خلافات... مشادات... أديان... وقضايا عربية في برلمان الهايد بارك المفتوح

زاوية الخطباء في هايدبارك لندن هل تحولت إلى ساحة حوار عربية؟

عربيات - خاص
صور وفيديو

لو سبق لك زيارة العاصمة البريطانية ( لندن ) ولم تذهب إلى ( زاوية الخطابة ) في حديقة الهايدبارك فاعلم انه قد غاب عنك معلم هام من معالمها.. حيث يمتد تاريخ هذا الركن إلى مائة وخمسين عاماً شهد خلالها نقاشات منها الهام ومنها مالايعدو عن كونه حديث سطحي للتعبير الشخصي عن مكنونات النفس ومنها ما يمكن تصنيفه بالجنون.

يعتقد الزوار لهذا المكان أن مستوى الحوارات فيه في السنوات الأخيرة قد تدنى وأصبح لا يجذبهم ولا يطرح مواضيع جديدة كما كان في السابق ... هذا ما لمسناه بالفعل فالتجول في هذا المكان أشبه برحلة ( أليس في بلاد العجائب ) تتعرف من خلالها على توجهات مختلفة ولكن من النادر أن تكون مفيدة.

في هذا الأسبوع قام فريق عربيات بجولة فريدة في ( زاوية الخطباء ) لننقل لكم مايجري هناك من قلب الحدث الأسبوعي الذي يتكرر كل يوم أحد.

نبذة عن زاوية الخطباء 

تقع هذه الزاوية في أحد جوانب حديقة (Hyde Park) اللندنية الشهيرة والتي تتوسط قلب لندن بمساحاتها الخضراء الواسعة .... ولعل ما يميز هذه الحديقة عن غيرها هو ماتحتويه من نشاطات ثقافية ومعارض فنية وحفلات موسيقية مما يجعلها ملتقى عالمي تم استثماره بأفضل شكل ممكن لتوظيف هذه المساحة لخدمة السائح والمواطن ... ومن أهم أركانها (زاوية الخطباء ) التي ولدت أثناء الصراعات البرلمانية الإصلاحية في القرن التاسع عشر لتمديد حق التصويت وليشمل جميع شرائح المجتمع ثم تطور الأمر ليتسع للحوار الحر الذي يعتبر حق للمواطن والزائر في أي موضوع يشاء طرحه ... اليوم تعتبر هذه الزاوية برلمان مفتوح لا يتطلب من الخطيب سوى إعتلاء منبره ( أو كرسي في أغلب الأحيان ) ليتحدث عن أي قضية تشغله دون قيود أو محظورات ... ويعتمد تفاعل الجمهور معه على قدرته على جذبهم حوله وإثارتهم ... وقد ينفض التجمع من أمام الخطيب مباشرة للإنتقال لسماع خطبة أخرى ان لم ينجح في إثارة انتباههم إلى الموضوع الذي يناقشه ... وهذا هو موعد بريطانيا مع زاوية الخطباء في كل يوم أحد بعد أن أصبحت معلم تاريخي له دلالات فريدة في التاريخ السياسي المعاصر لبريطانيا.

مشاهد متفرقة

في بداية جولتنا لاحظنا ومن الوهلة الأولى تراجع كبير في الإقبال على هذا المكان مقارنة بما كان يشهده من تدفق الجمهور وتزايد عدد الخطباء في الأعوام السابقة ... ولكن الملاحظة الأهم هي أن 80% من الزوار هم من السواح أو السكان العرب في لندن ، وأيضا نسبة مشابهة يمكن بها تصنيف الخطباء والمواضيع المطروحة .... فتشعر وكأتك في ساحة عربية.

المساواة في الإسلام

هنا خطيب افريقي مسلم يرفع علم ( لا إله إلا الله محمداً رسول الله ) ويتحدث باللغة الإنجليزية عن عظمة الإسلام وعدم تفريقه بين الشعوب من حيث اللون والعرقية... ويطالب بتغيير نظرة القومية العربية التي جعلت من الإسلام كأنه حكراً على العرب فنبذوا شعوباً كثيرة مسلمة يمكنها أن تدعم القضايا الإسلامية بقوة ... ودعا الخطيب إلى الوحدة الإسلامية بغض النظر عن الجنسية واللون والإنتماء لتزداد قوة الإسلام ويتحقق تحرير القدس من أيدي اليهود... أما الجمهور الملتف حوله فكان يتراوح بين الأفارقة الذين يقدمون له التشجيع ، والأجانب الذين انفضوا سريعاً ... وبعض العرب الذين يتنقلون لسماع مقتطفات من هنا وهناك.

