ميدالية الحجر الأسود، وتطبيق رؤية الماضي في سوق عكاظ أهم اختراعاته

المخترع الزايدي: الأفكار الجديدة دائماً ما تحارب

الطائف: سلطان المنصوري
صور وفيديو

كانت مداخلة المهندس محمد عواض الزايدي في ندوة (نقل المملكة إلى مجتمع المعرفة عبر الخطة الوطنية للعلوم والتقنية) التي ألقاها سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد -نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية -ضمن فعاليات سوق عكاظ الخامس مفاجئة حيث أشارت ضمنياً إلى أهمية تغيير بعض الأنظمة التي تقف في وجه الانفجار المعرفي والتكنولوجي الذي يقدمه العقل السعودي الشاب، ولفتت إلى أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أصبحت تنفر العقول بدلاً من أن تجذبهم وذلك بسبب خططها التي تتطلب انتظار وسنوات طويلة بدون رد وتجاوب ولم تعد تقدم رسالتها في استثمار عقول الشباب ومنتجاتهم.
الزايدي هو أحد المخترعين الشباب المشاركين بسوق عكاظ ضمن خطة سوق عكاظ (مدينة المستقبل) والذي قدم أفكاره ومشاريعه التي تركز على الدور التقني وأهميته الحياتية لكن مبتكراته تختلف عن جميع ما يقدمه الشباب فهو يصنع هوية وطنية تميز مبتكراته وتحافظ على هوية المكان، ولا تستغرب إن نقلتك إحدى ابتكاراته إلى زمان ليس بزمانك.

سر البداية
عربيات  استضافت المهندس محمد عواض الزايدي وقبل طرح الانجازات كان لا بد من وقفة على البداية والتي بفضل الإصرار لم تتعثر بالرغم من العقبات التي اعترضته، فيقول عنها: "البداية كانت بعد حصولي على بكالوريوس الهندسة الكهربائية والحاسبات حيث كان محور حديث زملاء الدراسة هو الحصول على فرصة عمل ووظيفة مرموقة، كنت أملك في تلك الأثناء هدف مختلف، ورغبات مغايرة عن بقية زملائي المهندسين، فقررت أن أشق طريقي الخاص والتوجه لمجال الأعمال، وكان هذا الطريق شاق و صعب, أكثر بكثير مما توقعت و لكنه فجر لدي طاقات الإبداع والتحدي والمثابرة، فالمعرفة التي اكتسبتها عن طريق الدورات التدريبية الخاصة بإدارة المشاريع الصغيرة وإعداد خطط العمل هي من أسهم في استمراري رغم كل تلك الصعاب، فبدأت مشروعي الصغير لياليكوم للهدايا المبتكرة بمكة المكرمة".

 

الزايدي لم يكتف بمؤسسته التجارية فأصبح مشاركاً ضمن المنافسات الوطنية لمشاريع الشباب حيث يذكر ذلك بقوله: "سمعت عن المنافسة الوطنية الثانية لأفضل خطط عمل لمشاريع الشباب فقمت بإعداد خطة عمل درست من خلالها سوق هدايا الحجاج و المعتمرين، وخلصت الدراسة إلى أن هناك شريحة واسعة من الحجاج والمعتمرين – المهتمين بالحاسب الآلي والانترنت- من فئة عمرية معينة و دخل أعلى من المتوسط لا يجدون هدايا تناسب احتياجاتهم، فابتكرت هدايا رقمية حديثة قمت بتطويرها بحكم تخصصي في الهندسة الكهربائية و الحاسبات، و لله الحمد فازت خطة العمل التي تقدمت بها للمنافسة والتي اطلقت عليها- هدية مكة المكرمة الرقمية- بالمركز الثالث، وتشرفت باستلام الجائزة من يد سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله، والحقيقة التكريم الكبير الذي حصلت عليه بفضل من الله كان أكبر حافز لتنفيذ خطة العمل الفائزة على أرض الواقع بالتدريج و بشكل جزئي حسب إمكانياتي و مواردي المحدودة جداً".


يبهرك هذا المبتكر بأنه لا يخترع فقط وإنما ينظر للأبعاد التسويقية لما يبتكره، وعن ذلك يوضح: " قمت بابتكار طريقة خلاقة لتسويق المنتج باستخدام تقنية الواقع المدمج بحيث يتمكن العميل من مشاهدة المحتوى الرقمي داخل المنتج قبل شراءه بمجرد تعريض كاميرا الويب أو الجوال لعلامة معينة وضعت على تغليف المنتج من الخارج".

قصة الشاعر الجاهلي الذي ألقى قصيدته على زوار السوق 


ومن الطابع الروحي والابتكار المقدس إلى قراءة التاريخ من خلال التكنولوجيا، فالزايدي لديه اختراع صنعه لأجل سوق عكاظ ويحكي عنه بقوله: "بعد فوزي بالمنافسة الوطنية لأفضل خطط عمل ونجاح التسويق للمنتج قمنا أنا وأخي المهندس عبد الواحد باختراع تطبيق رياضي جماهيري باستخدام تقنية الواقع المدمج بالإضافة إلى ثلاث دراسات تفصيلية لمنتجات مبتكرة تعتمد على التقنية وأيضا مشروع يعد الأول من نوعه على مستوى المنطقة وهو (ابتكار مشاهدة الماضي في سوق عكاظ باستخدام تقنية الواقع المدمج) هذا المشروع تم عرضه على المسئولين عن سوق عكاظ ولقد أبدوا إعجابهم بفكرة المشروع لكونه يستخدم التقنية لجعل زوار السوق يتخيلون كيف كان حال السوق قديماً وهي تجربة ستكون بإذن الله ممتعة ومثيرة لزوار السوق في السنوات القادمة، وستشبع رغبة المهتمين بالأدب والتاريخ في السفر عبر الزمن ومحاكاة الماضي لتجسيد الشخصيات التاريخية والشعراء الجاهليون ومشاهدتهم بشكل افتراضي ثلاثي الأبعاد، وقد تم عرض نموذج أولي لمخرجات المشروع خلال سوق عكاظ الخامس في معرض المبتكرات العلمية وهو عبارة عن شاعر جاهلي معروف يلقي قصيدته، لقد لاقت التجربة نجاح وإقبال من قبل زوار السوق بفضل الله".


