بين التأثير وعدمه تأرجحت رؤى اللغويين

لغة المحادثة الالكترونية، تعريب أم تغريب؟

عبد الكريم حسين - فلسطين
صور وفيديو

قدمت التكنولوجيا خدمات متعددة في كافة المجالات وساهمت التفاعلية والتي تعد احد أبرز سماتها تقليص الفجوة بين الشعوب المختلفة، الأمر الذي أدى إلى ظهور طريقة كتابة خاصة يتم فيها المزج بين الحروف والأرقام، حيث تتم الاستعاضة عن بعض الحروف العربية التي ليس لها مرادف في أحرف الانجليزية بالأرقام، مثلاً رقم 7 يعني الحرف "ح"، وتبدل الهمزة برقم "2"، وحرف الطاء برقم "6"، وحرف الصاد يقصد به رقم "9"،
ومع ارتفاع استخدام الشباب لهذه الطريقة والتي يطلق عليها (المحادثة الالكترونية) بات التخوف من فقدان العربية الفصحى لجوهرها، عربيات استطلعت عدد من الآراء لمعرفة رؤية الشباب حول هذا التوجه.


رفض القيود حتى في طريقة الكتابة، وأسلوب لإتقان الانجليزية


في البداية يقول الطالب الجامعي عميد الفحماوي- 20عاما- :" استخدم طريقة  المحادثة الالكترونية لإثبات تطوري الفكري والمعرفي، ولعدم وجود فيها قواعد إملائية أثناء كتابتها، حيث كل شخص يصنع مصطلحات معينة، ويكتبها وتكون مفهومة للجميع، فيمكن كتابة كلمة واحدة بأكثر من طريقة، على عكس الكتابة باللغة العربية".
ويؤكد الفحماوي بأن الكتابة بهذه الطريقة طورت ثقافته الانجليزية وذلك من خلال استخدام كلمات انجليزية بين الكلمات العربية، وكسرت حاجز الخوف من اللغة الانجليزية، ويضيف: " لغة المحادثة الالكترونية هي الخطوة الأولى لتعلم اللغة الانجليزية، وحالياً استطيع كتابة وقراءة اللغة الانجليزية بفضلها".
ومن جانبه، ينصح ماهر النبالي - 35 عاماً- استخدام تلك الطريقة كونها سهلة وبسيطة في الكتابة والفهم، وهي لغة جديدة تجمع بين أحرف اللغة الانجليزية بمعاني عربية، وهذا دليل على التقدم والتطور، ولا تؤثر على اللغة العربية وفقا لقوله.


تحمل طموحات وتطلعات الشباب، ووسيلة لانتشار العربية عالمياً


ويتفق معهما الشاب عيسي موضحاً: " ( لغة المحادثة الالكترونية) هي لغة شباب اليوم، تعكس طموحهم وتطلعاتهم نحو التغيير والحداثة، كما أنها تقوي اللغة الانجليزية وتحافظ على المعاني العربية، وانتشارها في العالم الغربي سيساعد الغرب على فهم مصطلحات عربية صعبة".
ويؤكد عيسي رغم عدم دراسته الجامعية على أهمية اللغة، كونها قادرة على إيصال المعلومة والمعاني دون تعقيد وقراءتها سهلة، وليست بحاجة إلى مترجم، كباقي اللغات.

وتقول نسرين طقاطقة - 22 عاما- : "أوجد الشباب العربي تلك الطريقة في الكتابة من خلال استخدامهم لوسائل التكنولوجيا الحديثة، التي لا تحتوي خيار أحرف اللغة العربية، منها: بعض أجهزة الكمبيوتر، والهاتف النقال، أما ما يميزها هو الشعور بالخصوصية أثناء كتابتها، وسهولة التعبير عن الكلمات العامية، كما لا يوجد فيها حركات كاللغة العربية".

وفي نفس السياق، يعتقد الطالب المدرسي حماد علي - 16عاماً- بأن (لغة المحادثة الالكترونية) لن تؤثر على اللغة العربية، كونها تساعد الشباب على التواصل مع الآخرين بطريقة سهلة وعلمية تعتمد بشكل أساسي على المعاني العربية والأحرف الانجليزية معاً، ويضيف: "بصراحة، بعد أن استخدمت طريقة المحادثة الالكترونية أصبح لدي حافزاً كبيراً في تعلم اللغة الانجليزية".


