دائرتي شهدت أعلى نسبة تصويت من النساء

"ناريمان" أول امرأة صعيدية تفوز في انتخابات برلمانية

خاص: القاهرة - ممدوح الصغير
صور وفيديو

أصبحت " ناريمان الدرمللي " حديث الشارع السياسى فى مصر بعد أن أعلنت عن رغبتها فى خوض الانتخابات فى دائرة طما فى جنوب الصعيد .... الدهشة التى أصابت الشارع السياسى سببها أن المرأة دائما تفشل فى المعارك الانتخابية ، وأن الانتخابات لعبة سياسية من الصعب أن تقهر فيها سيدة الرجال ، وخاصة فى الصعيد الذى لم يسبق لامرأة النجاح فى انتخاباته البرلمانية .

تاريخ المرأة المصرية مع البرلمان ليس فى صالح المرأة منذ أن اقتحمته للمرة الأولى عام 1957م حيث كان عدد العضوات (( 2 )) وبدأ الرقم بالتزايد من دورة لأخرى .... وفى سوهاج لم يسبق لأى امرأة ان خاضت الانتخابات كمشاركة سياسة … بل كانت المرأة لا تشارك حتى بالتصويت .

أسرة " ناريمان الدرمللى " الحاصلة على ليسانس الحقوق عارضت بقوة …دخولها للانتخابات رغم ان عائلتها تحسم الصراع الانتخابى فى طما لكن مع اصرار ناريمان رضخت الأسرة لمطلبها وساندتها فى المعركة الانتخابية .

تروى ناريمان الدرمللى قصة وصولها إلى قبة البرلمان بعد أن خاضت انتخابات ساخنة فى دائرة طما بأقصى جنوب مصر عام 2000م حيث قامت بتنظيم ندوات ومؤتمرات مع الناخبين للتعرف على همومهم فتقول : " بدأت رحلتى فى المنافسة على الفوز بعضوية البرلمان من مسقط رأسي طما وتبنت الجولة الأولى مبدأ الصدق فكان النجاح هو حليفها و قدمتنى بصورة طيبة الى الشارع السياسى فى طما ، وفى زمن بسيط صار اسمى يتردد فى شوارع الدائرة ، روايات ، اشاعات … لكن الكل كان يؤكد استحالة النجاح … لأن عقلية الناخب الصعيدى لم تنصف امرأة من قبل خاضت الانتخابات وان كنت أنا أول امرأة فى سوهاج تخوض انتخابات برلمانية فى دوائر جنوب الصعيد ، وبمرور الوقت بدأت أكسب معارك سياسية ضد خصومى الذين ذهلوا من الانتصارات المتتالية للندوات التى عقدت لى من الناخبين وساعـدنى كثيرا الود الانسانى مع أبناء الدائرة … كما أنني أصبحت أعرف العـديد من شباب ونساء القرية اللاتى كن الورقة الرابحة لى فى الانتخابات " .

وعن الوسيلة التي حققت بها هذا الود الانساني تقول : " الود الانسانى تحقق عن طريق زياراتى للمرضى - خدمة المحتاج - مساعدة الضعيف حتى يعود حقه - خدمات كثيرة نجحت فى تقديمها الى أبناء الدائرة ، الأمر الى جعلنى أدخل دائرة الترشيحات بقوة " .

و تضيف : " كانت المفاجأة عندما أعلن الحزب الوطنى قوائمه التى سوف تخوض الانتخابات تحت لوائه - كنت انا خارج القوائم لكن لم أترك اليأس يتسلل إلى تفكيرى ، أكملت الرحلة وساعدنى على ذلك أن الانتخابات سوف تجرى تحت اشراف قضائى كامل ، ووعد الرئيس مبارك بنزاهة الانتخابات .... فدخلت الانتخابات بدون غطاء سياسى ، ورشحت نفسى مرشحة مستقلة .... الأيام الأخيرة قبل انطلاق الجولة الأولى للانتخابات شهدت أحداث ساخنة ، بعد ان تردد ان هناك مخطط للإطاحة بى وعدم حصولى إلا على اصوات عائلتى مع ذلك كنت واثقة بأن الانتخابات سوف تكون عادلة كما وعد الرئيس مبارك .... وفى ليلة 18 اكتوبر سنة 2000م شهدت التاريخ الذي لا ينسى فى حياتى حيث عشت ليلة عصيبة عندما بدأ الناخبين بالتوجه الى صنادق الانتخاب منذ الصباح الباكر و كنت اقف أمام اللجان استشعر الصدق والأمل فى عيون الناس إلى أن احتدت المنافسة بين 18 مرشح على 
مقعدين ، و توافد رجال الشرطة لحمل الصناديق بعد نهاية زمن الانتخابات شعرت ان مصيرى فى عالم السياسة سوف يتحدد خلال عدة ساعات .... في الدقائق الأولى … والساعة الأولى لم أكن فى الصورة … ولكن بدأت الزحف … كنت الأولى فى كل لجنة … تفوقت بأصوات كبيرة عن المنافسين وتأكد بقائى فى المنافسة قبل نهاية الفرز بزمن .... وتقرر اقامة معركة سياسية أخرى - إعادة لـ 4 مرشحين حصلوا على أعلى الأصوات شعرت بأن النجاح يقترب مني فر سمت خطة سياسة جديدة فى الأيام القليلة ، وحان موعد لقاء الاعادة بعد 7 ايام من الجولة الأولى " .

