الأمر لايملكه إلا ولي الأمر، والمعروف هو المتعارف عليه شرعاً وحكماً

الدكتور نايف الدعيس: الغلو في الإنتماء أفرز الإقتصاد والأدب الإسلامي

خاص - عربيات
صور وفيديو

كثيراً ما يبعدنا القدر عن أمنياتنا، لكن بعد أن تصقلنا التجربة ونكتسب الخبرة نتمنى أن نعود للماضي فيكون قدرنا اختيارنا،

فمسيرة الدكتور نايف هاشم الدعيّس أستاذ علم الحديث، وعضو هيئة التدريس الأسبق وعضو مجلس الشورى الأسبق، تؤكد على ذلك  وهو الذي أراد أن يتخصص في علم النحو  فقاده قدره لدراسة علم الحديث ليصبح من أعلامه، واليوم من خلال عربيات نفتح معه ملفات عدد من القضايا المطروحة على الساحة لنتعرف على قراءته لها استناداً إلى علمه ومنهجيته. 


 

نود في البداية أن نتعرف على خلفية الدكتور نايف الدعيس العلمية والتي جعلته اليوم من رموز علم الحديث.
درست في كلية التربية بمكة المكرمة وكان تخصصي الدراسي في علم النفس لكن طلباً لرضى والدتي انتقلت إلى المدينة المنورة واستكملت دراستي في الجامعة الاسلامية قسم شريعة وكنت الأول على دفعتي فأرادت الجامعة أن تبتعثني إلى القاهرة لاستكمال دراستي لمرحلة الماجستير، وكنت أعشق آنذاك علم النحو ولكن عندما وصلت إلى القاهرة وجدت أن هذا القسم قد أغلق أبوابه فعدت إلى جامعتي التي كانت قد افتتحت للتو قسم السنة وأصر مدير الجامعة على أن ألتحق به فقبلت وأكملت دراستي إلى أن حصلت على درجة الدكتوراه وكنت كذلك الأول على دفعتي لأنني أحببت هذا التخصص وأحمد الله الذي ساقني إليه. كما أنني تتلمذت في الحرم على يد العديد من العلماء مثل الشيخ محمد الشنقيطي.

منهجية القياس مفقودة لدى بعض علماء اليوم

من خلال دراستك لعلم النفس كيف تجد مراعاة الجوانب النفسية وأسلوب إيصال الرسالة والتوجيه بين الخطاب النبوي والخطاب الديني اليوم؟
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يراعي الناس ويختار الأسلوب الملائم لكل حالة، أما  المشكلة لدى بعض العلماء اليوم تكمن في توظيف الحديث والاستشهاد بالآيات القرآنية في غير سياقها، علماً أن الحديث والقرآن لهما منهجية ولايصح أن يأتي العالم بفكرة مسبقة لديه ليطرحها على الناس ثم يسقط عليها الآيات والأحاديث، بل يفترض أن يطرق الفكر ويستنبطه من خلالهما، وعلى سبيل المثال عندما نتحدث عن الاقتصاد الاسلامي توجد مساحات واسعة للاجتهاد واستنباط التشريعات المناسبة ولايمكن الاكتفاء باقتباس بعض الآيات والأحاديث واسقاطها على الواقع.

