الهدية تؤثر على الجانب العاطفي للمرأة وبها يمكن حل المشاكل الأسرية والاجتماعية

الهدايا،، البعض يفضلها غالية والبعض يفضلها معبرة

عربيات - إيهاب سلطان
صور وفيديو

أحذر من غضب شريكة حياتك قبل شراء هديتك… فلم تعد الوردة ولا الكلمة الحلوة ترضيها في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الحالية فجميعنا نعلم أن الهدية لها قيمة ودلالات ومعان تختلف باختلاف الهدية وأن التهادي سلوك إنساني راقي وناضج ولكن في ظل المتغيرات الاقتصادية ومتطلبات الحياة العصرية تغيرت أحلام الفتاة العربية وأصبحت تطلب ما يتناسب معها فلم تكتف بالنظرة الحانية والكلمة الرقيقة لأن الحياة المادية التي تعيشها طغت فيها المادة على كثير من نواحي حياتنا وخاصة العلاقة الإنسانية بين الطرفين ولذلك تختلف الهدية وتتنوع من مناسبة لأخرى وتتوقف على الشخص المقدمة له والمقدمة منه .

وقد رصدت " عربيات " في هذا التحقيق ما تفضله الفتاة العربية في هديتها فغالبيتهن تفضلن الهدايا العملية التي يمكن الاستفادة منها فلا وقت لديها لقطف الزهور وسماع الكلمات المعسولة بل تنظر لقيمة الهدية على أنها تاج على رأسها فكلما زادت قيمتها المادية كلما أحست الفتاة بقيمتها العالية عند مقدم الهدية فهي دائمة البحث عن الجديد والغريب الذي يبهجها ويميزها ويزيد ثقتها بنفسها في محلات الموضة التي تسعى لإرضاء بنات حواء لعلهن يرضين عن الزوج المسكين والخطيب الحالم .

كما لاحظنا أن الهدية بالكلمة أو الوردة باتت من الهدايا الكلاسيكية التي ترضي الأمهات ونسبة كبيرة من الزوجات اللاتي يحلمن بإرضاء أزواجهن ويرون سعادتهن الحقيقية في نجاح الأسرة ككل.

وقد استعرضنا أراء بعض الفتيات باختلاف ثقافاتهن وتعليمهن وأيضا الزوجات والآباء وعلماء النفس والاجتماع ورأي علماء الدين لنقدم لكم هذا التحقيق.

 

حكايا  وهدايا

في البداية تقول الآنسة هدى إسماعيل محاسبة بإحدى شركات السياحة : "اختيار الهدية يتوقف على أكثر من عامل يحدد نوعها وحجمها وثمنها وأهم هذه العوامل الشخص الذي سوف أقدم له الهدية وهل هو رجل أم امرأة ، وهل هو قريب أم بعيد ، صديق أم زميل في العمل ، فهناك من الهدايا ما يصلح لأفراد الأسرة ولا يصلح للأصدقاء وفي العادة أفضل اختيار الهدايا ذات الطابع الكلاسيكي لأفراد العائلة مثل اخوتي وأمي وأبي وغيرهم أما بالنسبة للأصدقاء فأختار لهم الهدايا الغريبة والمضحكة وبطاقات التهنئة التي تحمل أمنيات وأحلاما مختلفة كما أحب أن تهدى إلي مثل هذه الهدايا وأشعر بسعادة غامرة عندما أتلقاها في المناسبات المختلفة وخاصة إذا كانت ذهبا فأنا أعشق الذهب وأحس أنه أفضل ما يقدم للمرأة فهو زينة راقية تزيدها جمالا ورونقا بالإضافة أنها هدية غالية ولا أظن أنه لا يوجد رجل يدفع الغالي إلا لمن هو غالى عنده".

أما نهى محمد طالبة بكلية تجارة جامعة حلوان السنة النهائية فتقول : " أفضل الهدايا العملية التي يمكن أن يستفيد منها الشخص في حياته اليومية مثل قطع الديكور أو العطور الفاخرة ولذلك لا أفضل كثيرا الورود كهدية لأنها تذبل سريعا ولا تترك ذكرى للمناسبة التي أهديت فيها أو للشخص الذي قدمها ولكن عندما تكون الهدية مادية أيا كان نوعها تعيش طويلا وعندما أنظر إليها أتذكر من قدمها وأفكر فيه لذلك أشعر بانتهاء عصر الوردة التي تذبل والكلمة التي تذوب أما نحن الآن فمع الهدايا الغالية الثمن".

