التي يجب أن نثبت وجودنا فيها وهي تساعد على نشر الثقافات وتبادلها ولابد أن يكون لنا دور فعال فيها وعن نفسي لاأجيد التعامل معها لكن أعتقد أن الجيل الجديد عليه تبني هذه المهمة وبالمناسبة ابنتي تقوم حالياً بإنشاء موقع على شبكة الإنترنت.