أحلام تنهار وشهور بالإحباط

الإحتلال يقتل فرحة التخرج في عيون الفلسطينيات

عربيات : فلسطين - ميساء أبو دواس

بات الإحباط وفقدان الأمل كلمات مرافقة لألئك اللواتي صادف تخرجهن موعدا لا بأس به مع اليأس صعوبات في شتى المجالات  في إيجاد عمل ، وفي محاولة خلق فرص عمل لهن على الساحة الفلسطينية بعد أن أجهضت إسرائيل أية فرصة متبقية لتحقيق أحلامهن بسبب ما فرضته من صعوبات ومعوقات ساعدت على ضياع آمالهن في إيجاد وظائف وذلك على جميع الأصعدة بعد انتفاضة الأقصى.

  
خبرة ودورات  دون جدوى
 

 سهير من منطقة نابلس خريجة " إدارة أعمال " أنهت دراستها مع بداية   انتفاضة الأقصى تقول"منذ تخرجي وحتى الأن وأنا أبحث عن عمل سواء في مجال تخصصي أو غيره ولكني للأسف لم أفلح في أيجاد أي عمل " ... وتضيف سهير : "أخذت  عدة دورات تدريبية  في البنوك وأخرى في مجال المحاسبة، إضافة إلى دورة كمبيوتر شاملة لكن الجميع يقابلنا بالقول إنهم على وشك تفنيش عدد من الموظفين فكيف باستيعاب أناس جدد." وتكمل سهير بان  فرصتها في الحصول على وظيفة قبل انتفاضة الأقصى كانت كبيرة ولكن الأمل أصبح الأن معدوما إلى درجة أنها بحثت عن واسطة من الأردن لكي تجد وظيفة هناك .

 أما إسلام خريجة علوم سياسية/فرعي صحافة ، لم يختلف وضعها كثيرا عن سهير حيث تقول "بحثت عن عمل في العلاقات العامة أخذت عدة دورات منها كمبيوتر/إنجليزي وفرنسي محادثة وكتابة.على أمل أن أكون مؤهلة  عندما احصل على وظيفة  ولكن الآن مع هذا الوضع الصعب وتقطيع أوصال المدن حال دون أن أخرج من مدينتي فكيف لي بالذهاب إلى مدينة أخرى". أما إيمان تقول ساخرة"بالرغم من اليأس الذي يتملكني لعدم إيجادي لوظيفة حتى الآن بعد حصولي على بكالوريوس شريعة إلا أن للجلوس في المنزل حسناته فأنا الأن خبيرة في شؤون الطبخ وبإمكانك أن تقولي بأنني أصبحت بروفيسور في الطبخ والحلويات"  ... وتضيف إيمان :"لكن هذا لا يمنعني من أن أتقدم بطلبات للتربية والتعليم لعلي أجد فرصة على الرغم من  انهم بقولون لي دائما أن خريجي هذا التخصص عددهم كبير.ولا أمل خاصة في ظل هذه الاوضاع". 

أوضاع  التخصص

 عدم حصول الفتيات على الوظيفة المناسبة يضطرهن إلى العمل في مجالات مختلفة لا علاقة لها بالتخصص الذي أحببنه واخترنه للعمل والإبداع فيه، فالخريجة ليندا تخصص مكتبات ، تتحدث عن نفسها قائلة:"اضطررت القبول بالعمل في روضة أطفال كمدرسة وذلك بعد أن انتظرت طويلا علي أجد فرصة للعمل في مجال تخصصي الذي أحبه وهو المكتبات ولكن للأسف هناك عدة أمور حالت دون إن أحصل على الوظيفة التي أريد .منها العراقيل الرهيبة التي وضعتها إسرائيل من تضييق الخناق علينا بشتى فنون الحصار بعد مجيء الانتفاضة، إضافة إلى أن أهلي خافوا علي من العمل في الوظيفة الوحيدة التي عرضت علي ،وذلك لأنها في بلدة أخرى بالرغم من أن المسافة بين البلدين أقل من ربع ساعة " ... وتكمل ليندا "إنني اشعر بقمة الإحباط واليأس خاصة بعد أن فرض علي أن أعمل في روضة  وبراتب ضئيل جدا والمشكلة إنني أكره وظيفتي".  