نوال حسين خريجة تجارة خارجية جامعة القاهرة، لها رأيا آخر حيث تقول : "أن للهدية مفاهيم كثيرة فقد تكون مقدمة كنوع من الاعتذار أو أن تكون مقدمة كتهنئة بمناسبة من المناسبات اعتاد الناس أن يتبادلوا خلالها الهدايا وقد تكون الهدايا المقدمة كنوع من المجاملة أو التودد لذا فأنا أفضل الهدية البعيدة عن المجاملة وهى العطور بمختلف أنواعها وفي أي مناسبة وأنا شخصيا أعشق العطر وهو عندي أغلى من الذهب فالعطر  أحتاجه في أي وقت وأي مكان وأي زمان وبالتالي ستبقى الهدية معي دائما لا تفارقني أبدا وكذلك صاحب الهدية وهو الشخص المقصود من هذا والأهم فالعطر لا يمكن لأي امرأة الاستغناء عنه فقد أصبح من المتطلبات الملحة للمرأة".

 

 

 

 ولكن لولاء سيف الإسلام في السنة الأولى بكلية الآداب جامعة عين شمس رأي آخر حيث ترى أن نوعية الهدية المقدمة إليها ليست مهمة من حيث ارتفاع ثمنها ولكن تكمن قيمتها في معناها و المناسبة التي تقدم فيها هذه الهدية وأن تكون مرتبطة بمناسبة تختلف من موقف لآخر فهناك هدية تقدم لموظف تولى منصب هام فهذه تكون رشوة أما الهدية المقدمة من الزوج لزوجته تكون من أرقى معاني الحب وتأكيد المشاعر الجميلة وقد تساعد في حل بعض المشاكل والخلافات الزوجية فالكلمة الحلوة والهدية البسيطة التي تحمل بداخلها معاني التقدير والمشاركة في الحياة تفعل الكثير والكثير في العلاقات الإنسانية وربما تفعل ما لا يفعله غيرها .

 

أما زهيرة حسن.. مدرسة متزوجة منذ أربعة أعوام فتقول : "زوجي عطوف وحنون جدا وكريم معي في كل شئ إلا مشاعره التي أحس أنه يعاني من بخل شديد فيها فهو لم يقدم لي هدية إلا عندما أطلب منه مما يفقدني الإحساس بها لأن المفروض أن الهدية تؤلف القلوب وتعبر عن حب مقدمها لمن قدمت إليه والمرأة كائن رقيق بطبعه يحب ويتألم ربما أكثر من الآخرين وتريد دائما أن تشعر أنها محل اهتمام من حولها خاصة وإن كان من حولها هم كل حياتها ومحور اهتمامها .. وفي أثناء مشوار الحياة الزوجية تحتاج المرأة دائما للدعم النفسي الذي يجعلها قادرة على استئناف الحياة ومواصلة الطريق ولن يكلف هذا الزوج كثيرا ولكن سيترك لدي مشاعر جميلة وأحاسيس حلوة بكلمة رقيقة بهدية رخيصة الثمن غالية القيمة تظل نصب عيني دائما وتحمل مشاعر الحب وأنا أفضل دائما هدايا ذات طابع رقيق مثل أنسيال ذهب أو خاتم ذهب فأنا أشعر عندما أتذكر أن زوجي أهداها لي من راتبه أنها تأكيد وتجديد لعقد زواجنا الذي عقده المأذون بالحب والطمأنينة".

قيمة الهدية بثمنها

أما عصمت عبد الحميد، مدرسة، فتقول: "المرأة بطبيعتها تحب الهدايا وتحب اهتمام الآخرين بها وحبهم لها فالمرأة بالذات مهما كبرت ووصلت لمناصب فهي أنثى تسعدها الهدية وتطرب لكلمات الحب وخاصة من شريك العمر ولكني وبلا خجل أنظر للهدية من حيث قيمتها المادية فإن كانت هدية بثمن بخس فمعناها أنني أساوي عنده هذا الثمن الرخيص وإن كانت غالية الثمن مثل سيارة أو مبلغ كبير في حسابي الخاص فهذا يعني أنني غالية عنده لذا لا أؤمن بكلام من يقولون بالقيمة المعنوية " ..

