نطفيء شمعة ونضيء آلاف القناديل

منذ أكثر من عام لم تكن (عربيات) سوى حلم يداعب خاطري... يسكنني... ويحركني... ويدفعني لتحقيقه، حلم يعارك الواقع ويكسر قوانينه، ولأول مرة ينتصر حلمي على واقع.

انتصر الحلم... قتل الخوف... ودمر الرهبة... ولم يضعف صوت ندائاته وسط صرخات الواقع التي تردد (مستحيل، لايمكن، أضغاث أحلام)... فجميع المؤشرات كانت تؤكد إستحالة نجاح خطوة عربية صحفية جادة على شبكة الإنترنت في الوقت الحالي... فالأمية التكنولوجية تكتسح العالم العربي... والعدد القليل الذي نجا منها ينصرف نحو البحث عن الترفيه ويعتبر الإنترنت نزهة قصيرة يقضيها في التجول بين غرف المحادثة، وان بحث عن شيء مفيد يبحث عن الأخبار السريعة أو ما ينطبق عليه مسمى (الساندويتش الصحفي).

إلى جانب أنني امرأة، وفي عالمي العربي (امرأة عاملة) تعني (معلمة) أو (طبيبة) أو غيرها من أشكال العمل التي تعارف المجتمع على عمل المرأة فيها... أما(كاتبة) أو(صحفية) فلا زالت هناك حالة من الرفض عند البعض نحو ممارسة المرأة لهذا العمل... وأما (انترنت) +(امرأة) فهي حتما بالنسبة لهم كارثة... ومع كل ذلك كان حلمي أقوى، ليس لأنه خارق، ولكن لأن مخاوف البعض في واقع الأمر أضعف من حلم امرأة.

لقد حملني حلمي إلى أن وصل معي إلى أرض الواقع وودعني. ولأنني أحببته كان لابد أن أعمل على تحقيقه ولا أخذله بعد أن وضعني على أول الطريق... وتحول بالنسبة لي من حلم إلى هدف.

والهدف لا تصل إليه بدون خطة .. والخطة المحكمة لا تتمكن من وضعها بدون دراسة واستيعاب كامل لكل ما يتعلق بهدفك... قد يكون الأمر شاقاً... وقد يصيبك اليأس أو الملل لكن عندما تضع أمامك حقيقة تؤكد (أن النجاح لن يهبط عليك من حيث لا تدري) وأنه ردة فعل لفعلك أنت وعملك أنت وتخطيطك، تستطيع عندها أن تشعر بلذة هذه المشقة... ولا شيء أجمل من احتضان نجاح تكبدت من أجله العناء.

هذه باختصار قصة حلم يدعى (عربيات) احتل عقلي لفترة زمنية طويلة حتى أصبحت أرى صورتي تنعكس في مرآته... وأصبح تحقيقه مرهوناً بتحقيق ذاتي.

أصبح تحدياً لكل من شكك بأنه قد يشاهده شامخاً على أرض الواقع... وتحدياً لعقبات ومصاعب تنتشر بكثافة في مجال عمل جديد لم يستوعبه أو يتقبله المجتمع بشكل كامل حتى الآن.

ولم يكن هذا الحلم مرآتي أنا وحدي بل الرائع أنه أصبح حلم كل فرد انضم (لعربيات)، وأصبحت (عربيات) العالم الذي نعطيه بلا حدود لأنه يعطي بلا حدود، ونجني ثماره يوماً بعد يوم فننسى معها العناء والسهر والقلق.

منذ عام وفي مثل هذا الشهر رفعت منديلي لحلمي بتحية في أول إفتتاحية كتبتها لمجلة عربيات وقلت (آلاف الأميال أولها خطوة)، أما اليوم احتضنه وأقول (قطعنا أول خطوة ولايزال الطريق طويلاً لكن قناديل النور تضيئه... فنحن اليوم نطفيء الشمعة الأولى ونوقد معها آلاف القناديل بالأمل والعزيمة).

هكذا يتحول الحلم إلى حقيقة... وهكذا ولدت عربيات وغيرت مفاهيم الإنترنت السائدة في العالم العربي وانفردت بإستضافة نخبة الرموز العربية، وتميزت بشخصيتها المستقلة التي حافظت على مفاهيم الصحافة المطبوعة وأضافت لها كل ما يمكن ان تقدمه التكنولوجيا الحديثة لخدمة هذا المجال الرائد.

وهذه هي عربيات التي تتشرف اليوم بالإحتفال بعيدها وهي تستضيف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز لأول مرة على الإنترنت، وتختال بسعادتها وهي تستمع لشهادة سموه الرائعة فيها، وتوقعاته لها بحصد المزيد من النجاح... ولن نخيب ظنه بإذن الله.