لاحقنا أحد الأجانب الذين فروا من منبره نسألهم عن السبب فأجاب : " لأنه يلقي خطاب إنشائي حول موضوع لست مهتماً به إلى جانب أن طريقة طرحه لا تستهدف الحوار بل هي من طرف واحد يريد أن يقول شيء ليسمعه الآخرون وهذا يجعل الخطبة مملة".

تسع سنوات من الدعوة إلى الإسلام في زاوية الخطباء

 

 

شخص آخر افريقي متحمس للموضوع يقول : " الخطيب (الشيخ عبدالقادر) إنسان رائع أسلم على يده عدد من الأفارقة هنا وهو بارع في توضيح النقاط التي جاء بها الإسلام للمساواة بين البشر ... ولأني أعرفه شخصياً أحاول أن أساعده على نشر فكره الذي يخدم الإسلام ( على حد قوله) ونناقش دائماً في جلساتنا معه النقاط التي يتم طرحها هنا لنستقطب أكبر عدد من الجمهور"... بادرته بالسؤال :"ولكنه غادر مكانه سريعاً ، لماذا؟"....أجاب:"لأن هناك إتفاق بين أفراد مجموعتنا على تبادل الأماكن بين الخطباء ولكل خطيب وقت محدد يلقي خلاله كلمته ثم يتيح المجال لخطيب آخر"... يستدرك: "إذا اعجبتك خطبة الشيخ عبدالقادر يمكنك العودة بعد ساعات لأنه سيلقيها من جديد في الفترة المسائية نظراً لتغير الجمهور المستمع من وقت لآخر".

 

 

 

 

عندما شاهدناه في المرة الأولى يعتلي منبره في (زاوية الخطباء) بلندن جذبتنا طريقة حواره ومناظرته لغير المسلمين... (عبدالرزاق البيزان) شاب ليبي ملتحي يجيد اللغة الإنجليزية ويدعو إلى الدين الإسلامي بسماحة وأدلة منطقية باعتماده على توجيه الأسئلة للجماهير الغفيرة التي تجتمع حوله مع التركيز على غير المسلمين ليجعلهم من خلال إجاباتهم على اسئلته يستنبطون تلقائياً ما يريد هو أن يقوله عن الإسلام والرسالة المحمدية الخالدة ...

وعندما أردنا أن نطرح موضوع ( زاوية الخطباء ) المعروفة في لندن لم نجد خيراً منه ليحدثنا عن تجربته في هذا المكان وعن إسلام عدد كبير من النساء والرجال على يده ...

التفاصيل

 

الترويج لإصداراته الخاصة تحت شعار القضية الفلسطينية

على الجانب الآخر يقف أكثر الخطباء شهرة في (زاوية الخطباء) وهو من أصل باكستاني يتجمع حوله عدد كبير من الجمهور ربما لأنه الأكثر إثارة ... فهو يرفع علم فلسطين ... يصرخ ... يهاجم ... ويحمل في كل مرة أحد كتبه الموجودة في الأسواق لتكون محتوياتها محور حديثه

يقول أحد الزوار:" هذا الخطيب يشدك في البداية بكلمات رنانة وألفاظ قوية ماتلبث أن تشعر بعدها أنه يروج لكتابه حتى تخرج من هنا إلى المكتبة وتشتري أعماله ، وهي لا تختلف كثيراً عن أسلوب طرحه في ( زاوية الخطباء ) حيث يتبع أسلوب صحف (التابلويد) والفضائح التي قد تحتوي على حقيقة يقابلها الكثير من المبالغة والتدليس للإثارة والإنتشار"....يستدرك قائلاً:"صوته المرتفع أزعجني سأغادر هذا المكان حالاً".

ويرتفع صوت من الجمهور يصرخ في الخطيب :" هل يمكنك أن تزيل علم فلسطين لأنه يسيء لها بحديثك عنها فأنت لا تدرك ما تقول!!!"....ينزعج الخطيب ويرتفع صوته أكثر وهو يجيب على هذا الشخص قائلاً :" بالطبع أنت تقول ذلك لأنك لا تحمل همومك العربية وأنت من لايعرف شيء عن نصرة القضية الفلسطينية و....." إلى هنا وانسحبنا نحن أيضاً إلى منبر آخر....