لا لقيد الاقتصاد أو الأدب بوصف الإسلام

مارأيك إذن في الإقتصاد الإسلامي؟
لا أستحسن قيد الاقتصاد أو الأدب بوصف الإسلام لأن الاقتصاد هو الاقتصاد والأدب هو الأدب، و الأدب الإسلامي أفضل تسميته بالأدب العربي، كما أعتقد أن الغلو في الانتماء للدين هو الذي جعل الناس تصف الأشياء به، فلو أخذنا على سبيل المثال قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) سنجد أننا لو أسقطنا الآية وعممناها على جميع الصلوات الخمس لتعارض ذلك مع مبدأ الدراسات الاقتصادية المعاصرة في الحفاظ على الوقت بعدم إغلاق المتاجر أبوابها، لذلك يجب إغلاق المتاجر لصلاة الجمعة كما أمر الله وأن لا نتجاوزه إلى غيره، فلا يوجد دليل على إغلاقها لبقية الصلوات، بل لا يوجد تعطيل للتجارة لو تناوب إثنان أو جماعة عليها في أوقات الصلاة، لأن الأصل أداء الصلاة على كل مكلف يؤديها حسب ما قرر في الشرع زمنا وأداء.
وبالعودة إلى الاقتصاد الإسلامي المعاصر أرى أنه قد أخذ عند بعض القوم صبغة الوصفية بالإسلام وفي حقيقة الأمر هو لا يتجاوز أنظمة البنوك الداخلية والعالمية إلا قولاً لا فعلاً، وقد كان على عهد النبي غير المسلمين يتاجرون ويبيعون ويشترون وفي دول كدولة فارس والروم ومن هم على هاتين الملتين داخل أرض الجزيرة وخارجها ولم يعرف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه رضي الله عنهم تميز للتعامل فيما بينهم بوصف أعمالهم أو تجارتهم بالإسلام .
لذلك وجهة نظري هي أن قيد الاقتصاد أو الأدب بوصف الإسلام أمر مبتدع ومحدث في العصر الحديث لبعدنا عن الواقع الحقيقي في التعاملات الإسلامية، فأصبح تركيز الناس على الشعارات أكثر من المضمون.
ولقد تجاوز الوصف بالإسلام إلى الفن فقالوا الفن الإسلامي وهذا غلو في الإنتماء، وإن أخذناها من زاوية تقسيم الشعر والنثر الإسلامي كناية عن العصر الذي عاش فيه فلا يصح أن نقول الشعر الأموي والأدب الأموي أو العباسي بهذا الإعتبار.
 

في عصر التقنية والانفتاح على العالم والأديان المختلفة، نلمس تذبذب عقيدة بعض الشباب، فهل تعتقد أن السبب يعود إلى جمود مناهجنا الدراسية الدينية تحديداً؟
يقسم العلم إلى قسمين، علم الشريعة، والعلم المعاصر الذي يتعلق بالتكنولوجيا والكيمياء والفيزياء والفلك والرياضيات وغيرها من العلوم، ففيما يتعلق بالشريعة الإسلامية في ظني أننا لا نحتاج إلى تحديث معلومة، فمن الصعب جدا أن يضيف أحد شيئاً جديداً من العلم بل قد يضفي بفكره على العلوم التي سبقنا إليها العلماء وهذا ما ينبغي أن يكون عليه العلماء، بمعنى أن يُعمِل العالم فكره أكثر من حفظه للمعلومة، فلا يوجد ديانة في العالم كله سواء كانت وضعيه أو سماوية مثل ديانة الإسلام، والأبحاث التي قدمت في باب المعلومة الشرعية ليس لها نظير، والعلماء الذين قضوا من الصعب أن يتكرروا في هذا الزمن، ولن نباريهم في جانب العلم والتقوى ومن الصعب أن نرقى إليهم، والواقع أننا لا نتميز عن السابقين من العلماء إلا بالأفكار الجديدة والحديثة التي تتناسب مع العصر، وهذا لا يعني تجديد الدين، إنما تجديد المنهج والأسلوب وتقديمه بطريقه حديثة، بمعنى أن يكون متلبسا بفكر المتحدث أو المُبلغ، فلا يكتفي بقول قال الله وقال الرسول صلي الله عليه وسلم ولا يزيد مما قاله العلماء إنما يوصل هذه المعلومات بما يتناسب مع العصر وفهم الناس الموجودين فيه. أما مشكلة البعض سواء كانوا علماء أو خريجي جامعات أو أساتذة أنهم يثقوا بعلمهم ويضربوا بالرأي الآخر عرض الحائط، بينما القدماء كانت تنطبق عليهم مقولة "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، لذا أؤكد على أهمية أن يأخذ الإنسان بالنص القرآني مع قراءة النصوص الآخرى ومراعاة أوجه المعاني فيها حتى يخرج بنتيجة جيدة.
أما الجانب الثاني من العلوم- أي العلوم المعاصرة- التي جدت، فينبغي أن نصل إلى جديد فيها كل لحظة، وليس من حرج أن تنظر الأمة الإسلامية للغرب في هذا المجال أو تحذو حذوهم، وليس من عيب أن نتلقى من غير المسلم المعلومة، وعيبنا كمسلمين التطاول أو محاولة الصعود إلى قمم ونحن أبعد مانكون عنها، ولذلك كلما صعدنا سقطنا، كما أننا نركز كثيراً على تعاليم الإسلام تشدقاً لا عملاً، والإسلام لا يُقنن بحسب الأهواء بل تعاليم الإسلام شريعة والشريعة نصوص و ظواهر وراجح ومرجوح ومحتمل، وهكذا أراد الله أن تكون شريعته.

