وضع المرأة في مواقع اتخاذ القرار

حوار ما بعد الحوار الوطني (2-2)

رانية سليمان سلامة

في المقال السابق الذي قصته المساحة المتاحة لي في هذه الصفحة تطرقت إلى ما دار بين المشاركات في الجلسات التي جمعتنا بعد اللقاء الوطني السابع حيث قيل إن وزير العمل قد خذلنا برد مقتضب، وإن وزير الخدمة المدنية قد أبلى بلاء دبلوماسياً حسناً، وإن وزير التخطيط لم يترك سؤالا دون إجابة غير أنه دافع عن الاتهامات بصيغة الهجوم آخذاً من يعرف خطط التنمية بجريرة من كان يجهلها، وقيل إن بعض المسؤولين قد أعد ورقة عمل وأخذ يرددها كإجابة لا علاقة لها بالتساؤلات، وإن جميع الإحصائيات التي وردت عن المخاطر العالمية لعمل المرأة لم تستند إلى مصدر لنأخذ بها. كل ذلك قد قيل غير أنه كان متبوعاً بنظرة تفاؤل ملفتة تؤكد أن مشاركة المسؤولين والمتحاورين في اللقاء القادم ستكون أفضل، كما كانت هذا العام من وجهة نظر أغلب المشاركات أفضل وأقوى مما سبقه.


وعلى الجانب الآخر قال البعض إن المشاركين والمشاركات لم يأتوا بجديد في أطروحاتهم عن البطالة وعمل المرأة، وهذا صحيح إلى حد ما. ففي كل مناسبة تطرح تقريباً نفس المشاكل والحلول غير أنها لاتسقط بالتقادم وليس من المنطقي أن نسهب في فتح ملفات جديدة قبل أن نغلق القديمة. لقد كان ولايزال هناك إجماع على خطر البطالة وضرورة السعودة غير أن مساحة التطبيق ملغمة بالتعليم ومخرجاته، ووزارة العمل التي تسعى إلى سرعة تقليص معدلات البطالة بالسعودة، والقطاع الخاص الذي أصبح عليه أن يؤهل إلى جانب التوظيف أو يخاطر بالإحلال المباشر لتواجه تجربة السعودة النجاح، ناهيك عن أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تملك القدرة على التدريب ولا المغامرة بل تحتاج إلى دعم يفوق دعم المؤسسات الكبيرة لتتمكن من التوطين والنمو.

لم يكن من الممكن أن تكون المداخلات الموجهة إلى وزير الاقتصاد والتخطيط أقل حدة ليس لأن خطط التنمية بها قصور بل على العكس لأنها شاملة غير أن تنفيذ توجهاتها لم يواكبها ما يجعل أهدافها مرشحة للترحيل من خطة إلى أخرى مالم تتغير وسائل المتابعة وإلزام الجهات المعنية بتنفيذ السياسات بالإضافة إلى التنسيق بشكل أفضل بين الوزارات التي عليها أن تدرك أن سيادتها ليست أهم من سيادة الوطن ومصالحه وفقاً لخطط التنمية وبالتالي على كل وزارة أو جهة معنية أن تتعاون مع غيرها لإنجاح القرارات والإسراع بتنفيذها بدلاً من تعطيلها.


حوار مابعد الحوار شهد استكمالاً للبحث عن حلول وعن محل لإعراب المرأة وتعبيرها عن رأيها ومشاركتها في صياغة وتفعيل خطط نهضة وطنها، فأعدنا التأكيد على ضرورة تفعيل قرار مجلس الوزراء الخاص بالموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة متخصصة في شؤون المرأة، أو إشراكها مثل الرجل في مجلس الشورى، أو أن تستحدث كل وزارة منصب نائب وزير لشؤون المرأة تشغله امرأة مادام الفصل التام متحققا لدينا بين شؤون الرجل وشؤون المرأة حتى إشعار آخر، ولو تعذر كل ذلك يكفينا أن تعقد كل وزارة اجتماعا -ولو سنوي- تشارك فيه نساء من مختلف الشرائح والتوجهات والأطياف برأيها إلى جانب الرجل بنفس الآلية التي يعقد بها الحوار الوطني.


قد يرى البعض أن سقف أحلام المرأة بتلك المطالب قد انخفض حتى لم يعد يتجاوز بعد الجلسات المثيرة سوى التفعيل وتعميم التجربة، ولكن الأهم هو أن الوعي قد ارتفع حيث صرح العديد من الرجال بأنهم استمعوا للمرة الأولى إلى معاناة النساء ومطالبهم في هذا المجال، فلنستمع إلى المزيد حتى نعي أن أغلب المطالب حتمية وليست مجرد رفاهية كما أن مطلب وضع المرأة في مواقع اتخاذ القرار وتفعيل مشاركتها في النشاط الاقتصادي مقتبس من توجهات خطة التنمية المطلوب تطبيقها.

 

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