بينما سمية مصطفى، محامية.. فترى أن للهدية آثر كبير في نفس الشخص سواء كان امرأة أو رجل أو طفل، فالأطفال يتعلقون بالهدايا وينتظرونها في المناسبات المختلفة ولكل مرحلة عمرية هداياها المؤثرة في النفس وفي العلاقة بين مقدم الهدية ومتلقيها .... مثلا الطفل الصغير يفرح بهدية بسيطة وذات قيمة قليلة المهم عنده أن تفرحه في لحظتها أما الطفل الكبير فهو يعرف قيمة الهدايا ولا يرضى بأي شيء وكذلك البالغون من البنات والأولاد فكل سن طريقته المختلفة في تقبل الهداية والقناعة بها وبالنسبة لي أنا أحرص أن أقدم لأبنائي هدايا في مناسباتهم المختلفة وكذلك زوجي يحرص أن يقدم لي هدية في عيد زواجنا ويحاول إسعادي بقدر المستطاع والهدية ممكن أن تكون رمزية فممكن أن يسعدني نزهة أو عشاء خارج البيت أو احتفال في مطعم أو فندق أو حتى إقامة حفلة صغيرة في المنزل لأن الاحتفال ضروري جدا أكثر من الهدية نفسها.

والكلام ما يزال للمحامية سمية التي تقول : "أعتقد أن أهمية الهدية بالنسبة للمرأة كان سبب طلاق نساء كثيرات وإنهاء العلاقات الزوجية لأنهن طلبن من أزواجهن هدايا ولم يعطيهن إياها فطلبن الطلاق أو اعتبرن تجاهل الزوج لمناسبتهن السعيدة بعدم تقديم هدية أو تجاهل إرضائهن بأي هدية دليل دامغ على غياب الحب والعشرة من جانب زوجها فطلبن الطلاق" .

أجمل الهدايا أغربها ،، وربما أصدقها وأبسطها

وعن أغرب الهدايا تحكي دينا خالد، خريجة قسم اللغة الانجليزية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة... قائلة: "بالنسبة لي الهدية كلما كانت فريدة ومتميزة كلما كان لها وقع أكبر في النفس فأنا لا أحب الهدايا التقليدية كما أن جمال الهدية في عامل المفاجأة .... وقد كانت أغرب وأجمل هدية تلقيتها من زوجي في فترة الخطبة عندما تفاجأت به يحضر لي زجاجة مغلقة باحكام وبداخلها ورقة صغيرة وزهور مجففة ومعها بطاقة تقول (في هذه الزجاجه نفثت هواء من روحي وأعماقي وأحكمت الغطاء جيداً حتى لايتسرب الهواء، فكأنك بامتلاكك لهذه الزجاجة تملكين روحي وحياتي بين يديك فحافظي عليها جيداً ولاتحاولي معرفة ماكتب في الورقة التي بداخلها فإن حاولت وفتحت الزجاجة تنكسر ويتسرب الهواء وأتسرب أنا من حياتك إلى الأبد)... أسعدتني الهدية و أثارت فضولي و مازلت أحتفظ بها إلى اليوم والفضول يحرضني لفتحها لكني عاهدته أن لا أفعل وتحت الضغط والاصرار  أخبرني أخيراً أن ما بداخلها  أبيات من الشعر تقول :

إن الهدايا على قدر مهديها..

لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته..

لكان قيمتك الدنيا ومافيها"

وتقول أسمهان عمر، مهندسة ديكور بإحدى الشركات الهندسية: "لا أعتقد أن هناك أحد يختلف على أهمية الهدية ودورها في تعزيز العلاقات وتعميقها بين الزوجين لأن انتشار الخيانات الزوجية كثيرة والزواج بأخريات أكثر فالمرأة و كثير من الزوجات كلما سمعن عن ذلك يبدأن في ابتكار أساليب كثيرة بهدف ربط زوجها بها واستكشاف مدى حبه لهن ولأسرته فتطلب مثلاً الزوجة هدية ثمينة حتى ولو لم تكن في مقدرة زوجها أو تختلق مواقف وتدعي الغضب وعندما يحاول الزوج إرضائها تحاول هي تأمين مستقبلها بكافة الطرق وتقليص مدخراته المالية من حين لأخر خوفا من زواجه من غيرها فلا ترضيها الوردة ولا الفستان البسيط ولكن تطلب تغيير ذهبها أو طقم ذهب جديد تدعي أنه جذبها أثناء تسوقها أو خاتم ثمين أو فيلا أو سيارة وغيرها من الهدايا الخيالية التي تقلص مدخرات الزوج وتؤمن مستقبل الزوجة من وجهة نظرها " .

