الهجرة غير الشرعية سيناريو النهاية لا يخرج عن: الموت أو السجن أو الندم»!

أسماء عايد - إيطاليا

« 76 حادثة أسفرت عن غرق 503 مواطن، وفقد 527 أخرين، وتعرض 2941 شخص للنصب من قبل عصابات تسفير الشباب».. «وصلت جثث ٥ شباب مصريين من بين ٢٨ لقوا مصرعهم في حادث غرق مركبين في هجرة غير شرعية ».. «كشفت تحقيقات نيابة كفر الشيخ مع الشباب الذين قامو بالهجرة غير الشرعية بأن ماوراء هذا 20 سمسار بمحافظات الشرقية والبحيرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية ولهم اسماء وهمية وحركية».. «إيطاليا تقر قانونا جديدا يجرم الهجرة السرية ويعاقب عليها..وترّحل 32 مصرياً بعد 3 أيام من دخولهم بصورة غير شرعية».. «مباحثات ليبية إيطالية لمتابعة تنفيذ اتفاق التعاون الليبي الايطالي في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية».. عنواين متكررة نقرأها شبه يوميا وتندرج بقسوة تحت قائمة بغيضة.. قائمة الجرائم الإنسانية وغياب الضمير وتغييب الوعي!

سؤال بديهي: ما الذى يدفع الإنسان إلى الهجرة؟ فيترك مراتع الطفولة وأحب الأماكن إلى قلبه؟!
هل المناخ الاقتصادي الذي قال عنه العالم الديمغرافى "ألفريد صوفي"- محاولا تلخيص إشكالية الهجرة: "إما أن ترحل الثروات حيث يوجد البشر وإما أن يرحل البشر حيث توجد الثروات"! أم مناخ الحرية؟ فمع الديكتاتورية لا أمان ولا ضمان ولا أى شىء، وفى جو الاستبداد تقتل الحياة قتلاً، وقد تكون الصحارى مع الحرية أفضل من الاستبداد مع الجنان!
أم هو مناخ العوامل المحفزة فالثورة الإعلامية التى عرفها العالم مؤخرا جعلت الناس – حتى الفقراء جدًا منهم- يستطيعون اقتناء الهوائيات التى تمكنهم من العيش عبر مئات القنوات فى عالم سحرى يزرع فيهم الرغبة فى الهجرة والفرار من سجن الوطن لتحقيق الأحلام الوردية في أوروبا والدول المتقدمة! أم انها-أي الهجرة غير الشرعية- هي نتاج الممنوع، ورد فعل أمام غلق الأبواب أمام الهجرة الشرعية الذي أجَّج من وتيرة الهجرة السرية وتأجَّجت معها عصابات تجارة الأوهام (غير الشرعية) التى تتكالب على من يفكر بالهجرة فتبث فيه حلم الثراء.
صحيح أن الحكمة القديمة تقول: من يخسر وطنه يخسر كل شىء، حتى يجد وطنًا جديدًا لن يكون وطنًا.. لكن الحكمة الحديثة تقول: المال فى الغربة وطن، والفقر فى الوطن الغربة .
هذا ويعتبر قرار الهجرة من أصعب وأخطر القرارات فى حياة الإنسان، بالإضافة إلى أن من هاجر ولمس الحضارات الأخرى يصل إلى حالة شديدة من الغرابة.. فلم يعد وطنه يعجبه ولا المهجر تُسعده.. فهو نفسيًا فى الأرض التى لا اسم لها! ولنتذكر قول الفيلسوف "ديكارت": إن من يُكثر التنقل يصبح غريبًا فى بلده.
