التسول، اصطحاب المعتمرين للأطفال، الفتاوي المعجزة

ظواهر تزدهر في رمضان

رانية سليمان سلامة

- رمضان شهر الخير والبركات وهو كذلك الشهر الذي يحتفي فيه المتسولون بانتصارهم على خطط مكافحتهم... كلما شاهدت الكم الهائل من المتسولين الذين يجوبون شوارعنا في وضح النهار وسواد الليل أتساءل ماهو نوع (طاقية الإخفاء) التي يرتدونها لتتيح لهم أن يبرزوا أمامنا في كل مكان وعلى مدار الساعة بينما تعجز أجهزة مكافحة التسول عن رؤيتهم؟!... أود أن أتعرف على (الطاقية) و(الآلية) لأهديها إلى إدارة مكافحة التسول لعل حملاتها تنجح بالتخفي فيتحلق المتسولون حول أفرادها كما يتحلقون حول المواطنين وعندها على بعد بضع سنتيمترات لن يتمكن المتسول من الهرب... أقول لعلها (تتخفى) لتقبض عليهم لا أن (تختفي) تماماً كما هو الحال الآن حيث لاتوجد مؤشرات تدل على أن هذه الإدارة تعمل في الخفاء، بل بوسعك أن تجد نفس المتسول في نفس المكان لسنوات عديدة حتى يصبح من أهم معالم الشارع الذي يتسول فيه... أو لعلها لا (تتخفى) ولكن على الأقل تكثف تواجدها فتجوب سياراتها شوارعنا ونشاهدها في كل مكان حتى يتفرق هذا الجمع المبارك من المتسولين أو تتم سرقة شيء من الاطمئنان الذي يسكن نفوسهم وهم يمارسون وظيفتهم اليومية في تشويه الوجه الحضاري لمدننا ولأهم وأرقى الشوارع التجارية.


القضاء أو الحد من انتشار هذه الظاهرة أمر مستحيل، هذا ما توصلت إليه بعد قراءة تصريحات المسؤولين، حيث يوجد تقاعس من الجهات المعنية بهذا الأمر وانعدام تنسيق فيما بينها ووفقاً لصحيفة الوطن يوجد خلاف بين مكاتب مكافحة التسول وإدارة الوافدين ذلك أن الأولى ترسل المتسولين إلى الثانية التي ترفض بدورها استلامهم خاصة الصغار منهم... أما إذا تم تسليم المتسولين للشرطة والدوريات الأمنية يتم الاكتفاء بتعهد خطي أو غرامة بسيطة يعود بعدها المتسول إلى ممارسة عمله في ظل عدم وجود عقوبة رادعة... وأخيراً مسؤولية مكافحة التسول وفقاً لأحد المسؤولين تتركز حول المتسول السعودي أما المتسول غير السعودي فهو مسؤولية إدارة الجوازات والأجهزة الأمنية، ولكن – والحديث للمسؤول - بعد تقاعس تلك الأجهزة عن ملاحقة المتسولين من غير السعوديين أصبح مكتب التسول في مواجهة جميع المتسولين على الرغم من قلة الإمكانيات الآلية والبشرية.


والخلاصة تقاعس وخلافات وقلة إمكانيات، هذه هي كل أو بعض المشاكل التي أدت إلى فشل خطط محاربة هذه الظاهرة فيما مضى... فهل سيكون اكتشاف الخلل هو الطريق نحو تصحيحه؟ أم ستكتفي هذه الجهات بتبادل الاتهامات بينما الظاهرة تتضخم إلى حد الانفجار؟.


*************************

- ظاهرة اصطحاب الزوار والمعتمرين للأطفال والرضع في الحرمين الشريفين خطيرة ومزعجة للغاية وتبدو كذلك مستحيلة الحل، فقد لايكون أمام الأم سوى أن تصطحب وليدها قسراً لعدم وجود خيارات أخرى متاحة أو عمداً وجهلاً ليتعرض إلى الاختناق وسط الزحام ويلتقط الأمراض ويعزف سيمفونية الصياح أثناء الصلاة أو ربما ليتخذ من المسجد ملعباً قد يتعرض فيه إلى الضياع أو الاختطاف ليتحول إلى عضو في منظمة مافيا التسول... ومن الصعوبة بمكان أن يتم اتخاذ قرار منع دخول الأطفال دون سن الوعي والإدراك إلى الحرم المكي أو المسجد النبوي، ولكن لا أدري لماذا لم يتفتق ذهن إدارة الحرمين أو كبار المستثمرين لتحويل أحد المباني الضخمة حول الحرمين إلى دار حضانة للأطفال... فيمكن تطبيق قرار منع دخول الأطفال الصغار دون سن الخامسة في حال وجود مثل هذا المشروع الذي بوسع الجهة القائمة عليه أن تضع دراسة لتقسيمه حتى يستوعب مختلف الفئات والأعمار... مجاناً أو بمقابل رمزي للفقراء، ومتوسط لمتوسطي الدخل، وخيالي للمقتدرين إذا أرادوا توفير حجرة خاصة وجليسة أطفال لطفلهم ريثما ينتهون من أداء شعائرهم الدينية... هذا المشروع لن يساهم في معالجة المشكلة فحسب بل بوسعه أن يوظف آلاف النساء بمؤهلاتهن الفطرية ليعملوا كجليسات أطفال.


*************************

- ظاهرة الفتاوى المستحيلة التطبيق تزدهر كذلك في شهر رمضان ومنها هذه الفتوى التي أنقلها حرفياً عن أحد العلماء الأفاضل حيث يقول: «(ليس) للمرأة ثياب مخصصة تلبسها في الحج والعمرة وإنما تلبس ما جرت عادتها بلبسه مما يستر بدنها وليس فيه زينة ولا تشبه بالرجال وإنما (نهيت) المرأة المحرمة عن لبس البرقع والنقاب مما خيط أو نسج للوجه خاصة, وعن لبس القفازين مما خيط أو نسج للكفين خاصة, و(يجب) أن تغطي وجهها بغير البرقع والنقاب وتغطي كفيها بغير القفازين لأنهما عورة يجب سترها وهي (لم تنه) عن تغطيتهما مطلقاً حال الإحرام, وإنما (نهيت) عن تغطيتهما بالبرقع والنقاب والقفازين فقط».... حسناً ليست المشكلة فقط في أن الشيخ لم يشر إلى وجود خلاف حول تغطية الوجه والكفين ولا في عدم قدرتي على استيعاب التضارب في مواطن النهي وعدم النهي والوجوب الواردة بين الأقواس، ولكن المعضلة في أنه لا يوجد اختراع حتى الآن -على حد علمي- يغطي الكفين تحديداً سوى القفاز! فماذا ترتدي المرأة وفقاً لهذه الفتوى التي تبيح لها أن ترتدي ماتشاء من ملابس متسترة وتنهاها عن التغطية وتوجب عليها التغطية ولاتدلها على كيفية التغطية؟!


رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