الجولة الأخيرة


" 10 ساعات ويتحدد مستقبل المرشحين الأربعة ، وصلنا الى نهاية المرحلة … سيارات الشرطة حملت الصناديق الى مكان فرز الأصوات عندما بدأ الفرز - اقتربت احلامى من أن أكون نائبة بمجلس الشعب … بعد الساعات الأولى بدأ حلمى يتحول الى واقع … اطلق الناخبين الذين ادلوا بأصواتهم لى أعيرة نارية ابتهاجا بتقدمى على المنافسين ، وزاد صوت الأعيرة النارية ، فأنا مع كل دقيقة اقترب من النجاح بقوة .... وقبل أن يعلن القاضى النتيجة النهائية كانت الأفراح مقامة فى كل قرى الدائرة - نجحت بأعلى الأصوات - أكثر من 32 ألف صوت – و الدائرة شهدت أعلى نسبة تصويت من النساء اكثر من 10 آلاف امرأة كانت لا تشارك فى الانتخابات شاركن من أجلى " .... 

وتضيف : " الأفراح هى سمة طما - كل منزل - كل أسرة فرحت لى ، الرغبة فى اختيار من يمثلهم جعلتهم يقفون معى حتى النهاية ، أنا لم أكن أتوقع ان أحظى بكل هذا الحب من أبناء الدائرة ، ولكن هناك مقولة مشهورة … من زرع حصد … أنا زرعت - ود ، وحب انسانى مع الناس ، وحصدت النجاح " .

وتعلق ناريمان الدرمللى بأنها منذ طفولتها لم تكن تحلم او تتوقع أن تكون نائبة بمجلس الشعب … وان الفضل فى تجربة خوضها للانتخابات يرجع الى المجلس القومى للمرأة الذى أعد دورات مكثفة لتثقيف المرأة سياسيا ، وطالب المجلس بضرورة خوض حواء الانتخابات السياسية .

وعن دور المجلس القومى للمرأة ، قالت ان المجلس قدم الكثير للمرأة المصرية و أن السيدة / سوزان مبارك قرينة الرئيس مبارك بدأت فى اتخاذ خطوات سليمة للتغلب على مشاكل المرأة .... و من جهتها د. ميرفت التلاوى - الأمين العام للمجلس بذلت مجهودا شاقا مع كل العضوات اللاتى شاركن فى الانتخابات ووفرت لهن دعم معنوى من المجلس القومى للمرأة .

وتؤكد ناريمان الدرمللى ان المرأة العربية قادرة على خوض الانتخابات ودخول مجلس النواب ولكن عليها ان تخوض التجربة وألا تفكر فى الفشل والنجاح لأن المحاولة شىء جميل بغض النظر عن التوفيق أو الفشل ، خاصة ان المرأة العربية اليوم تختلف عن الأمس بثقافتها وعلمها .

وفي سؤالنا لها عن مدى تأثير المال على حسم المعارك الانتخابية تقول : " أحيانا يؤثر المال فى حسم المعركة ، ولكن لو كانت الدائرة قليلة العـدد ، بالاضافة الى أن هناك افراد يرفضون بيع ارادتهم بالمال وتكثر هذه النوعية فى جنوب الصعيد الفقير فالصعيدى لديه شىء يحافظ عليه باستمرار هو الكرامة وحرية رأيه ويرفض أن يبيع رأيه وفكره مهما كان الثمن " .