سعاد حسني، قُتلت؟... سقطت؟... انتحرت؟

صور وفيديو

تعددت الآراء والتحليلات، وبرزت علامات الإستفهام والتعحب، لكن النتيجة واحدة فقد رحلت السندريلا العربية وكان آخر مكان تطأه قدمها هو شرفة صديقتها في مبنى (ستيوارت تاور) بلندن حيث سقطت كما يرجح الأطباء على رأسها وتوفت من أثر السقوط على هذه المنطقة من الحساسة ويعتقدون أن المسافة لم تكن لتقتلها لو سقطت على قدمها أو أي منطقة أخرى من جسدها. ومنذ أن ذاع خبر الوفاة تذكرها الإعلام وافتقدها الأصدقاء وبدأت التحقيقات الرسمية والغير رسمية تبحث عن حقيقة الحادث، وكلما ازداد البحث يزداد الغموض

من هي سعاد حسني؟
نشأت كطفلة عادية بين عدد كبير من الأخوة الأشقاء والغير أشقاء لوالد من أصل سوري هو (محمد حسني البابا) يعمل خطاط ولا يجد ما يكفي لتلبية احتياجات أسرته الأساسية فكان يبحث عن أي مصادر دخل تساعدهم على الحياة ويتشبث بها إلى درجة أنه كان يسقي ابنته (نجاة) خل حتى لا تكبر فقد كان يعتقد أن اعجاب الناس بها يكمن في أنها طفلة تقلد (أم كلثوم) ولم يتخيل أن تصبح مطربة لها شخصية مستقلة… أما (سعاد) فبدأت معاناتها منذ الطفولة ليس فقد بسبب الظروف السيئة التي كانت تعاني منها أسرتها ولكن لتعرضها لأول حادث سقوط في حياتها حيث زلت قدمها على سلم المنزل المكسور،وعانت الطفلة سنوات إلى أن تمكن والدها من سماع صوت ألمها وجمع المال الكافي لإجراء عملية جراحية لها.

ثم بدأت مشوارها الفني في الإذاعة مع الإذاعي الشهير (بابا شارو)، وقدمها أحد الأصدقاء إلى المخرج (هنري بركات) ليسند لها أول بطولة في فيلم (حسن ونعيمة) عام 1959م، لتواصل مشوارها الفني الذي قدمت خلاله 82 فيلماً سينيمائياً من بينها 4 أفلام أجنبية من إنتاج لبناني وروسي وعراقي وأفغاني.

تزوجت 3 مرات أما الرابعة فتكاد أن تكون من أشهر الشائعات التي تتردد في الوسط الفني ويؤكدها عدد كبير من المقربين ألا وهي زواجها من المطرب الراحل (عبدالحليم حافظ) الذي توفي أيضاً من لندن ولكن على السرير الأبيض.

 

مشوار الألم
ترك سقوطها في طفولتها أثر واضح على عمودها الفقري فكان يعاودها الألم من حين لآخر واشتد عند قيامها بتنفيذ مسلسل (هو وهي) حيث أجريت لها عملية جراحية خارج مصر وكذلك عند قيامها بأداء فيلم (المتوحشة) وإصرارها على القيام بدور فتاة السيرك التي تؤدي حركات خاصة من مسافات مرتفعه رفضت حينها استبدالها بالدوبلير وأدت المشهد وسقطت ليعاودها الألم… أما في المرحلة الأخيرة من حياتها تحول الألم إلى العصب السادس من الوجه واضطرت معه للغياب عن الشاشة والإبتعاد عن جمهورها لتحافظ على الصورة التي ارتسمت لها في مخيلتهم، وانتقلت إلى لندن لمواصلة العلاج على نفقة الحكومة المصرية التي انقطعت عنها قبل وفاتها… وازدادت أحوالها المادية والنفسية سوءًا.

 

رحيل سعاد
تضارب كبير في الأقوال والروايات فتكاد لا تجد شخصين تتوافق رواياتهما عن حياة الراحلة في لندن ووفاتها لكن الأرجح أنها كانت في هذه الفترة قريبة من مجموعة من الأسر الكردية التي احتوتها وساعدتها بشكل كبير على تدبر أمورها المعيشية وكانوا يشاهدون دموعها تسقط على صورها القديمة وهي تجتر ذكرياتها بصمت وتقرأ ما يكتب عنها بحرقة فقد انتشرت أخبار مرضها وسمنتها وحاجتها التي وصفها البعض بالتسول بينما يؤكد البعض الآخر أنها كانت ترفض مساعدات مجزية من أثرياء عرب حيث يذكر الإعلامي (مفيد فوزي) أنه زارها بشيك يحتوي على مبلغ كبير من أحد الشخصيات العربية فبادرته بالسؤال (هل هو مصري؟)، قال: لا.. هو فاعل خير.
قالت: إذن أشكره وأعد له المبلغ. وذكر أحد أصدقائها أن عرض مماثل تقدم لها من راقصة مصرية ورفضت خشية أن يقال (سعاد تعيش على نفقة راقصة)، وعندما نجحت في التخفيض من وزنها الذي ازداد بشكل مخيف بعد تعاطيها لعقار (الكورتيزون) المستخدم في علاج العصب السايع أرسلت ببعض حقائبها لشقتها في القاهرة وانتقلت إلى شقة صديقتها (نادية يسري) وفي نفس البناية التي شهدت حادث مقتل رائد مصري منذ سنوات انتهت حياة الفنانة (سعاد حسني).