***
الإجابة صادمة: «الموت بالغرق أرحم من الموت بقلة الحيلة والفقر»
صمت قليلاً.. ومسح الدموع من عينيه بطرف جلبابه البسيط.. ثم أجاب: «الموت بالغرق أرحم من الموت بقلة الحيلة والفقر».. بهذه الكلمات بدأ الأب الريفي يروى لنا قصة إبنه الصغير، كان ذلك فى لقاء تليفزيوني ساهمت في إعداده من داخل مجمع التحرير، حيث مقر إدارة مباحث الأموال العامة بالقاهرة.
الأب لم يتعظ من غرق إبنه البكر قبل شهور فبادر بإرسال الابن الأصغر! غير ان نيابة الأموال العامة تمكنت من إلقاء القبض عليه وعلى السمسار ورفاقه من عصابات الإتجار بالبشر!
***
وزارة الداخلية الإيطالية: « ايطاليا أكثر دول الاتحاد الأوروبى استقبالاً للمصريين »

فى الشارع المصرى إذا تفوَّهت بمصطلح "الهجرة" فأول ما يقفز إلى الأزهان هو "إيطاليا"! حيث إنها أكثر دول الاتحاد الأوروبى استقبالاً للمصريين. وقد كشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية الإيطالية أنه خلال عشر سنوات تضاعف عدد دخول الأجانب ليصل إلى أكثر من مليونين و400 ألف مهاجر يحملون إقامة رسمية.. من بينهم أكثر من 300 ألف مهاجر مصرى مسجلين رسميًا، وأكثر من 200 ألف من المهاجرين غير الشرعيين، فيما سجلت إحصائيات الأمن الإيطالية وحدها في الربع الأول من عام 2009؛ إستقبال سواحل كالابريا 14 زورقاً محملة بأكثر من 1500 مهاجر غير شرعي معظمهم من المصريين.
في موازاة ذلك تضاعفت نسبة الإيطاليين الذين ينظرون بمنتهى الريبة إلى المهاجرين،أضف إلى هذه النسبة أن 11٫3% هى نسبة الفقراء الإيطاليين والذين يبحثون عن طعام وملابس فى مخلفات الأسواق وصناديق القمامة-وفقا لما نشرته بالصور جريدة ليجّو.
***
قناة( Rai 3 ) الايطالية: « في عام 2008 اختفى ما يقرب من 1320 مهاجر غير شرعي »
حسبما ورد في تقرير تليفزيوني أعدته قناة( Rai 3 ) اختفى ما يقرب من 1320 مهاجر غير شرعي، حيث يستغل رواد مافيا الأعضاء البشرية عدم وجود بيانات حكومية وأوراق رسمية تثبت وجود هؤلاء ومن ثم يسهل التخلص منهم وسرقة أجسادهم دون أدنى محاكمة قانونية! وهي نقطة اخرى جديدة يمكننا اضافتها إلى القائمة السوداء لمخاطر الهجرة الغير قانونية.
***
عماد خضر: « كافر من لم يهاجر إلى ايطاليا!»
حول قضية "الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا" قررت بأن التقي بمجموعات مختلفة من المصريين المقيمين فى أكثر من مدينة إيطالية ليتحدثون إلىَّ عن مشاكلهم وأوجاعهم من الهجرة وتوابعها..
