في مواجهة انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية

التوجيهات الملكية.. ووقفة مع البنوك السعودية

رانية سليمان سلامة

أحيت القرارات الحاسمة والتوجيهات الصادرة عن القيادة الحكيمة الأمل في نفوس المتداولين وعززت ثقتهم بقوة الاقتصاد الوطني، كما أعادت إحياء محفزات السوق وجاءت في الوقت المناسب لتحفظ حقوق المساهمين.. وفي هذا الجانب تتصاعد التطلعات والآمال حيال الجهات التنفيذية وذات العلاقة التي نترقب منها ان تتفاعل مع هذه التوجيهات على وجه السرعة وبالشكل المطلوب.

أقول ذلك وقد دفع غالبية المتداولين الثمن باهظا نتيجة اخطاء ارتكبوها تعود الى ضعف ثقافتهم الاستثمارية.. وأخطاء اخرى، منها ما تتحمل مسؤوليتها الجهات التي اتاحت ثغراتها (تسللاً) لا (حكم راية) له.. ونعلم حتما انه لاجدوى من اكتشاف التسلل بعد نهاية المباراة حيث تظل نتيجة الفوز والخسارة قائمة ولايغير من تلك النتيجة عقوبة تلحق بالمخطئين.. ولعل هذا ما حصل للمتداولين بعد موجة المضاربة الهوجاء التي استمرت شهوراً طويلة ادركوا بعدها ان في الأمر خطأ وخطرا وظل الجمهور مشجعا حتى اثار حماس الجميع بما فيهم القابعون خلف الشاشات المغلقة ليفتحوها ويفتحوا معها محافظ للدخول في الوقت الضائع فاستقبل مرماهم ضربات الجزاء.

ونعلم ان المباراة لاتقام بغير كرة!! فالكرة هي وسيط تحقيق الاهداف.. كما هي بنوكنا الموقرة وسيط المستثمر الوحيد في سوق الاسهم لتحقيق الاهداف الربحية.

وعندما يكون التوجيه بدراسة السماح للمقيمين بالتداول في سوق الاسهم، فالتوجيه حكيم بلاشك حيث ستدخل سيولة جديدة الى السوق كما ان ايجاد فرص استثمارية للمقيمين سيحد من الحوالات الخارجية التي تؤثر على الاقتصاد المحلي.. اما الكرة فهي في ملعب البنوك الان والآمال المعقودة ان تكون انظمتها الالكترونية وصالاتها مؤهلة لاستقبال المزيد من المتداولين مع تلافي احد أهم المشاكل التي يعانون منها في ظل تعطل أنظمة التداول من وقت لآخر وتعليق اوامر البيع والشراء وامتلاء صالات التداول وانشغال الهاتف المصرفي.

المثير للتعجب هو ان مشاكل البنوك لم تبدأ هذا العام أو في العامين الاخيرين حيث تضاعف عدد المتداولين واستقطبت الاسهم اهتمام الجميع فكان بوسعنا ان نبررها بالزيادة المفاجئة وغير المتوقعة التي لم تحتملها انظمة التداول.. إلا انها في الواقع مشاكل قائمة منذ عام 2001م!! هذا ما ادهشني وأنا أقرأ موضوعا قام برفعه أحد المشتركين من الارشيف فوجدته منقولا من صحيفة الرياض بتاريخ 18-10-2001م بعنوان (استمرار الاعطال الفنية لـ «تداول») ومحتوى يشير الى تلك الاعطال، وتعليق من الصحيفة يقول: (هذه الاعطال باتت تزعج المتداولين ويجب ان تحل باسرع وقت).. بوسعنا من وقت لاخر ان نعيد نشر هذا الخبر مع تغيير كلمة (باتت) الى (مازالت) انظمة التداول تتعطل دون سابق انذار، ومازال المتداول عبر الانترنت يقامر بوضع أمر الشراء ويضع معه احتمالات ان يظل معلقا حتى اشعار اخر او يتم التنفيذ على سعر مختلف او يشتري ومن ثم يتعطل النظام فلا يتمكن من البيع عند السعر المستهدف.. فالقرار في ظل هذه الاعطال ليس دائما قرار المتداول بل هو في كثير من الاحيان قرار (الحالة الفنية) لنظام التداول في البنوك الوسيطة.

