الطفرة المطلوبة في الوعي

أحلام الطفرة وواقع الطفرانين

رانية سليمان سلامة

تعليق مختصر وطريف وصلني من أحد القراء على مقالاتي الأخيرة عن سوق الأسهم والتي يؤكد أنها مقالات (متعلقة في السوق)... وقد وجدت أنه من الضروري أن أتعرف على زملائي المتعلقين، و(كلنا) في السوق متعلقين.

لا أجيد الإعراب وإن كنت أزعم في جملة (كلنا في السوق متعلقين) يوجد فاعل لا يزال ضميراً مستتراً، أما المفعول به ضمير متصل بالسوق ومجرور بأحلام (الطفرة)، والخبر الأكيد المستخلص من الجملة أن المجرور قد أفاق من حلمه على واقع يؤكد أنه أصبح (طفران)... هذا مع الاعتذار لسيبويه.

سأترك الإعراب لأهله وأتمسك برغبتي في التعرف على من يشير إليهم الضمير المتصل في (كلنا)، وقد دفعتني تلك الرغبة للعودة إلى استطلاع الكتروني أجريته وبعض الزملاء منتصف عام 2005م للتعرف على شريحة المتداولين في سوق الأسهم وشارك فيه خلال أسبوع 1864 متداولا... ما يعنيني اليوم هي القطاعات التي تنتمي إليها هذه الشريحة والتي جاء على رأسها قطاعات التعليم والصحة وفي أوسطها (لا أعمل) والهندسة والعسكرية، وفي ذيلها طلاب وطالبات، وأبرز ما فيها اختيار 12% من المشاركين في الاستطلاع لخيار (قطاعات أخرى) بالرغم من وجود 13 خياراً لمهن مختلفة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه من التداول في سوق الأسهم لم يسلم أحد... 54% من هذه الشريحة تتراوح محافظهم الاستثمارية بين (10000- 100000) ريال سعودي أي أنهم من ذوي الدخل المحدود والمتوسط... و53% بدأت علاقتهم بالسوق خلال العامين الأخيرين... ونسبة لا بأس بها أقف أمام محافظها اليوم (لحظة صمت) كونها قد حصلت على تسهيلات بنكية.

ما جدوى استعراض هذه النتائج القديمة؟... نحن في مواجهة ظاهرة والظواهر لا يصح أن تمر أمامنا أو نمر بها مرور الكرام، كما لا يوجد مبرر يجعلنا نترك ظاهرة تنمو عشوائياً وإن كانت ترتدي رداءً أخضر ومزدهراً بزهور الأرباح... وفي الواقع استعرض النتائج وأرى أنها خطيرة كما أعترف أنها هزيلة إذا قسناها بدراسة كان بوسع البنوك على سبيل المثال أن تشارك بها مجتمعة لتوفر نتائج أكثر دقة على حوالى 3 ملايين مواطن وتتيح قراءتها وتشريحها للمختصين، ثم تستكمل بالتوجه إلى القطاعات التي تنتمي إليها هذه الشرائح لمعرفة انعكاس هذه الظاهرة على الإنتاج والأداء الوظيفي وغير ذلك، وأخيراً تتقدم الخلاصة مرفقة بتحليل ومقترحات ومنبهة إلى التداعيات فتوضع على طاولة صناع القرار وتساعدهم على اتخاذ القرار المناسب للأوضاع المناسبة في الوقت المناسب.

أسئلة عديدة أتمنى أن تكون لها إجابة منها: (هل تأثرت قطاعات العمل المختلفة التي ينتمي إليها المتداولون بانشغالهم عن أعمالهم بسبب تعارضها مع أوقات التداول؟، وهل أثرت خسارتهم اليوم على مستوى أدائهم لأعمالهم؟.. هل عالجت سوق الأسهم جزئياً مشكلة البطالة فشغلت فراغ هذه الفئة وأوجدت لها دخلاً من خلال التداول؟، وهل أصبحت ذات الفئة تواجه اليوم البطالة مضافاً إليها الديون؟... هل نجحت شريحة الدخل المحدود بتنمية رأس مالها؟، وهل تحول تصنيفها إلى الفئة التي تعيش تحت خط الفقر بعد هذه الخسارة؟).

أسئلة أطرحها وأنا متفائلة غير متشائمة لأنني أدرك بأن الخسارة قد يكون في جعبتها ربح ومعها دروس مستفادة متى ما كانت مصحوبة بقراءة وإعادة تقييم لممارساتنا ليتمايز الخطأ من الصواب... تلك الدراسات قد تخدم جهات عديدة إذا تمت قراءة نتائجها من قبل المختصين... إلا أن ذلك لا يكفي فنحن بحاجة لنشرها ليدرك كل من لا يزال غير مدرك لحكمة (لا تضع البيض كله في سلة واحدة) أنه لم يكن من الصواب أن يضع كافة مدخراته في سوق الأسهم بل لابد من التنويع في الاستثمار... ويكتشف من ترك عمله أو قصر فيه أنه قد ارتكب خطيئة انعكست سلباً على أدائه الوظيفي وعلى القطاع الذي يعمل فيه وعلى المستفيدين منه.

نخسر في سوق الأسهم، لا يهم.. فالخسارة أتوقع بأن الوقت كفيل بتعويضها، أما أن يخسر مؤشر سوق الأسهم فتتأثر بخسارته كافة القطاعات والشرائح بشكل مباشر أو غير مباشر، مادياً أو معنوياً، فهذه كارثة اجتماعية!!

فلنحلم بالطفرة المادية ونلاحق طيفها، ولكن ربما علينا أولاً استيعاب هذا الدرس من أجل طفرة في الوعي نحن بأمسّ الحاجة لقراءة ومتابعة مؤشرها الذي يحدد مسار مستقبلنا.


[email protected]
رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
المصدر: صحيفة عكاظ