الحوار هو الحصن الذي يحول بيننا وبين تذبذب عقيدتنا


وبالعودة إلى سؤالك والخشية من الإنفتاح فبإعتقادي لابد أن تكون الحصون مغلقة من الداخل بمعنى أن نستمع ولا نستجيب لمن يريد أن يزعزع عقيدتنا وذلك لا يتأتى إلا بالحوار والمناقشة وإبداء الرأي سواء في المنزل أو المدرسة، فللأسف الشباب اليوم حصونهم ضعيفة من الداخل وبالتالي قد تسقط في مواجهة أي عاصفة فكرية.

الإنفلات الفكري أفقد البعض ثقتهم في علماء أمتهم


لكم تجربة في تقديم البرامج التلفزيونية، كيف ترى البرامج الدينية في الوقت الحالي؟
البرامج التلفزيونية الدينية والفضائية تجربة لا يمكن وصفها بالحسنة ولا يمكن نعتها بالسيئة، وقد وضعت على عاتق المتلقي مسؤولية في البحث والمعرفة والتفكير، فأنا مع وجود سلطة للمحاسبة وليس لمصادرة الآراء، ولا أرفض كثرة البرامج الدينية بمختلف توجهاتها لأنني مع الانفتاح فلا يمكن للحياة أن تتقدم دونه خاصة وان كان انفتاحاً مثمراً وله فوائد، فلقد أنزل الله على رسوله قوله تعالى "لكم دينكم ولي دين" ولم يعترض على الدين الآخر قائلا للرسول عليه السلام "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، ومن وجهة نظري ما يعيب هذه القنوات الفضائية أنها أصبحت "أسواقاً دكاكينة" كل شخص يخرج فيها  ليتحدث عن توجهه ويخطي الآخرين جملة، و لعل ماهو أسوأ إثارة الفتن بين المذاهب لتنشأ العداوات بين أفراد الأمة في العالم الإسلامي بوجه عام، واتسم العصر بحالة من الإنفلات الفكري مع خروج شيخ أو حتى شاب غير مؤهل للتصدي للفتوى وإصدار فتاوى لا أصول لها، ومع إزدياد هذه الظاهرة أصبحت شريحة عريضة لا تثق في أقوال علماء أمتها.