وقد لايخفى على أحد أن التعاملات المصرفية تعتبر من أكثر التعاملات حساسية وتتطلب دقة شديدة يجب على البنوك تحريها حتى لاتتعرض اموال عملائها للخطر، فما بالنا بـ (مزحات مصرفية من الوزن الثقيل) لحالات متكررة تطفو على السطح من وقت لآخر وسيولة تتقلص وتتمدد في محافظ العملاء الاستثمارية اثناء فترات التداول أو خارجها ثم تعود لحالها الطبيعي، والمثل يقول (لا من شاف ولا من درى) اما هنا فهناك عميل (شاف) ومع ذلك المسؤول الذي (درى) لم تصدر عنه أية ردة فعل توازي الخطأ الجسيم.

من دواعي فخرنا ان قيادتنا تخرج الينا بكل جرأة وتواجه الازمات بشفافية وتسارع الى اتخاذ القرارات الحاسمة والمطمئنة، الا انه من دواعي اسفنا ان لاتتعامل الجهات التنفيذية وذات العلاقة بالازمات والمشاكل التي تؤرق شريحة كبيرة من المواطنين بذات الجرأة وذاك الاحترام لحقوقهم.

بنوكنا الموقرة في مواجهة تحدٍ كبير لم يعد يقتصر على حل مشاكلها مع المواطنين الصابرين والمحتسبين والمقدرين للأخطاء بالرغم من ان احدا لم يعتذر لهم او يفكر بأن يوضح الأمر معلنا عن جدول زمني للوصول لحل جذري لمشكلة انظمة التداول الالكترونية في البنوك والتي إخالها مختلفة عن مشاكل نظام (تداول) العام ذلك ان لكل بنك مشاكله التي تختلف عن البنك الآخر مما يشير الى أن الخلل في شبكات البنوك نفسها.. كما ان احدا لم يفكر بتعويض العملاء عن خلل تسبب لهم بخسائر بل نكتفي من وقت لآخر بتصريحات (مسؤول في احد البنوك) مجهول الهوية غالبا او معلومها أحياناً اخرى ليفيد ببساطة ان هذه الاعطال البسيطة لاتسبب خسارة تذكر للمتداولين، اما كيف تمكن من الحكم على ذلك فتبقى الاجابة معلقة كحال تعليق الأوامر المغلوبة على امرها.

اعود وأعيد، لم يعد التحدي في مواجهة البنوك المحلية لشكاوي المواطن.. ولكنه بات في مواجهة الفئة الجديدة التي قد تدخل سوق المال من المقيمين، وفي مواجهة انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وما سيتبع ذلك من منافسة شديدة تتطلب رفع كفاءة انظمتها المصرفية وتعزيز قدراتها التنافسية وطرح خدمات استثمارية ليست بالتأكيد على غرار الصناديق الاستثمارية الحالية التي بات يشار اليها على انها آخر المستفيدين من ارتفاع المؤشر وأول الخاسرين عند هبوطه.. وللتذكير ايضا ستكون في مواجهة مكاتب الوساطة متى ما تم الترخيص لها.. فهل ستسارع بمواكبة كل ذلك قبل ان تتسارع وتتراكم التحديات؟.. سؤال اتمنى ان تكون اجابته (نعم) فلن يضير البنوك نقد أو مكاشفة اليوم، وخير لنا ان نكشف المشاكل ونعالجها فيما بيننا قبل ان ينكشف وجهها على غريب.
 


 

[email protected]
رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
المصدر: صحيفة عكاظ