إدارة محافظ الأزواج

مكاسب نسائية وسط خسائر الأسهم السعودية

رانية سليمان سلامة

عدة ظواهر اجتماعية أفرزها سوق الأسهم منذ أن جرفت أمواجه العالية جميع المواطنين تقريباً ومن ثم هوت بهم إلى قاع بحر مظلم من الخسائر، وكنت قد تناولت بعض تلك الظواهر في مقالات سابقة ولكن لايبدو لي أن أي جهة جادة أو معنية بدراستها للكشف عن الآثار السلبية والإيجابية لذلك التوجه، أو لمساعدة صناع القرار على معرفة شريحة المتداولين وسلوكهم الاستثماري ووضعهم الاجتماعي تفادياً لنكسات أو حتى قرارات قد تتسبب في كارثة اجتماعية لشريحة غير معلومة العدد وغير معروفة الملامح اتجهت رؤوس أموالها نحو هذا السوق لملاحقة طيف لاح لهم يسمى (الطفرة).

فالمواطن العادي ظل يقرأ ويسمع عن طفرة يمر بها وطنه دون أن يلمس بشكل مباشر علاقته بها أو يدرك كيف بوسعه أن يستفيد منها ليرتقي بمستواه المعيشي، حتى عللته الأسهم بأمل الثراء السريع.

وبما أن الظواهر الخطيرة لم تحظ باهتمام كاف حتى الآن فسأتجه نحو الظواهر الطريفة والمكاسب التي تحققت لبعض النساء من وراء سوق الأسهم على طريقة (خسائر رجال قوم عند نسائه فوائد).

ـ عندما صدر قرار هيئة سوق المال المتعلق بتغيير ساعات التداول كشر مديرو المحافظ الاستثمارية عن أنيابهم في ابتسامة تشبه ابتسامة الليث قبل أن يحظى بافتراس غنيمته اعتقاداً منهم أن هذا القرار سيكون القوى الجبرية التي ستدفع بالأفراد إلى نقل أموالهم من المحافظ الشخصية إلى الصناديق الاستثمارية، كما يبدو أن هيئة سوق المال إذا كانت بالفعل ترمي من وراء هذا القرار إلى تقليص عدد المحافظ الفردية التي تعمل بعشوائية في السوق قد أغفلت ظاهرة هامة ولدت دون أن يرصد نموها أحد... وهي أن بعض الزوجات وربات المنزل أصبحن مؤخراً يدرن محافظهن ومحافظ أزواجهن من المنزل، تجربة (البعض) قد تعمم على (الكل) مع اتخاذ مثل هذا القرار... والمبشر في هذا الأمر أن الزوجات اللواتي أسعدهن الحظ حتى الآن بنيل هذه الثقة من أزواجهن يؤكدن أن هذه التجربة قد انعكست بالإيجاب على العلاقة الزوجية وبعد أن كن يلاحقن الزوج أثناء غيابه عن المنزل بالاتصالات بات الزوج على اتصال مستمر بهن لطلب تنفيذ أوامر البيع والشراء والاطمئنان على محفظته الاستثمارية التي تركها في جيب زوجته.


ـ الفائدة الثانية حصدتها بعض الزوجات وقد تحصدها عما قريب أخريات وهي الاطلاع والإلمام أخيراً برصيد الزوج في البنك من خلال إدارة محفظته، فلم يعد بوسعه أن يخفي مدخراته عنها... وستزداد هذه (الشفافية الزوجية) في حال تطبيق قرار تغيير ساعات التداول حيث لن يصبح أمام الموظفين سوى تصفية محافظهم وهذا الخيار مستبعد لأن الخسارة أكبر من قدرتهم على التسليم بها، أو الاتجاه إلى صناديق البنوك والتي يبدو أن الغالبية قد بدأت تفقد الثقة فيها لقلة ربحيتها وسرعة تأثرها بهبوط المؤشر، أو أخيراً تقليد الزوجة منصب وزارة المالية وتسليمها زمام أمر المحفظة الاستثمارية أثناء تواجد الزوج في العمل.

ـ الفائدة الثالثة هي أن الأسهم قد أسهمت في تحطيم حاجز الصمت بين الأزواج وخلقت بينهم لغة حوار واهتمامات مشتركة، ذلك أن الزوجة أصبحت تهتم بمتابعة السوق وأخباره من مختلف المصادر إما حرصاً على اقتصاديات الأسرة التي هددتها مغامرات الزوج في السوق، أو لأنها هي نفسها قد اتجهت إلى افتتاح محفظة، أو مجدداً لأن الزوج قد أوكل إليها بمهمة إدارة محفظته... فأصبح الهم مشتركاً و مايشغل الزوج يشغل الزوجة والحوار متصل على مدار الساعة حول موضوع الساعة... هذا الأمر انعكس بشكل ايجابي على علاقات زوجية عديدة خرجت من جليد الصمت إلى مواقد النقاش المتجدد مع تجدد أحداث السوق وأحوال المحافظ الاستثمارية.

ـ وبعد الفوائد الملموسة أنتقل إلى الإشاعة التي لفتت انتباهي مؤخراً وهي مايتم تناقله عن وجود (قروب) أو تكتل نسائي من عدة محافظ (لم يتم التثبت من ماركتها ولا موديلها) يُعتقَد أنها سيطرت على بعض الشركات الصغيرة وقامت برفعها إلى أسعار خيالية في فترة قياسية... هذه الشائعة قد لاتكون صحيحة بل وربما تكون مجرد محاولة للفت الانتباه وجذب صغار المتداولين بطريقة (أوريجينال) لهذه الشركات على اعتقاد أن النساء (قلبهن طيب) ولن يهون عليهن تعليق (الغلابة) بأسعار مرتفعة قبل الخروج من السهم... إلا أنها قد تكون صحيحة وفقاً لما ألمسه من اهتمام المجتمع النسائي بالأسهم ووفقاً لتقارير سابقة أشارت إلى مليارات معطلة عن الاستثمار في الحسابات النسائية في البنوك السعودية... لنا أن نتخيل لو أن هذه السيولة العملاقة قد تحركت بتنسيق بين صاحباتها لتتجه نحو السوق بقيادة (مايسترو) يوجهها كم ستحدث من تأثير... ووحدها البنوك التي أسهمت في إصدار التقرير السابق بوسعها أن تصدر تقريراً يقارن بين وضع هذه السيولة قبل عامين ووضعها اليوم، ومن يدري لعلنا نكتشف أن المرأة السعودية قد أصبحت اللاعب الرئيس في السوق.


رانية سلامة

[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