الكشف عن مسيحي يدعي الإسلام ويسيء إليه

لم يكن أمامنا خيار فقد سمعنا أصوات عربية وتجمع بلا منبر يدل على وجود مشادة بين مجموعة من العرب ، اتجهنا نحو الصوت لنعرف القصة...فوجدنا وسط التجمع والأصوات المتعالية رجل يرتدي الملابس العربية ويبدو كبير في السن يحاول أن يثني شاب عربي عن إكمال خطابه وإعتلاء المنبر ويعاونه على ذلك عدد من الأشخاص ، وبالرغم من حدة الموقف لم يتعدَ أحدهم حدود الكلام فالشرطة تقف على الجانب الآخر لتمنع أي تعرض بالضرب ... حاولنا أن ننفرد بأحد الأفراد لمعرفة ما حدث ووجدنا الأخ ( ح . س) مصري الجنسية يقول:" هذا الشاب يتحدث منذ الصباح عن الإسلام ويحاول أن يوهمنا بأنه مسلم بالرغم من أنه يبث أفكار منفرة وغير صحيحة...واكتشفنا بعدها أنه عربي مسيحي يحاول الإساءة للإسلام والمسلمين بشكل غير مباشر من خلال حديثه المشين ليترك أثر سلبي عن المسلمين ، لن نسمح له بعمل ذلك"...واستمرت المشادة الكلامية بين أطراف هذا التجمع حتى وصلت إلى التراشق بالألفاظ النابية ... مرة أخرى آثرنا الإنسحاب بحثاً عن منبر آخر..

ومرة أخرى نجد أمامنا منبر يرفع شعار إسلامي يتحدث إلى جانبه خطيب يبشر بأنه الخليفة الجديد للمسلمين ويردد أفكار لم ينزل الله بها من سلطان ، عندها بدأ أحد العرب بمناظرته ومخالفة أقواله وظهرت بوادر جديدة للتراشق بالكلمات عندما وجه له أحد الحضور سؤال( هل لك أن تخبرنا من هو الخليفة السابق الذي ولاك علينا في الهايدبارك؟)...وبدأ الجمع ينفض من حوله بتذمر شديد حتى يترك المكان.

تتواصل جولتنا في هذا العالم الغريب لنصل إلى زاوية تتحدث عن حقوق الإنسان ... وضرورة رفع ميزانية الرعاية الصحية في بريطانيا لعلاج مرضى الإيدز والأمراض الأخرى المستعصية وتوفير حياة كريمة لهم....تدخل أحد الأشخاص يطلب منه أولاً أن يتحدث عن أسباب تفشي هذه الأمراض ووسائل الحد منها ... فأجابه :" هذا ليس موضوعنا فأنا أوجه رسالة أطالب فيها بحقوق لابد أن يتم توفيرها لنا"...

لمحنا ذكاء في هذا السؤال واتجهنا لمعرفة ما يرمي إليه...فأجاب ( ريتشارد هادرسون) قائلاً :"هي رغبة مني للإشارة إلى أن هذه الأمراض تنتج عن الفساد والممارسات الغير سوية والتي لا نريد أن يتكيف معها مجتمعنا ويقبلها مثل المخدرات وغيرها فيفتقد الإنسان للوعي اللازم ثم يطالب بحقوقه في الوقت الذي لم يحافظ هو نفسه على واجباته بحماية نفسه...لا أعتقد أن وزارات الصحة ستكون أكثر رأفة بنا من أنفسنا...هذا ما أردت قوله لكن لم يتح لي المجال".

