محلياً، بين الواقع والخيال

صدق أو لا تصدق!!

رانية سليمان سلامة

* مشروبات كحولية: يبدو أن موجة الأسواق والمطاعم قد أسهمت بإيجاد مواهب جديدة, فإحدى الصديقات -على سبيل- المثال قد أصبحت خبيرة في اكتشاف المطاعم الجديدة وهي ممن اكتسبن خبرتهن عبر التجربة التي أرادت أن تشاركني إياها فدعتني إلى رحلتها الاستكشافية الأخيرة لمطعم لم تسبق لنا زيارته, ومنذ الوهلة الأولى أحببنا المكان بنوافذه الكبيرة المطلة على البحر.. ولكنني شعرت بشيء من الارتباك يدور حولنا عندما سلمنا النادل الأجنبي قوائم الطعام ووضع قائمة المشروبات على الطاولة.. ثم لحقه نادل عربي أعاد ترتيب الطاولة وأزال أثناء قيامه بهذه المهمة قائمة المشروبات.. فعاودت صديقتي طلبها وقطعت علي لحظة تأمل للوحة التي تطل عليها طاولتنا ويمتزج فيها بحر جدة بحركة السير, وبدأت حدقة عيني تتسع وأنا أستمع لها تردد بصوت منخفض (بد وايزر, نبيذ أحمر, نبيذ أبيض..) وقبل أن تكمل كان من نصيبها تصويبة من تحت الطاولة أجهزت على قدمها لتنبيه لملامح وجهي وتقرأ حركة شفتي وأنا أقول: (ما هذا المزاح السخيف مع النادل?) إلا أن ذلك لم يجد حيث وجدتها ترفع رأسها من قائمة المشروبات وتطلب من النادل (Red wine) فلم أجد مفراً أمامي سوى أن أصرخ (كفى! سأغادر) فقالت: (لماذا? أنا لا أمزح ربما المطعم يمزح!! تفضلي قائمة المشروبات)... أمسكت بالقائمة وكان أول وآخر ما وقعت عليه عيناي جملة (non alcoholic drinks) أو مشروبات غير كحولية وتوقف تركيزي عندها فمن الطبيعي أنني عندما أكتب في منتصف القائمة أن لدي مشروبات غير كحولية فهذا يعني أنني أملك أخرى كحولية!! أو أن الزائر للمطعم يتوقع أن تتوفر فيه مشروبات كحولية!!... وانشغلت في طباعة القائمة فهي ليست ورقة عادية ولا هي سرية ولكنها قائمة فاخرة بالألوان تمت كتابتها وتصميمها وتنسيقها حتى خرجت من المطبعة ووصلت إلى يدي بهذه الصورة.. ويبدو أن زميلتي قد شعرت بالدهشة التي امتلكتني وحجبت عني رؤية المزيد, فبدأت تشير لي على القائمة بأسماء المشروبات والنادل يساعدها إلى أن استعدت شيئاً من وعيي وأدركت أنهم يقصدون بالنبيذ الأحمر عصير عنب أحمر والأبيض عصير عنب أبيض مثل الذي يباع في السوبر ماركت تماماً.. لا أدري إن كان في ذلك نوع من الإثارة أو العبث.. فمن جهة للمشروبات التي تقدم اسم وعلامة تجارية أتصور أن القانون لا يسمح لمن يقدمها بالعبث بها.. ومن جهة أخرى هي محاولة إثارة غير مقبولة بل وخطيرة فهناك بالتأكيد من سيقرأ بعض الأسماء ويتعرف عليها للمرة الأولى حتى يعتقد أن كلمة عنب= wine ولا أستبعد أبداً أنه قد يستند إلى هذه الترجمة عندما يسافر خارج المملكة فيبادر بطلب red wine حيث لا يكون العنب عنباً!!

 

* الرياضة في مدارس البنات:
انطلقت الأنشطة الرياضية في مدارس دار الحنان الأهلية للبنات بجدة عام 1386هـ بينما في عام 1426هـ تطالعنا الصحف بآخر التطورات عن القضية الشائكة التي تشغل مجلس الشورى ووزارة التربية والتعليم والكتاب والمثقفين والمواطنين, وبات علينا أن نتابع الجدل الذي يدور حول (التفكير) بإدخال الأنشطة الرياضية لمدارس البنات... وبين التأكيد والنفي يبدو للمتابع أن القرار خطير جداً للدرجة التي اضطرتنا إلى إبقائه في حيز النقاش لمدة 40 عاماً.. علماً بأنني عجزت في أن أجد بين طيات الرفض والتأييد محاولة لحسم المعضلة عن طريق القياس على تجربة بل وربما عدة تجارب محلية أخرى لمدارس أهلية نجحت بتطبيق ذلك.. ولعل من يراه شراً بحاجة إلى أن يعود لسجلات هذه المدارس ليكتشف أنها قد خرجت إلى جانب العالمات وسيدات الأعمال وغيرهن من الناجحات, أبرز الرموز النسائية السعودية في مجال الدعوة الإسلامية.