وتضيف أسمهان: "الهدية ليست موضة قديمة وإنما هي إحساس ومشاعر وأنا افضل الهدايا ذات القيمة العالية والغالية الثمن لأنها آمان من الزمان فإذا احتجت إلى قيمتها وجدتها ومن هنا أصبحت الهدايا اليوم تأخذ معنى آخر غير معنى التعبير عن المشاعر ألا وهو الادخار في صورة هدية ضد ما يحدث في المستقبل كما أصبح الأزواج يعتبرون اليوم الهدية صندوق ادخاري داخل المنزل فزوجي كثيرا ما يفاجئني بهدية غالية الثمن وعندما يحتاجها في عمله أو شراء شيء آخر لأسرتنا فيضطر لبيعها واسترداد قيمتها لشراء ما يريد وهذا يسعدني كثيرا لأنه سيحولها لشيء آخر كنت أنا وأسرتي نتمناه" .

ويقول حسين علي، موظف بإحدى الهيئات الحكومية: "الهدية تحمل في مضمونها المجاملة والمشاعر الطيبة وتتباين الهدية بتباين المناسبة وليس المهم أن تكون الهدية غالية الثمن بقدر ما تكون لائقة ومناسبة لنفسية واحتياجات من نقدمها له وعلى سبيل المثال ابنتي مخطوبة وهناك مناسبات معروفة كعادات قديمة أن يقدم فيها الخطيب هدية لخطيبته يعبر فيها عن مدى مصداقيته وحبه لخطيبته ويشرفها بهديته أمام الأهل وأفراد الأسرة حيث تتباهى دائما الفتاة بهدية خطيبها وعلى النقيض تماما فإذا تجاهل الخطيب تلك المناسبات أو هداها بهدية رخيصة الثمن يعاب عليه ويتهم غالبا بالبخل أو يعتبروه فقر... وأقل ما يمكن أن يهادي الخطيب خطيبته هي إكسسوارات من الذهب حتى يظهر بمظهر لائق أمام أسرتها وأصدقائها وغالبا ما يسعد الفتاة وتشعرها الهدية بأيام الخطوبة وبأن لها شخص يشعر بها ويسعده أن يرها سعيدة وهذه الصورة أراها في ابنتي عندما يهاديها خطيبها بهدية حتى ولو لم تكن هناك مناسبة لذلك".

ويضيف حسين: "الهدية ضرورة جدا خاصة إذا كانت في الفترة الأولى للخطوبة وأنا أهتم بذلك جدا وأحب أن يهادي الخطيب خطيبته وأرحب بذلك وإن كنت أتمنى أن يهادي الخطيب هدايا معينة مثل قطعة ذهب أو خاتم غالي الثمن أو أي قطعة مجوهرات خاصة وأن ضغوط الحياة تشتد صعوبة كلما بدأت الحياة الزوجية ولهذا فهو ادخار في صورة هدية ولست مع الشاب الذي يهادي خطيبته فستان أو حذاء أو حقيبة أو أي من الهدايا المستهلكة التي غالبا ما تزول ولا تبقى ولا تعد وسيلة ادخار عندما تضغط عليه ظروف الحياة الزوجية فيما بعد".

 

أراعي نظرة حماتي عندما أقدم هدية لخطيبتي

 

ويعلق محمود السيد عبده، محاسب: "أحب أن أهدي خطيبتي بما تحبه لأن عندي إرضائها شيء مهم فأنا  أحبها وأتمناها كزوجة وأم لأولادي في المستقبل وبصراحة شديدة أنا أراعي نظرة حماتي فهي تنظر دائما للهدية بنظرة مغايرة لنظرة خطيبتي ومع الآسف تقيمني من خلال هديتي ولهذا أتجنب هذا التقييم قدر المستطاع وأحاول كسب رضاها وبالتالي رضى خطيبتي تجنبا للمشاكل في بداية الخطوبة وبصراحة أنا أعيش في سلام منذ الخطوبة وأرى في ذلك ذكاء اجتماعي حتى أتزوج وأعيش حياة هادئة" .