ورغم ما حققه الزايدي إلا أن الجهات الداعمة ما زالت تعاني من تردد حول المشاريع المبتكرة، هذا ما أكده الزايدي، موضحاً: "كل هذه المنتجات المبتكرة بالإضافة إلى براءة الاختراع وضعناها في خطة عمل متكاملة لتأسيس شركة جديدة تقدم خدمات ومنتجات تعتمد على التقنية وأسميناها (الشركة السعودية لابتكارات التقنية)، وقد تم التقدم بهذه الخطة للعديد من الجهات التمويلية والمحتضنة للمشاريع الريادية والمعتمدة على التقنية، وللأسف على الرغم من الإشادة بخطة العمل والمنتجات المبتكرة التي نقدمها إلا أننا وجدنا بطء شديد وتردد غير مبرر في اتخاذ إجراءات عملية للتمويل والاحتضان وبدون أسباب واضحة، وذلك من وجهة نظري لعدم وجود رؤية واضحة لهذه الجهات، بالإضافة إلى أنه لا يوجد لديهم تعريف واضح لنوعية المشاريع الريادية والقائمة على اقتصاد المعرفة والتي من خصائصها أن بها نسبة من المخاطرة نظراً لأنها قائمة على منتجات مبتكرة، إضافة إلى أننا لاحظنا عدم الثقة في إمكانيات الشباب السعودي وقدراته، الأمر الذي يجعل بعض الأحكام تصدر بصفة شخصية وليست موضوعية، مما جعلنا نعتمد على أنفسنا والبدء في تأسيس أول شركة سعودية تنتج تطبيقات عملية لتقنية الواقع المدمج أطلقنا عليها (ابتكارات العلوم للتقنية)، وسنشارك في معرض شباب الأعمال القادم لعرض هذه الابتكارات والمنتجات والتعريف بها". 

الإصرار هو الرد العملي للمشككين في قدرات الشباب 


ويشارك المهندس محمد الزايدي في مشاريع الواقع المدمج وفيه تنفيذ المشاريع شقيقه المهندس عبد الواحد المتخصص في تقنية المعلومات، وهذا ما يجعل الزايدي قادراً على تجاوز بعض العقبات وعن دور هذه المساندة يحكي الزايدي ذلك بقوله: "لأخي المهندس عبد الواحد الفضل الكبير في استمراري ومواصلتي في طريق الابتكار والأعمال حيث أنه دائماً ما يقوم بتشجيعي وتحفيزي على الإصرار والمواصلة في تجاوز العقبات التي تعترض مشاريعنا الطموحة، بالإضافة إلى أنه متخصص في مجال برمجيات الجوال، و حاصل على درجة الماجستير في تقنية المعلومات مما جعلنا نكون فريق عمل متجانس نجتمع مع بعضنا البعض كل فترة لمناقشة الأفكار الجديدة وكيفية تطبيقها وتحويلها لمنتجات تناسب سوقنا المحلي ومجتمعنا، بالإضافة إلى أنه لدينا اهتمامات مشتركة فنحن حريصين على الاطلاع والمتابعة لآخر مستجدات التقنية وبالذات تقنية الواقع المدمج وذلك عن طريق الحضور والمشاركة في المؤتمرات والمعارض العلمية المتخصصة التي تقام في المملكة و خارجها، هذه المشاركات أعطتنا الخبرة والدافع في المواصلة، وأعطتنا كذلك الثقة في إمكانياتنا حيث أن مشاركتنا الأخيرة في مؤتمر الجوال الدولي والذي أقيم في مدينة برشلونة بأسبانيا وشاركنا فيه بتطبيق يستخدم تقنية الواقع المدمج في مسابقة تضم مطورين للتقنية من شتى دول العالم وقد حازت مشاركتنا على الإعجاب والإشادة من قبل شركات عالمية لها باع طويل في مجال تقنية وبرمجيات الجوال مثل شركة كوالكوم والتي عرضت علينا الدعم والمشاركة في تطوير التطبيق إلا أننا فضلنا العمل بأنفسنا والتركيز في الفترة الحالية على تأسيس الشركة".


ومن خلال تجربة هذا العقل البشري المبدع يوجه رسالته عبر عربيات لجيل الشباب المخترع بقوله: "رسالتي لكل شاب: لا تجعل السلبيين والمشككين يؤثرون عليك، ثق بنفسك وقدراتك، فالأفكار الجديدة دائماً ما تحارب، وكلنا يقع عليه واجب الإصرار على مشاريعنا وأفكارنا، لذا لا تنتظر الآخرين ليساعدوك، بل بادر بتنفيذها وفق إمكانياتك وستجد المشككين في قدراتك هم أول المهنئين لك".