هذه حرية الرأي التي أنشدها، وأرفض وجود مجلس أعلى للفتوى


الدكتور نايف دعوت إلى حرية الرأي، فهل ترى على سبيل المثال أن مطالبة  الشيخ يوسف الأحمد الأخيرة بهدم البيت الحرام وإعادة بنائه لمنع الاختلاط يمكن تصنيفها ضمن إطار حرية الرأي، وماهو رأيك فيها؟
باختصار أنا ادعو كما اسلفت إلى حرية الرأي والفكر، ولكن مثل هذه الآراء حتى لو طرحها صاحبها يجب أن تسفه من قبل الجميع نظرا لمخالفتها الصريحة لما كان عليه الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه من بعده وحتى يومنا هذا لم يتغير شيء، حيث يطوف النساء مع الرجال حول بيت الله الحرام ويصلون ويخرجون في الشوارع من هذا المسجد وغيره من المساجد ولم يحدث أن نادى أحد بفصلهم منعاً للإختلاط، كما أن بعض المتأخرين من الولاة عندما أرادوا فصل المرأة عن الرجل في الطواف اعترض عليهم علماء عصرهم بقوة كالقوة التي اعُترض بها على صاحب هذا الرأي، فأصبح مطلبه أضحوكة ومثالا للتطرف الفكري اللاعقلاني، لذلك حينما نناشد بحرية الرأي فإنما نناشد بها في المعقول من الأمور لا في مثل هذه الطامات الكبرى.


هل تعتقد أن وجود مجلس أعلى للفتوى يقنن مثل هذه الفتاوى؟
بالطبع لا، ولست مع حصر الفتوى على فئة معينة من العلماء لأن ذلك يؤدي إلى سحب رخصة الاختلاف في الدين والتي تعد رحمة. فالواجب فسح المجال لجميع العلماء ومحاسبة من يخطيء.

الأمر لايملكه إلا ولي الأمر، والمعروف المتعارف عليه شرعاً وحكما


يواجه جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدداً من الانتقادات في الآونة الأخيرة ورفض من بعض شرائح المجتمع، وفي الوقت نفسه يرى البعض الأخر أنه جهاز مهم استنادا للآية الكريمة"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، فما هو تقييمك لأداء هذا الجهاز؟
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شريعة سماوية، ووضعها في جهاز مستقل يعد من التنظيم الذي تقوم به الدولة، لأن الأصل هو أن الأمر بالمعروف متاح لكل مسلم قادر وعالم وإسناد هذه المهام لجهاز مختص يعد أمرا حسنا من باب التنظيم وفقاً لمصالح الدولة وتنفيذا لأوامر الله تعالى، وهذا لا يعني عدم محاسبة كل مخطئ يتبع لهذا الجهاز، كما لا يعني إسقاط خطأ فرد على الجهاز بأكمله.
ومن جهة أخرى لابد من فهم أصل الأمر بالمعروف، فـ"المعروف" يعني المتعارف عليه شرعاً وحكماً كوجوب تغطية المرأة شعرها ولا يكون المعروف في مسألة عليها خلاف ككشف الوجه، كما أن "الأمر" لا يملكه إلا ولي الأمر أو من ينيبه، ولا ينطبق ذلك على الرجل العادي ويجب أن يكون الأمر بالمعروف محددا وان يكون طبق الشريعة وان لا يتجاوزها، فإن أخطا إنسان بتعنته أو تشدده أو جهله يجب أن يحاسب ويجب أن يتم إيقافه، بالإضافة إلى ضرورة مراعاة حسن الاختيار فعضو الهيئة يجب أن يكون متعلما يعرف معنى الحياة وتطورها مع التمسك بالثوابت، وملما بشرع الله وعارفا بأحوال الناس.
كما أن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يطبق على غير المسلمين الذين يجب أن نحترم حريتهم في اختيار دينهم مع مراعاة شعائرهم الدينية.