 

بينما يختلف عمرو عصام، محاسب.. مع صديقه محمود قائلا: "أنا أقوم بعمل ما يليق بي ويناسب ظروفي واحتياجاتي فلا يعقل أن أهادي خطيبتي بهدية تبلغ قيمتها مبلغ كبير وأنا في حاجة ماسة له حتى أبني عش الزوجية وإذا كنت سأقوم بذلك من اجل إرضاء حماتي وخطيبتي فماذا سأفعل عندما تكون زوجتي فمن تعود على هذه الوسيلة لإرضائه فسيطالب بالمزيد دون أن يقدر الظروف المحيطة بالزوج" .

ويضيف عمرو: "أنا أفعل الذي اقتنع به ولا يهمني الآن سوى الانتهاء سريعا من تجهيز شقة الزوجية وهذا من  وجهة نظري الخاصة أكبر هدية لخطيبتي وأسرتها وإذا  طلبت مني خطيبتي شيء ما سأوفره لها في حدود إمكانياتي فإذ كانت تحبني ستقدر ذلك وإذ أحسست هذا فيها سأهديها بدون طلب لأن الحب والحياة الزوجية المستقرة لا يشترى بثمن " .

الدكتور سيد صبحي : الهدية عصا سحرية لحل الكثير من المشكلات

ويرى الدكتور سيد صبحي، أستاذ علم النفس وعضو منظمة الصحة العالمية أن التهادي سلوك جيد والهدية مهما كانت بسيطة فإنها تشعر المهدى إليه أن له مكانة مميزة في حياة من يهديه، والهدية بالنسبة للأنثى تكون قيمتها أكثر خاصة إذا كانت مقدمه من خطيبها أو زوجها أو ابنها وكلما جاءت الهدية من الزوج بعد سنوات طويلة من زواجهما كانت لها قيمة كبيرة جدا ومعنى يحمل الكثير من المشاعر التي تؤثر بالإيجاب على حياة الزوجين .

ويضيف الدكتور. سيد صبحي: "الأم تقدر الهدية من أبنائها بشكل كبير لأنها تشعرها بأن أبنائها يقدرونها ولا ينسونها خاصة إذ كانت في شيخوختها ومن الممكن أن تكون الهدية كلمة جميلة كأن تقول لزوجتك إذ أعدت طعام جيد (تسلم ايديك) وهذه الكلمة لها مردود كبير في نفوس الزوجات وتشعرهن بالراحة بعد عناء يوم طويل وتعطيها حافز كبير لأن تقوم بمجهود مضاعف ، وأحيانا تكون الهدية لمسة حنان وعرفان وامتنان وهناك مشكلات كثيرة يمكن حلها بالهدية ومن ثم باتت الهدية العصا السحرية لحل الكثير من المشاكل العائلية والزوجية فالتغيير المصاحب للهدية يؤثر كثير في النفس وأفضل الهدايا التي تهدى من القلب فالهدية الممنوحة من القلب يحس بها ولو كانت زهرة جميلة فالجانب العاطفي يؤثر في تكوين الاتجاهات وهو أحد مكونات اتجاه الشخص أو تعبر عن رأيه والاتجاهات لها ثلاث مكونات المكون الوجداني والمعرفي والسلوكي... ومن ثم فالهدية تؤثر كثيرا من الناحية الوجدانية للأفراد لذلك فمردودها إيجابي ناحية الشخص الذي يهدي الهدية .... كما تختلف الهدية باختلاف الشعوب والعادات والتقاليد والأعراف ومقدرات الأفراد فكلما ارتفع ثمن الهدية كانت أكثر تأثيرا في النفس والناس صنفان منهم من يبحث عن القيمة المادية للهدية ومنهم من يبحث عن القيمة المعنوية للهدية وأظن أن البحث عن القيمة المعنوية أفضل من المادية لأنها تزول بزوال السبب بينما تبقى القيمة المعنوية وتدوم " .

