أسبوع النظافة

رانية سليمان سلامة

اليوم: الاثنين

التاريخ: 14 ربيع الثاني

السنة: 1412هـ

يوم يؤرخ في سجلات الدار حيث دارت أحداث المسرحية على مسرح الدار التعليمي

اسم المسرحية: (هل النظافة شعار أم ممارسة؟)

مخرج المسرحية: المربية الفاضلة مديرة الدار سيسيل رشدي

مساعد المخرج: وكيلتها الرائعة السيدة فائزة كيال

بطولة: مديرة القسم الثانوي والمتوسط السيدة هيام العوري وباقي الجهاز الإداري والتعليمي، بالإضافة إلى العديد من الممثلين (طالبات الدار).

ولكن هذه المسرحية ليست كباقي المسرحيات.. نعم، لقد كانت مرتجلة إلى أبعد الحدود.. ولم نستعد لها ولم نتدرب على أدوارنا فيها، ولكنها نجحت ولله الحمد وكان لها واسع الأثر في نفوسنا.

فبعد انتهاء العرض وإسدال الستار دار في عقل كل طالبه منا حوار وعلامات استفهام واستنكار بل وتعجب!!.. ما مناسبة هذا الحدث؟ وهل كان مجرد كسر للروتين اليومي المعتاد الذي  نعاني منه أم ماذا؟. (1)


هكذا صورت الطالبة البندري القودة الحدث الذي صادف احتفال مدرستها بـ (أسبوع النظافة) لتنقل تجربة فريدة عاشتها ووصفتها مجازاً بالمسرحية التي لا تنتهي بإسدال الستار خاصة وأنها قد خلفت وراءها للمشاهد أسئلة تشحذ تفكيره للتحليل واستخلاص الدروس التربوية منها.

وللمسرحية وجه آخر تعرفه السيدة سيسيل رشدي مخرجة المشهد الذي يتجلى فيه توظيفها لتخصصها في علم الاجتماع لتعالج الخطأ بدرس تربوي لايمكن أن تنساه الطالبات.

تقول السيدة سيسيل:

"كنت آخر من يغادر المدرسة كل يوم، وفي طريق عودتي إلى منزلي أمر بساحات الثانوي كالمعتاد، لكنني في ذلك اليوم  هالني مارأيته من أوساخ ونفايات تمتلئ بها الساحة بالرغم من أن الحاويات فارغة!!.. وصعدت إلى الفصول والممرات ووجدت حالها لايقل سوءاً عن حال الساحة الخارجية بعد (اليوم الطويل) الذي تتناول فيه الطالبات الغداء في المدرسة.. فعدت إلى مكتبي واتصلت بالسيدة ميادة السباعي المشرفة العامة على نظافة المدارس، وقلت لها: هذا المبنى أغلقيه بالمفتاح الآن وامنعي عاملات النظافة من تنظيف الساحات.

بتعجب شديد عجز عن تحجيم ردة الفعل التلقائية قالت السيدة ميادة: شو؟ هيك بدي اتركه؟

أجبتها بحزم: نعم، مع تنبيه عاملات النظافة لتحضير الجرادل والمماسح والمكانس وجميع أدوات النظافة ووضعها غداً صباحاً في ساحة القسم الثانوي أمام الطوابير".

في صباح اليوم التالي كانت الساحات المتسخة في استقبالنا – نحن الطالبات - والأسئلة المتشحة بالاشمئزاز تتالى (ماهذه الأوساخ؟، لماذا لم يتم تنظيف المدرسة؟)، وبدأ التخمين يخيم على المكان بين من تقول (ربما عاملات النظافة قد أعلن الإضراب طلباً لرفع المرتبات) وأخرى بفرح تقول: (يبدو أن اليوم إجازة ولن نتمكن من مواصلة الدراسة، أتوقع أن تطلب منا المدرسة العودة لمنازلنا حتى يتم تنظيف المبنى).. وتلاشت الأسئلة وازداد التعجب مع ظهور السيدة سيسيل رشدي في طوابير المدرسة قائلة بعد أن سمعت مايكفي من الطالبات: (تتسائلون لماذا لم ينظف أحد المبنى؟ فهل لي أن أسألكم من الذي ملأها بكل هذه الأوساخ؟).

خيم الصمت على المكان لحظة تبادلنا خلالها النظرات حتى التقطت أعيننا مشهد أدوات النظافة التي يحملها فريق الإداريات والمعلمات والابتسامة على وجوههن تخفي معرفتهن بفصول المسرحية التربوية التي ستشهدها هذا الصباح الدار.

وكان الإعلان من السيدة سيسيل رشدي له وقعاً مدوياً على الطوابير فبدأنا نتسائل فيما بيننا:

"هل حقاً قالت أبلا سيسيل أن الحصة الأولى وإذا استدعى الأمر حصتين تم إلغائهما حتى ننتهي - نحن الطالبات – من تنظيف المدرسة؟".

في الواقع لم تكن أمامنا مهلة للتفكير أو الاستنكار فقد بدأت فعلياً مهمة الفريق التنفيذي من إداريات ومعلمات حيث تم توزيعنا إلى مجموعات كل منها أوكلت إليه مهمة تنظيف إحدى زوايا المكان تحت إشراف الفريق التنفيذي الذي استبدل مباشرة الابتسامة بنظرة جدية لاتجدي معها التوسلات بالعفو ولا تنطلي عليها محاولات الاعتذار .

أثناء مهمة التنظيف فقط أذكر أننا شاهدنا اللوحات والشعارات التي قمنا بإعدادها وتعليقها قبل أيام لتزين أركان المدرسة بمناسبة أسبوع النظافة. وشعرنا كأننا نشاهدها للمرة الأولى، فثمة فارق بين أن نعلق الشعارات وبين أن نمارسها .

تلك التجربة الاستثنائية كانت تتكرر بصور مختلفة تحدد إدارة المدرسة ملامحها خلال أسبوع النظافة بحسب ممارسات الطالبات وسلوكياتهم في المحافظة على نظافة المدرسة، فتتنوع مابين المحاضرات والوسائل التربوية والمسابقات.


المراجع
(1) من مجلة دار الحنان العدد 13 – عام 1412هـ الموافق 1992م - بقلم الطالبة البندري ناصر سلطان القودة - الثالث العلمي (ب)