المرأة العاطفية إذا تولت الحكم تصبح "حديدية"


ظل حديث المصطفى صلي الله عليه وسلم "النساء ناقصات عقل ودين" موضع خلاف وتم تفسيره بأشكال مختلفة كما شكك البعض في صحته، فماهو تفسير عالم الحديث الدكتور نايف الدعيس له؟
في الحقيقة الكثير يفهم هذا الحديث على غير ما وضع له، وحتى السيدات أيضا ولا نحتاج إلى تفسير جديد لأن الرسول صلي الله عليه وسلم فسره، وقد سمعت إحدى المثقفات تقول لا يزال مجتمعنا متخلفاً طالما يرى أفراده أن المرأة ناقصة عقل ودين، وفاتها أن هذا الكلام كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تؤمن به وبرسالته، فناقصات عقل لا يعني التقليل من مكانة المرأة أو  شأنها كما يتصور من يجهل معناه بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال هذا الحديث كان يقبل مشورة المرأة، وقد فسره الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله"أما نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لاتصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين"، وبقوله "لو أحسن إليها الرجل الدهر كله ثم رأت منه شيئا – يعني ما يكدر خاطرها- لقالت ما رأيت خيرا منك قط"، وهو ما أفسره بدلال المرأة  واختلافها عن الرجل في هذا الجانب فإن كانت المرأة بعقليه الرجل العسكرية سيحدث تصادم شديد في المنزل أما بصفتها الحالية ستخلق جو من الدعابة والدلال يؤدي إلى التكامل في المنزل.


هل يعني هذا أن عاطفة المرأة تسيطر على قراراتها؟
نقصان الدين والعقل لا يتعارض مع قدرة المرأة التي برزت في مجالات عديدة، كما لا يشكك في تميز بعض السيدات على قرنائهن من الرجال، وبالرغم من أن شهادة المرأة تساوي نصف شهادة الرجل إلا أن ذلك لا يعني أن يرفض تقريرا لها كطبيبة على سبيل المثال لأن هذا تخصص وهي تستند من خلاله على علم مبني على حيثيات ومنهج. بل في واقع الأمر أنا أؤمن بأن المرأة العاطفية إن تولت الحكم في أمر تصبح "حديدية"، وهناك نماذج عديدة في العالم لسيدات حققن نجاحات كبيرة في قيادة مختلف المجالات، فالمرأة لا ينقصها من العقل والتدبير والسياسة شيء مما يملكه الرجل، والرسول عليه الصلاة والسلام كان يقبل مشورة نسائه في بعض الأمور ويأخذ برأيهن، فالمرأة إذن بوسعها أن تتولى المناصب في القضاء والدولة، ولكن الدول الإسلامية في عصورها المختلفة لم تشهد تجربة الولاية الكبرى للمرأة.
 

ألا يتعارض ذلك مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"؟
في ظني هذا الحديث يسمى "حادثة عين" في الفقه الإسلامي، بمعنى أنه لا يتكرر ولا يسري على كل حالة فالرسول عليه الصلاة والسلام عندما حارب الفرس و جيء له بأخبارهم وكانت زعيمتهم امرأة قال عندها (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، وهو كما ذكرت حادثة عين لا يمكننا أن نسقطها على عمل المرأة في مناصب وزارية أو غيرها، فقد وليت الشيماء على الحسبة في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو منصب يساوي في زمننا الحاضر منصب رئيس البلدية أو أمينها، أما عن الولاية الكبرى فهي أمر آخر و أنا أجزم أن المرأة لم تتولى الخلافة في عصر الصحابة أو بعده، وللتوضيح أقول "لم يحصل" وليس "لا يجوز" إلا من خلال منظور العلماء في إشارات الأدلة.

 