وتختلف مسائلة التهادي -والحديث ما يزال للدكتور صبحي- من شخص لآخر فهناك أفراد لا تمثل الهدايا لهم أي معنى ومرات كثيرة تعبر الهدايا عن أشياء مفقودة كأن تكون تعويضا عن حاجة عاطفية غير مشبعة وقد تكون مسالة التهادي عند البعض مجرد تقليد وعرف يتوارثه الأجيال مثل الابن الذي يرى الأب يهدي هدية إلى الأخرين في مناسبات سواء كان في مناسبات الزواج أو النجاح في الامتحانات وغيرها من المناسبات المتعارف عليها بين الأسر وبعضها .

كما يلعب التعليم والمستوى الثقافي دور كبير في الهدية بين الأفراد وبعضها خاصة وأن سلوك التهادي موجود بالأسرة ويعد من البروتوكولات الاجتماعية التي تتم دون تعلم بل تكتسب من خلال الحياة وتخلق المحبة بين الأفراد وتشكل سلوكهم ، والهدايا الأكثر شيوعا الحلي والملابس والعطور ولا ننسى أن عنصر المفاجأة مهم جدا في الهدايا فهذا يجعل الهدية دائما جميلة ومبهجة ولكن إذا أعطيت الهدية بناء على وعد سابق فإنها تكون تافهة لا تأتي في الغالب بثمارها وتفقد طعمها ومن هنا أؤكد أن الهدية تؤثر تأثيرا إيجابيا ومهما في سلوك الأفراد فهي رسالة من مرسل إلى مستقبل وبها يتم توثيق العلاقات والروابط بين الأشخاص لذلك يجب عدم إهمالها .

الدكتورة أنوار الأتربي: لكل هدية معنى ودلالات

وترى الدكتورة أنوار الاتربي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الهدية تختلف باختلاف المجتمعات ولكل شعب حسب وضعه الاقتصادي وعاداته وأخلاقيات المجتمع وتنشئة الأفراد الاجتماعية فتقول : "مثلا في أميركا تهدى هدايا غير التي تهدى في الشعوب العربية... والهدية لها دلالات ورمز فالكتاب هدية ترمز للعقل والثقافة والفكر والتنوير والحضارة الإنسانية ورمز للسمو وبالتأكيد عندما يهدي شخص ما كتابا للأخر فإن هذا يعكس تقديرا عقلانيا له، بينما تعبر هدية الحقيبة باختلاف قيمتها وذوقها عن رمز الاحتواء والغموض وحب الاستطلاع والرغبة في الاكتشاف وعادة ما تهدى الحقيبة فارغة وسرعان ما تملئ بأشياء جميلة... أما الأحذية عندما تهدى فهي ترمز للحركة والاتصال والراحة وهو رمز محدود القيمة بينما الذهب والمجوهرات إذ تم إهدائها فإنها ترمز إلى قوة المشاعر ونقائها وصفائها أي أن لكل هدية معنى ورمز ولذا فإن الهدية تربط الأشخاص بالمحبة والسلام بعيدا عن النفاق خاصة إذا كانت هدية بدون غرض ولا تحمل في مضمونها هدف يتطلع من أهداها إليه".

ويرى الدكتور صفوت القاضي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر أن سلوك التهادي وتبادل الهدايا سلوك جميل ومحبب ولعلنا نعرف جميعا حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال (تهادوا تحابوا) ويقول: "هذا توجيه الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى فإن هو إلا وحي يوحي له وفيال حديث علاج للنفس وبالتالي فإن الهدية نوع من تكوين العاطفة الإيجابية تجاه الآخرين والتعبير عن تلك العاطفة أمر مهم لأن ديننا الحنيف يطالبنا بالحب والتراحم والتفاهم ، فالهدية تؤلف القلب بين شخصين لذلك أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالتهادي".


ويضيف الدكتور صفوت: "التهادي له آداب في شراء الهدايا بحيث تكون الهدية المقدمة أفضل الأنواع من جنسها فإذا أقام الشخص الذي يهدي الهدية بشراء قلم لابد أن يكون أفضل أنواع الأقلام وإذ أراد شراء سيارة فلابد أن تكون من أفضل أنواع السيارات وهكذا.. والهدايا تفرغ الضغائن من القلوب ومن الأولى أن تكون من الزوج وزوجته والخطيب وخطيبته ولو بكلمة حلوة ولفظ محبب ووصف جميل وتزداد الهدية قيمة كلما كانت مصحوبة بتعبير صادق عن مشاعر موجودة حقا وليس نفاقا " .