فرضيات وإحتمالات

الإنتحار
شخصين فقط من المقربين منها يؤكدات أنها انتحرت وهما صديقتها نادية يسري وطبيبها الخاص الدكتور (وفيق مصطفى) الذي صرح في أحد اللقاءات بأنها كانت حزينة جدا ولكنها كانت تخفي حزنها بقدرتها على التمثيل والابتسام ولم تكن شخصيتها الحقيقية مثل التي نراها على الشاشة أبداً بل أنها كانت كثيراً ما تتعمد إهمال مظهرها فساهمت بنفسها في سوء حالتها النفسية من جراء رؤيتها لمظهرها العام السيء، هذه الظروف كانت الدافع وراء إقدامها على الإنتحار.

أما نادية صاحبة الشقة والتي تدير ملهى عربي في منطقة (إدجوار رود) بلندن فقد أحاطت بها أيضاً آراء متضاربة فهناك من يقول أنها سيدة أرستقراطية ثرية… وهناك من يقول أنها ليست ثرية ولكنها أرستقراطية في تعاملها… وهناك من يقول أنها غير متزنة نفسياً… وآخر ما ذكرته الصحف أنها تعرضت لمرض أصابها بالإعاقة و العجز عن الحركة أو العمل… وهي على كل حال تؤكد أن سعاد قد قامت بقص سلك البلكونة ورمت بنفسها.

 

سقوط
البوليس البريطاني أعلن بعد إطلاعه على تقرير الطبيب الشرعي أنها قد سقطت وحلل البعض ذلك بأنها فقدت توازنها بسبب زيادة وزنها وسقطت من الشرفة… مع تأجيلهم لإعلان التقرير النهائي حتى شهر أغسطس القادم.

 

القتل
الغالبية تعتقد بعد سماع هذه القصص أن سعاد حسني قد قُتلت لعدة أسباب منها:
ـ وجود فردة من (الشبشب) الذي كانت ترتدية في الحمام والأخرى في الشرفة مما يعني أنها كانت تركض.
ـ وجودها حليقة الشعر مما جعل الشرطة تشك في كونها امرأة.
ـ قص السلك الموجود في الشرفة بالرغم من أن الشرطة لم تجد الأداة التي تمت بها عملية القص.
ـ تضارب أقوال صديقتها حيث ذكرت أنها شاهدت سقوطها وهي المصعد،وفي رواية أخرى تذكر أنها تفاجأت بزحام حول البناية وعندما اقتربت وجدت جثة سعاد على الأرض.
ـ إرتباك الطبيب الخاص بها في اللقاء التلفزيوني الذي تم إجراءه معه ورده على أحد المتصلين الذي بادره بالسؤال: لماذا نشعر أنك تخفي شيء؟، فقال: "بالطبع أخفي ومن الغباء أن أكشف كل شيء الآن لكن الأيام ستكشف الكثير".
ـ تكرر حوادث السقوط والقتل في هذه البناية ولأشخاص عرب حيث أكد أحد الجيران وجود أبواب خلفية لكل شقة تساعد على اقتحام أي شخص لها ومغادرته دون أن يشعر به أحد.
ـ تأكيد عدد من المقربين منها أنها قررت كتابة مذكراتها والتي قد يتخوف البعض من ذكرهم فيها.

 

كلمة
تبقى كل هذه فرضيات من الصعب أن نجزم بصحة أحدها… بل لن تغير معرفة الحقيقة الكثير ذلك أن الحقيقة الأقوى من كل شيء آخر هي أن (سعاد) قد رحلت… والواقع أن جميع الأصوات التي تتعالى على الساحة حول هذه القضية تبحث لنفسها عن مساحة للظهور أكثر من بحثها عن الحقيقة لذلك بدأت المصداقية تختفي من الأقوال والمبالغة تبرز بوضوح، ولعل غموض الفنانة (سعاد حسني) وابتعادها عن الأضواء في الفترة الأخيرة فتح المجال لكل شخص أن يدعي أنه كان قريبا منها.

وما نقلنا لهذه الأحداث اليوم إلا إشارة إلى ظاهرة غير صحية يمارسها فراش الضوء وتباركها الصحافة العربية والفضائيات دون أن الإهتمام بتحري الدقة ودون نقل كامل للصورة… فلايعقل أن يكون البوليس الإنجليزي غافلاً عن عدم وجود المقص… ولاندري كيف يمكن أن تكون (نادية يسري) مقعدة وعاجزة عن الحركة وفي نفس الوقت متهمة بحمل سعاد وقذفها من الشرفة… ولا نفهم كيف نقرأ في نفس اليوم تصريحات تؤكد أن (سعاد حسني) كانت في حالة نفسية سيئة بينما تؤكد جهات أخرى أن معنوياتها كانت مرتفعة وتستعد للعودة إلى مصر… والعديد من التناقضات فكلٌ غنى على ليلاه في هذا الحادث.