الإعجاز العلمي في القرآن نوع من المبالغات

نلاحظ اتجاه بعض علماء الدين إلى إثبات الحقائق الكونية من خلال آيات القران الكريم، فهل تعتقد أن الإعجاز العلمي في القرآن فعال في إقناع الغير مسلمين بصدق الدين الإسلامي؟
هذا نوع من المبالغات التي أرفضها، لأن العلم علم وكتاب الله أنزل للتبليغ والتشريع وإذا حصل في كتاب الله تعالي شيء من ما يظهر في هذه الدنيا من قبيل الإعجاز للقران فلا يحمل ذلك على كتاب الله كله، ولا على كل خارقة من الخوارق تحدث في الحياة لأن هذا الأمر يحمل الناس على إلصاق كل حادثه أو غريبة بكتاب الله تعالي حتى ممن لا قدرة لهم في المجالات العلمية وهذا ما لا ينبغي لأنه تطاول على كتاب الله، فالرسول صلي الله عليه وسلم لم يسكت عن علم في كتاب الله إلا وبلغه لأصحابه، ولو استندنا على إلصاق كل الأحداث على جميع الآيات فإننا ندعي أن الرسول صلي الله عليه لم يُبلغ في مجال الإعجاز العلمي، أو أن الصحابة لم يفهمونه من قبل لذا علينا أن لا نتجاوز قدرنا أمام كتاب الله وان نصونه من الآراء الفطيرة.

 

المكافئة البدنية ضرورية بين الزوجين، وأؤيد تحديد سن الزواج لهذه الأسباب


تزايدت حالات تزويج القاصرات بمسنين بحجة زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة، الأمر الذي جعل البعض يطالب بتحديد سن الزواج للفتيات، فهل تؤيد ذلك؟
وفقا للشرع لا يمكن أن يأتي أحد ويقول هذا حرام لأنه لا يوجد نصوص تدل على الحرمانية، ولكن نحن نجد مبادئ أخرى في الإسلام مقننة للتعامل، ففيما يتعلق بالزواج مثلا أصبح المجتمع يرفض مثل هذا الزواج والدليل على ذلك أنه لا يقبل الجميع بتزويج ابنته القاصرة من رجل لا يستطيع أن يعطيها أساس من أهم أسس الحياة الزوجية حتى لايهضم حقها ومن هنا يأتي التحريم لو ثبت ذلك، ومن حق القاضي أن يمنع الزواج لو أن الفتاة بلغت سن الرشد ورفضته وثبت أن وليها قد اجبرها عليه، أما القاصر التي تُحفظ أموالها في بيت المال إلى أن تبلغ سن الرشد من الأولى أن يحفظ جسدها كذلك إلى أن تبلغ سن الرشد، لأن المكافئة البدنية ضرورية بين الزوجين، وأؤيد تحديد سن الزواج بالعمر الذي تستلم فيه الفتاة إرثها وهو ثمانية عشر، ففي زمن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يتم تزويج الفتاة في السن الذي تستلم فيه ميراثها والذي حدد ببلوغها أو دونه.

 

 العفو عند المقدرة


ظهرت حالات زواج في السجن، ألا يتعارض هذا الزواج مع السكن والرحمة التي استند عليها القرآن في العلاقة بين الزوجيين؟
هذه قضايا شخصية، فلكل حالة قضية خاصة، ويراعى فيها الأحوال الشخصية وليس الآراء الفكرية، لكن المشكلة عندنا في الإجبار وعلى سبيل المثال رجل له صديق في السجن ولديه ابنة قاصر فيزوجها له، أو يجبر ابنته البالغة من الزواج به تحت ضغط الرضا والغضب فهذا مما لا ينبغي.


ألا يزيد العفو عن القاتل بعد توسط الوجهاء له عند أهل القتيل في خلق مجتمع تتفشى فيه الجرائم ؟
هذا شرع الله سواء دفع له مقابل أو لم يدفع، فالقتل يبنى في مثل هذه الأحوال على القصاص، ولكن لو حصل التنازل سواء بدية أو أكثر من دية أو تنازل بغير مادة فهو أمر حسن، وأنا أتمنى أن لا يقتل قاتل وأن يعفى عنه بأي وسيله من الوسائل، وأذكر أن الملك فهد رحمه الله كان يقول في مجلس من مجالسه كنت حاضراً فيه "إن أصعب ليلة تمر علي هي ليلة أوقع فيها على أمر قصاص" وقد أخبر رحمه الله أنه لا يستطيع ليلتها النوم حتى الصباح.