محاولة لطمس العربية، ودعوة لتغريبها


وترفض أكرام أبو عيشة -24عاماً- خريجة صحافة وإعلام، استخدام تلك الطريقة في الكتابة بشكل مبالغ فيه، مع أنها تستخدمها من باب التجربة في بعض الأوقات على حد قولها، وتشير بأن الشباب يستخدمون هذه الطريقة من باب اللحاق بركب الموضة ومواكبة كل ما هو جديد، ومن خلالها سيعتادون على الطباعة باللغة الانجليزية، ويتعلمون مصطلحات انجليزية مما يثري لغتهم، وتضيف: "من أبرز سلبياتها أنها تؤثر على اللغة العربية وعلى مدى معرفة الشباب بقواعد اللغة العربية خاصة وأنهم ينظرون إليها بأنها لغة الموضة الدارجة بين الشباب".

وتعتقد مي عيسي- 21 عاما- طالبة جامعية، بأن انتشار استخدام طريقة المحادثة الالكترونية هي محاولة لطمس اللغة العربية بدون أن نشعر بخطورة الأمر، وتسأل عيسي: " لغتنا عربية فلماذا نكتبها بأحرف اللغة الانجليزية، فلا أجد سبب مقنع لذلك، ويلزمنا أن نعتز بلغتنا ولا نحاول تغريبها بأحرف انجليزية".


حملة إحياء اللغة العربية


ويقول شادي أبو شمعة -24عاماً- : " قمت بإنشاء صفحة على "الفيس بوك" بجهد شخصي لإحياء اللغة العربية قبل ستة أشهر تقريباً من الآن، لأنني شعرت بأن طريقة المحادثة الالكترونية منتشرة وتأخذ حيزاً كبيراً بين الشباب، ولم تعد تقتصر على برامج المحادثة وبعض المواقع الالكترونية".

ويرى أبو شمعة بأن الكتابة بهذه الطريقة تصرف غير مسئول، وهي الخطوة الأولى من مرحلة انقراض وانعدام اللغة العربية، فالتفريط بركيزة هامة جداً من ركائز اللغة العربية عبارة عن إهانة بحق اللغة، ومتحدثيها، ويتذرع كتّاب تلك اللغة بأنها سهلة وسريعة الطباعة على عكس قواعد اللغة العربية، كما يكتبون بطريقة لا تستند إلى أي قواعد لغوية أو إملائية، كما يدعون".
ويعتقد أبو شمعة بأن طريقة المحادثة الالكترونية تفتقر إلى القوانين وضوابط اللغة، ومن خلالها يحاول الشباب العربي في كافة المجالات الاجتماعية، والثقافية، والسياسية التحرر من أي قوانين وضوابط تقف حاجزاً أمام طموحاتهم.


بين التأثير وعدمه تأرجحت رؤى اللغويين


من جانبه، يقول أستاذ اللغة العربية الأستاذ مفيد حماد: " الكتابة بطريقة المحادثة الالكترونية لا تقوم على قواعد معينة، ولا تستخدم المصطلحات العربية، ولا الأصوات، كما لا تساعد على تعليم اللغة الانجليزية، فهي لغة عامية بحتة، ومن الممكن أن تؤثر على قراءة الطلاب فتضعفها، خاصة قراءة القرآن الكريم، ومن الملاحظة سنجد بأن هؤلاء الشباب لا يستطيعوا التمييز بين الأحرف العربية والانجليزية".
ويختلف معه بالرأي أستاذ اللغة العربية، الأستاذ مصلح عوض: "طريقة المحادثة الالكترونية لن تؤثر على اللغة العربية، ولن تضعفها، لأن التعليم والتدريس والكتابة وغيره يعتمد على اللغة العربية، حتى التعليم في المدارس والجامعات يعتمد على اللغة العربية".
ويضيف: " اللغة العربية لها تاريخ وحضارة وهي لغة القرآن الكريم، أكبر وأقوي من أي لغة، من غير المعقول الحديث بأن لغة المحادثة الالكترونية ستؤثر على اللغة العربية".

كانت هذه بعض الرؤى التي حصلت عليها عربيات، ونسعد بمشاركتنا والقراء تجاربكم ورؤيتكم في استخدام طريقة المحادثة الالكترونية في الكتابة، وتأثيرها على العربية.