يعصرون الضباب، فهل نعصر الرطوبة؟

أعطني (الماي) وغنِّ

رانية سليمان سلامة

مطلع الأغنية التي قد تتصدر ترتيب الأغاني في عام 2025 – مع الاعتذار للسيدة فيروز – والتقدير لأزمة مياه مدينة جدة التي يبدو أنها مدينة تسبق زمانها في كل شيء.. حيث تشير تقارير عديدة إلى أن 48 دولة ستعاني من نقص حاد في المياه، ومن المتوقع أن نصف سكان الكرة الأرضية لن يجدوا مياه نظيفة، كما أن الدول الفقيرة ستكون أكثر معاناة من غيرها... وبينما ستكون حصة الفرد في إنجلترا من المياه تعادل 150 لترًا / يومياً، سيكون هناك أفراد يعيشون بحصة تعادل 90 ثانية استحمام... تلك الحصة لو –لا سمح الله- كانت من نصيبنا فسيكون التيمم للصلاة مصيرنا، كما أتوقع أن يهدد نقص الماء صناعات عديدة من بينها صناعة الصابون الذي لابد أن يفكر الصناع في تطويره لاستخراج رغوته بدون الماء، أو لعلنا نكتفي بمحاليل التعقيم الطبية لغسل اليد بدلاً من الماء والصابون المهدد بالانقراض.

من البدائل التي تتجه إليها الأبحاث اليوم الضباب فوفقاً لتقرير نشر في موقع (إسلام أون لاين) ذُكر أن الضباب قد يكون مصدراً فريداً لإنتاج الماء الصالح للشرب... حيث أثبتت الدراسات أنه يحتوي على 0.05 إلى 3 جرامات من الماء لكل متر مكعب من الهواء وبالإمكان إجراء عملية (عصر للضباب)... المشكلة أنني في مدينة جدة لم أرَ في حياتي سوى الضباب الذي يتجمع على سطح نظارتي بسبب الرطوبة!! وقد نتمكن من استخدام أسطح النظارات لإنتاج الضباب ومن ثم عصره، أو لعل علماءنا ينجحون في استخراج الماء مباشرة من الرطوبة التي تتوفر لدينا على مدار العام.

الحل الثاني وفقاً لتقرير نشر في مجلة المجلة هو الاستخدام السلمي للطاقة النووية التي تعد البديل الاقتصادي النظيف الوحيد لتحلية المياه، وهي كذلك قد تكون الطريق الأمثل نحو إيقاع عقوبات اقتصادية على البلاد الجافة نظراً للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على الدول التي تحدثها نفسها بالقيام بتجارب نووية.

استشراف مستقبل هذه الأزمة يبدو مخيفاً بالنسبة للدول العربية ومجدداً لصراعاتها مع العدو اللدود إسرائيل، حيث بدأت الجارة المحتلة مبكراً بالتأهب لحرب احتلال (الأنهار) واتجهت إلى تقديم المساعدات لإثيوبيا للتأثير على حصة مصر والسودان من نهر النيل ولتدفعها إلى بناء السدود مع عرض مقابل لذلك ألا وهو شراء مياه النيل منها وفقاً لتقرير نشره الدكتور جميل حمداوي على شبكة الإنترنت.... أما تركيا وفقاً للكاتب فتتحكم في منابع الفرات ودجلة وقد أقامت عدة سدود كبرى على مجاري النهرين مما سيؤثر على حصص سوريا والعراق من المياه... نهر الأردن كذلك بات قنبلة موقوتة في المنطقة بعد إقامة إسرائيل لعدد من السدود للاستيلاء على مياهه علماً بأن اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن تحد من إمكانية استفادة الأردن من نهرها.

كل ماسبق قد يعطينا مؤشراً أن العقود القادمة قد تنتهي فيها الحروب التقليدية على الأرض والنفط لتتحول إلى المسطحات المائية ومنابع المياه، غير أن فارق الاستعداد يبدو كبيراً فالتجارب في الغرب قائمة على قدم وساق لإيجاد حلول لهذه الأزمة المستقبلية، وفي الشرق بدأت بعض الدول مساعيها لتأمين مخزونها من الماء، فهل سنكون في مؤخرة الركب لنرضى بما تقسمه تلك لنا تلك الحرب في نهاية المطاف؟.


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