 

* لا تحافظ على نظافة مدينتك:
نزولاً عند رغبة ابنتها الصغيرة وافقت على الذهاب إلى منطقة عامة لألعاب الأطفال على كورنيش جدة وهي تتوجه إلى الله أن تمر التجربة دون مفاجآت مزعجة, إلا أن المخاطر فاقت توقعاتها.. فالدبابات الصغيرة تطير مسرعة في نفس المنطقة التي يلعب الأطفال بها.. وكان المشهد الوحيد الذي نافس انشغالها على سلامة ابنتها هو المشهد غير الحضاري للصغار والكبار وهم يتخلصون من المهملات برميها حيثما يقفون أو تركها حيثما كانوا يجلسون, فشعرت بالسخط الشديد لعدم محاولة الأهالي والمرافقين للأطفال المحافظة على نظافة المكان مما قد يؤدي إلى أن تتحول رحلة التسلية إلى رحلة لجمع الأمراض والأوبئة... فحملت (المتفائلة) منديلاً في يدها لترميه في سلة المهملات لعل غيرها ينتبه إلى ذلك ويتخذها قدوة.. لكن وللمفاجأة!! لم تجد سلة مهملات.. ولمفاجأة أكبر جابت المنطقة حتى اكتشفت أنه لا توجد في تلك البقعة الأكثر استقطاباً للزوار ولمسافة 100 متر أي سلة مهملات.. ومع هذا الاكتشاف تبدو معادلة (حافظ على نظافة مدينتك) مستحيلة الحل لعدم اكتمال معطياتها!!

 

* نجمة إسرائيل:
كانت في زيارة للمدينة المنورة وبعد أن أدت الصلاة في المسجد النبوي أرادت وشقيقتها القيام بجولة على الأسواق المحيطة بالمسجد فخطف بصرها شيء ما في نافذة العرض دفعها للاتجاه نحو المحل الذي بدا بائعه متذمراً من دخولها إليه سافرة الوجه بالرغم من أن أحداً لم يتذمر من دخولها المسجد بنفس الهيئة لأداء الصلاة.. فأشاح الرجل بوجهه عنها لينظر نحو بضاعته ووقفت أمامه تطلب منه أن تشاهد بعض المشغولات الذهبية المعروضة... تجاوب معها وأخرج القطع المطلوبة وأكد لها أنها صناعة محلية, حتى بادرته بقولها (انظر إلى وجهي)... تحت وقع المفاجأة نظر إليها الرجل فقالت له: (أتوقع أنك تعلم أن النجمة التي كنت تنظر إليها وتسوقها هي نجمة إسرائيل السداسية فإذا كنت مصمما على بيعها أبعدها على الأقل عن الحرم وعن التعليقات الأخرى التي تصطف بجانبها وتحتوي الشهادتين)... تركته وغادرت المكان إلا أنها استدارت لتنظر إليه فوجدته يعيد القطعة إلى نافذة العرض من جديد... ليست المسألة إذن أنه لم يكن يعلم فعلمه بذلك لم يغير من الأمر شيئًا.. وإن كنت لا أحبذ شدة التدقيق في الرموز التي نجدها كشعارات لشركات عالمية أو مطبوعة على الملابس فيجتهد البعض برؤيته الخاصة حتى يخرج بتأويل لها يؤكد من خلاله أنها تشبه الصليب أو النجمة السداسية, إلا أن ما يثير الاستغراب والرفض حقاً هو ما ذكره البائع من أن القطع التي يبيعها قد تم تصميمها محلياً وكأن التصاميم قد ضاقت على المصمم بما رحبت حتى يتفنن بصياغة نجمة إسرائيل لتقتنيها زائرة للحرم النبوي عمداً أو جهلاً وتحملها في رحلة عودتها تذكاراً يحيط بعنقها!!... لم يسبق لنا بالتأكيد أن نشاهد امرأة مسيحية أو يهودية تحيط عنقها بـ(محمد رسول الله) وإن كانت القطعة جميلة!!.

 

* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية

[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