مختل يبشر بديانة جديدة وإله جديد

جذبنا من الركن الآخر صوت غناء استغربناه في بداية الأمر فمنطقة الحفلات الغنائية بعيدة إلى حد ما عن ( زاوية الخطابة ) واتجهنا نحو الصوت لنجد رجل نيجيري يرتدي ملابس بيضاء ويغني ويعلق وراءه لوحات كبيرة تحتوي على القضية التي جاء يتحدث عنها ... وكانت المفاجأة ... فهو يتحدث في البداية عن دور الأديان في تنقية الروح وعلاج الأمراض النفسية والجسدية مع ضرورة الإلتزام بأسس للحياة السليمة حتى لا يكون مصيرك النار...إلى أن وصلنا إلى مقطع من الرسالة المكتوبة يدعي فيها وجود دين جديد يشفي المرضى في نيجيريا وإله جديد ( جل الله سبحانه وتعالى عن هذه الإدعاءات) ... فما كان غناء هذا الخطيب إلا طقوس دينية مرتبطه بديانته المزعومة ... ثم بدأ يتحدث عن الحلال والحرام كما تعلمه والحقيقه أنه لم يذكر أي محللات لأن كل شيء محرم لديه وأي شيء تفعله ستدخل بسببه النار....لوتزوجت بامرأة ستدخل النار....ولو أقمت علاقة شاذة ستدخل النار...ولو لم تؤمن بعقيدته الفاسدة والشخص الذي يعبده(وهو معتقل في السجون النيجيرية بسبب مايدعيه) ستدخل النار....ولم يمهلونه كثيراً فقد حضرت المجموعة المتخصصة بالتشويش على كل من يهذي في هذا المكان.

 

حكام زاوية الخطباء

 

هم مجموعة من الشباب ينتمون لبلاد مختلفة بدأوا بمقاطعة الخطيب مع كل كلمة لإلقاء تعليق ساخر والضحك على ما يدعيه....ووجدنا من بينهم شاب عربي سألناه :" ماذا تفعل هنا؟"....أجاب: " أنا أدرس في بريطانيا ونأتي أنا وزملائي كل يوم أحد لزيارة ركن الخطابة وقضاء ساعات من المرح نركز فيها على الخطباء الذين يبثون أفكار سخيفة ونحاول أن لا نمنحهم الفرصة للحديث لأنهم لا يستحقون ذلك "....سألناه :" ولكن لاحظنا أنكم تمارسون نفس التصرفات مع جميع الخطباء ربما فقط مع تفاوت في الضجيج الذي تصدرونه!!!"....أجاب: " هذا غير صحيح ، هناك فرق بين التشويش والتشجيع فهنا مثلاً نحن نسخر مما يقوله هذا الخطيب وأي شخص يشاهد سيعلم أننا نسفه أقواله....بينما لو وقفنا أمام متحدث جيد نشجعه ونصفق له وهذا يساعده على جذب الزوار "....يستدرك ضاحكاً :"أعتقد أنني وزملائي نحكم هذا المكان ونحدد وجهة الزوار كما نرغب من خلال ضجيجنا"!

فتاة بريطانية تعتنق الإسلام وتنطق بالشهادتين

كنا على وشك مغادرة المكان فلم يتبقَ لنا إلا منبر صهيوني لا نرغب بزيارته وبعض المهرجين الذين يطلقون النكات لأضحاك الجمهور...ولكن استوقفتنا أصوات تهاني أثلجت صدورنا واتجهت أنظارنا إلى مجموعة من الفتيات المسلمات يحتضنون فتاة بريطانية بفرح...أسرعت نحوهم الزميلة ( منى البكري ) لتستطلع الأمر فأخبروها أن هذه الفتاة الإنجليزية قد نطقت بالشهادتين بين يد الداعية ( عبدالرزاق البيزان) الآن ودخلت في الإسلام...وجهنا لها التهاني بدورنا وسألناها عن السبب الذي دفعها للإنضمام لنا كأخت جديدة مسلمة ... أجابت :" منذ فترة وأنا اقرأ عن الإسلام وأسعى لمعرفة كل شيء عنه فقد شدني هذا الدين بكل أحكامه وأشعر بسعادة وفخر لأنني أصبحت مسلمة"...

سألناها:"إلى أي حد ساهمت زياراتك لركن الخطابة في اعتناقك للإسلام؟"

أجابت :" استفدت من احتكاكي بأخواتي المسلمات هنا ومن بعض الخطب والمناظرات خاصة التي يلقيها الداعية ( عبدالرزاق ) واليوم وأنا أستمع لمناظرته لشخص من ديانتي السابقة لم أشعر إلا وأنا أنطق بالشهادتين حيث كنت أحملهما في قلبي منذ زيارتي الأولى للمركز الإسلامي في لندن وانتظر الوقت المناسب لأنني كنت أخشى من مواجهة أسرتي بهذا الخبر أما الآن فأنا لا أخشى من أحد"

كنا ضائعات وبالإسلام وجدنا أنفسنا

انصرفت الفتاة وأردنا أن نختم جولتنا مع الأخوات بسؤالنا لهن ان كن يعرفنها؟....فأجابت احداهن :" لانعرفها لكننا نشعر بما تشعر به فقد أعتنقنا الإسلام منذ سنوات قليلة وتغيرت حياتنا إلى الأفضل بالرغم من المشاكل التي نواجهها سواءًا من الأسرة أو المجتمع أو الدراسة"...سألناهن عن التغيير الذي طرأ على حياتهن بعد الإسلام....وكانت الإجابة بصوت واحد:"كنا ضائعات ووجدنا أنفسنا".

