مازلت انتظر مالم تقله

إجابة مؤجلة

سحر الرملاوي

في لحظة واحدة انقلب كل شيء …

تراجعت ابتسامتها و انطفأ بريق عينيها و ماتت الحروف على شفتيها …

حدث كل هذا في لحظة …

حتى هو لاحظ ما اعتراها

كان وجهها مدفونا في كتفه بعد أن استقبلته بتهليل و صياح المشتاقة …

رغم ارهاقه الشديد فتح ذراعيه و استقبل صخب احتفالها بعودته …

لكنها فجأة انطفأت …

بسرعة انسحبت …

تطلعت إليه بعيون متسائلة ، لكنها لم تسأل …

تركته يتقدمها الى غرفة النوم …

تبعته بصمت …

جلست على حافة الفراش تراقبه و هو يبدل ثياب السفر …

كان يفعل أشياء كثيرة في نفس الوقت ، كان يهم بخلع قطعة ، ثم يتراجع ، و يهم بفتح الحقيبة ثم يتراجع ، كان يفتح الخزانة ، يتطلع فيها كمن لا يعرف عما يبحث ، ثم يغلقها بلا نتيجة …

و كان يتطلع اليها يبتسم أو يهمس بكلمات غير مرتبة ..

و كانت تراقبه ..

أزيز طائرة كان يصل اليهما عبر النافذة المغلقة ، يقطع صمتا متعمدا ، و يرسم علامات الاستفهام في فضاء الغرفة …

ازاح الحقيبة جانبا و جلس امامها على الفراش

ابتسم لعينيها المتعبتين …

همس :

- افتقدتك كثيرا …

ابتسمت تفهما و مدت يديها تحتضن كفيه …

كانت يداه باردتين

فركتهما برفق و كان مستسلما ..

اغراه الحنان فمد عنقه ..

يريد قبلة .. يريد ان يتوسد كتفها .. يريد شيئا ما .. لكنه لم يحصل عليه ..

نهضت بسرعة ، همست تفسر :

- سأعد الطعام .. لابد أنك جائع …

تركها تغادر ، و التفت لاغراضه

فيما بعد و امام طعام شهي تتصاعد ابخرته ، كان الصمت ثالث اثنان لا يأكلان .. تلوك افواههما لقمة بلا طعم و تهرب عيونهما من التقاء الصدفة ..

و أمام التلفاز ، أكمل الصمت قصته .. مشاهد متتابعة لقصة غير مفهومة ، كانت ظلال اضواء التلفاز تنعكس على وجهيهما في الظلام .. و صوت رشفات الشاي الخافتة تؤكد أنهما من الأحياء …

عندما أقفل التلفاز و نهض .. نهضت

توجه لغرفة النوم … و توجهت

استلقى على الفراش … فاستلقت

همس كأنه يخاطب نفسه :

- كان يوما متعبا ..

و سمعته …

حبست كلاما كثيرا كانت تود جدا لو قالته …

- انهيت اعمالا كثيرة كانت معلقة ..

قفز السؤال ( الاتهام ) الاحمق من عينيها فاحكمت زم شفتيها حتى لا يخرج …

- تضاعف ايام الغياب لم يكن بيدي .. كنت اريد ان اعود سريعا .. لكن العمل ..

يأبى السؤال الاحمق إلا أن يفز من عينيها .. تغلقهما بقوة فتحرقها عيونها و تتطاير شرارات صغيرة على سطح العين المغلقة لا يراها إلا هي .. تنشغل بملاحقتها و عدها …

يتنهد و يهمس :

- تصبحين على خير …

تنتبه لتحيته .. تفتح فمها ، تفك أسر لسانها ، ترد التحية ، فيغلبها السؤال :

- مازلت انتظر مالم تقله ..

دقيقة ثقيلة من صمت راجف ..

آلاف الاجوبة .. آلاف الكلمات ..

وداع قادم .. تاريخ راحل …

قرارات صاخبة .. و ذكريات عنيدة …

دوامات من الخوف لفتهما في دقيقة .. صاخبة .. صامتة …

ازاح الغطاء و استدار إليها ، لمح ألتماعة عينيها المتحفزة في ظلام الغرفة المحتمل ، كانت عيناها لؤلؤتان .. مد يده نحوها ، بسطها جناح من محبة…

و تكورت بين احضانه …


تمت

سحر الرملاوي
[email protected]