الوضع الاقتصادي يفرض نفسه

 أما عن رأي أصحاب العمل فيقول أبو رياض مدير مكتب للمحاماة "بأن الوضع الاقتصادي حالياً صعب جدا نتيجة الأوضاع التي فرضتها إسرائيل فنحن لا نستطيع أن نوظف أي شخص جديد .والموظفين الموجودين لدينا ،الوضع لا يسمح بإعطائهم رواتبهم "... ويضيف أبو رياض "الموظفين الحاليين أصبح لدينا معهم مشكلة من حيث الوصول إلى مراكز عملهم بسبب صعوبة المواصلات والطرق الالتفافية التي تأخذ وقتا ناهيك عن تكاليف المواصلات المرتفعة مما يضطرنا الى توظيف اشخص من نفس المنطقة إذا كنا بحاجة لذلك والاستغناء عن الطلبات التي تأتى من مناطق أخرى. خالد، مدير إحدى شركات الكومبيوتر في مدينة نابلس فيقول "لا أستطيع في هذه المرحلة أن أستخدم أي أحد نهائيا فالوضع الاقتصادي مزري للغاية ، كما أننا نتعامل مع أجهزة مرتفعة الكلفة ، وأضحت من الكماليات بالنسبة للفلسطينيين في ظل الوضع الاقتصادي الصعب".  

أحلام تنهار وشعور بالإحباط

 إن عملية البحث المرهقة عن- عمل سواء كانت لخريجات أو خريجين ، وما يقابلها من أبواب مغلقة في وجوه هؤلاء الشباب ، يجعل الوضع النفسي لهم صعبا للغاية في ظل ظروف تتطلب منهم الحصول على عمل بأسرع وقت لسد ،ولو جزء قليل،من المصاريف اليومية لعائلاتهم ... إيمان من نابلس تغلبها دموعها عندما تتحدث عن الرحلة المتعبة في سبيل الحصول على عمل ،" عام ونصف مضى على تخرجي قضيت أغلب أيامي متنقلة بين الدوائر الحكومية والمؤسسات المختلفة دون جدوى ، والآن أشعر أن أحلامي التي بنيتها أثناء الدراسة تنهار شيئا فشيئا ، هذا عدا عن الهم الذي أحمّله لأهلي نتيجة وضعي النفسي الصعب " تقول إيمان.  محمد عطوي، رئيس نقابة الأخصائيين النفسيين في محافظة نابلس يعلق على الموضوع قائلا " المشكلة انه لا يوجد مؤسسات رسمية أو أهلية تستوعب كافة الخريجين الذين يتزايدون سنويا ، وهناك طلبات تقدم عدة مرات وترفض، " و... يضيف عطوي "أن الخلل هو في المقاييس الموجودة داخل مؤسساتنا والتي لا تعتمد في أغلبيتها على كفاءة المتقدم أو خبرته وإنما تترك العنان لمقاييس أخرى كالواسطة وغيرها …"  وعن الحالة التي قد تنجم عن هكذا وضع يقول عطوي : " عندما لا يتوفر لدى شاب في عمر الإنتاج حتى مصروفه اليومي ، يضطر مرغما للعمل في مجال بعيد كل البعد عن تخصصه مثل الاتجاه للعمل اليدوي ، أو الانضمام لقوافل العاملين في إسرائيل وما يتطلبه ذلك من تضحيات ومعاناة تؤدي إلى الاكتئاب ، والشعور بالإحباط وعدم الإفادة في المجتمع.  

خطوة في الاتجاه الصحيح

 وكخطوة من المؤسسات التي رعت هذه الفئة في فترة أحلامها وكانت حاضنة آمالهم ، قامت (( جامعة النجاح الوطنية ))  بمدينة نابلس بتأسيس نادي للخريجين يعمل على إيجاد جسر للتواصل مع خريجي الجامعة المتواجدين داخل الوطن وخارجه : " يعمل هذا النادي على تجميع المعلومات عن كافة الخريجين بهدف إيجاد وسيلة للالتقاء والتعارف فيما بينهم كخطوة أولى" والحديث للدكتور صادق عنبتاوي المسؤول هذه الفكرة ، يضيف عنبتاوي " أن النادي يقوم حاليا بقديم تسهيلات خفيفة لبعض الخريجين بهدف إيجاد وظائف لهم كخطوة مبدئية ، بينما يهدف النادي مستقبلا إلى خلق تعاون بين النادي والمؤسسات والدوائر المختلفة وفي شتى التخصصات ومعرفة طبيعة احتياجاتهم ومدّهم بما يحتاجونه من خريجين" ويقول عنبتاوي " إن النادي عبارة عن نوع من التضامن الاجتماعي الذي يضم كافة فئات الخريجين دون التحيز لاتجاه أو آخر". الأحلام الضائعة … الأنفاس المخنوقة .. عناوين بارزة في حياة هؤلاء .الخريجات اللواتي شاء القدر أن يكون تخرجهن في فترة انطلاق الانتفاضة الحالية ، حيث ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوء ً واضطرت الكثير من المؤسسات والشركات إلى الاستغناء عن الكثير من مستخدميها بسبب الأزمة المالية التي تعانيها. ويبدو أن الأمر لن يجد حلا على المدى القريب لارتباط معظم الجزئيات الفلسطينية بالقضية الأم.