آراء متخصصة

الأستاذ ( حسن صبيح ) أستاذ في التاريخ المعاصر ومقيم في لندن من عام 1986م يقول:" المكان تغير تماماً...ففي الماضي كان موضع للحوارات الثرية التي تغطي جميع جوانب الحياة الإجتماعية والتاريخية والسياسية ... حيث كان الخطباء يتحدثون في مجال تخصصهم بمنطقية وتعمق ورؤى متميزة...أما اليوم فالمكان هو المكان لكن الأشخاص قد تغيروا وأصبحت زاوية ترفيهية تجذب المراهقين ولا يجد فيها الإنسان الناضج ما يناسب فكره لذلك لم تعد زيارة ( زاوية الخطابة ) تستهويني أو تستهوي معظم المفكرين العرب أو الأجانب"

ويعقب الدكتور ( مصطفى الأخرس ) على ذلك قائلاً :" الفضائيات ووسائل الإتصال والحوار الحديثة حجمت من دور ( زاوية الخطابة ) فاليوم بإمكانك أن تستمع إلى التحليل السياسي عبر القنوات الفضائية وتنتقل بينها لتتابع آراء متعددة ومتخصصة أعمق بكثير مما يُطرح هنا...بالإضافة إلى دخول الإنترنت وإفتتاح منابر مشابهة حلت مكان الزاوية البرلمانية ومكانتها ... فقد كانت في السابق متنفس وحيد وجديد أما الآن تراجعت في مواجهة التطور التكنولوجي".

أما السيدة ( أمال أبو النجا ) فتقول :" أصابنا الملل...ولو كنت مقيم هنا وتزور الزاوية أسبوعياً للاحظت أنك سترى نفس الوجوه كل أسبوع وتستمع إلى نفس المواضيع المكررة...لاشيء جديد يطرح على مدى الأعوام السابقة وكأن الخطباء تماثيل بداخلها أشرطة تسجيل ( تعيد وتزيد ) ولا تفكر في التجديد بينما العالم يتغير والأحداث تستجد وهذه الساحة بقيت كما هي حتى فقدت الإثارة التي كانت تميزها ... فيما مضى كان الخطيب يحتاج لمكبرات صوت حتى يصل صوته إلى الجماهير الغفيرة الملتفة حوله...اليوم يكفي أن يهمس لأن الجماهير حوله لا يتجاوز عددهم 10 أشخاص في أفضل الأحوال...وهذا يدل على إعراض الزوار عن زاوية الخطباء وعن تراجع شعبيتها"

ويعارض الأخ ( ياسين الديراوي ) هذا الرأي قائلاً :" على العكس أنا أرى أن الفائدة تضاعفت بالنسبة للقضايا العربية والإسلامية ، يكفينا أن نرى أشخاص يعتنقون الإسلام من زيارتهم لهذا المكان ، فهذا يؤكد وجود خطباء على قدر من العلم والقدرة الجيدة على الإقناع...وإعتقادي أن الساحة مفتوحة للصالح والطالح ومن يبحث عن الفائدة سيجدها أما من يبحث عن الترفيه وعروض السيرك فلن يجد غايته هنا".

وأخيراً وصلنا إلى الجهاز الأمني المسؤول عن زاوية الخطباء ووجهنا لهم سؤالنا عن دورهم في هذا المكان ، فأجاب الشرطي ( ألان كين ) :" نحن نتابع عن بعد وينحصر تدخلنا لمنع الشغب والإختلاف الذي يصل إلى حد استخدام الضرب باليد أو بالآلات الحادة وهذه الحالات لا تحدث إلا نادراً...ففي الغالب لا يتجاوز الأمر عن حد المشادات الكلامية والألفاظ النابية وهذه الأمور ليس لنا صلاحيات للتدخل فيها أو إيقافها...لأن هذا أمر متوقع حدوثه في أي حوار مفتوح يجمع أشخاص لهم خلفيات ثقافية مختلفة ... زاوية الخطباء تعكس صورة للعالم على حقيقته وهذا أجمل شيء فيها".