وفي المقابلة الأولى، استقبلنى أصغرهم (عماد أحمد خضر) -طالب بالصف الأول الثانوي- بقصيدة عامية من تأليفه ومما جاء فيها :
اصحى عشان تنام ** وسيبك من الأحلام
ولاّ اصحى وفوق معايا ** واسمع أحلى كلام
حكايتنا من أولها ** حقيقة مش خيال
إيطاليا بلد البقر ** صبحت حلم كل البشر
وبقت كل حياته ** يحلب جاموس ومعيز إيطاليا
الواد شفة وشفتورة ** راحوا هناك حافيين
والكل صاحبه صورة ** وغابوا هناك سنين
رجعوا قيمة وصورة ** وسلام للكالفين
هنا شباب كتير *** ضحوا بعلمهم وحلمهم
جايز يرجع كبير ** ويبقى أصله ماله
سلملى على الكرامة ** دا المعنى فى الإقامة
دكتور مين يا عم ** ولا مهندس إيه
روح إيطاليا تنسى الهم ** وترجع منها بيه
سلملى على الغلابة ** إخوانى المدرسين والمغرمين صبابا
عاشوا الدور زيادة ** أخرتهم هتبقى سودا
شفت إزاى إيطاليا ** اللى فيها راسه عالية
واللى يرجع اسألوه ** أو اسألوا الغرقانين والمجانين
يارب قوينى عشان ** أقدر دايمًا أسافر وأروح إيطاليا
لـ أموت ويقولوا عماد كافر ** أصله مرحش إيطاليا
ثم استطرد قائلاً: أنا مقيم شرعى لكن ما جاء فى الأبيات هو التفكير السائد لكل سكان قريتنا، أما إيطاليا فقد أطلقت عليها بلد البقر لأن مئات من أهل بلدتى يعملون هنا فى تربية المواشى وإدارة الزرائب بجميع أنواعها، وشيوعها، دلالة على أنها من الحرف المربحة فى إيطاليا.. علاوة على أنهم بطبيعتهم على دراية بها نظرًا لنشأتهم الريفية.
ويحكي - والد عماد عن بداية رحلته قبل سنوات من الان (وقبل ان يحصل على الاقامة الرسمية)- أحمد خضر: 45سنة، من إحدى القرى المصرية التابعة للمنصورة، يحكي قائلا: "سافرت من مصر إلى ليبيا قانونيا بجواز السفر المصري وعند وصولي للأراضي الليبية استلمت جواز سفر ليبي " مضروب " بعد أن وضعت - بالبناء للمجهول ولعصابات التسفير- صورتي الشخصية على جواز مواطن ليبي - فطبقا للقانون : أي ليبي له الحق في دخول أي دولة أوروبية.
وبالفعل دخلت إلى مالطة والتقيت بأفواج أخرى من المصريين والعرب، انتهى الأمر بنا جميعا داخل قارب صغير "مركب صيد " وبدأت رحلتنا من مالطة إلى إيطاليا. وبعد مرور ساعة لاحظنا أن مياه البحر بدأت تتخللنا تماما وأجسادنا تغوص للأسفل واكتشفنا وجود ثقب بالقارب! وكان علينا أن ننضح المياه بالجرادل ، وما أن شرعنا في ذلك إلا وقد بدأت في ملاحقتنا لنشات السواحل.. كنا على وشك الموت فعليا ونفسيا حتى أننا ألقينا معظم أغراضنا بين أمواج البحر ونطقنا الشهادة ونحن نطلب من الله أن يسامحنا على ما فعلنا في أرواحنا، وفي أعماقي تمنيت لو قبض عليّ غفر السواحل بدلا من الموت الأبدي في القارب المثقوب. لكن القائد الملطي- المسئول عن القارب- استطاع الإفلات بنا وبنفسه وبعد 3 ساعات ومع الفجر وطأت أقدامنا مدينة كاتانيا الإيطالية.. وطال الوقوف بأقدامنا! فلا نعرف ماذا بعد؟!إلى أين نذهب؟ تناثرت الأفواج.. وبقيت أنا برفقة 10 من المصريين ولمحنا بالقرب منّا حديقة فنمنا على حشائشها حتى الصباح.. وبعد استيقاظنا بدأنا السير في شوارع المجهول وحمدنا الله وكدنا نزغرد عندما وجدنا رجلا عربيا "مغربي" فهرولنا اليه علّه يساعدنا! وبعد السلامات والتحيات طلبنا منه – فقط - أن يذهب بنا إلى محطة القطار لأننا نود السفر إلى مدينة ميلانو. فماذا كان رده؟ لقد طلب منّا 500 يورو مقابل خدمة بسيطة كهذه! أنا وكل من معي من المصريين أخرجنا كل ما في جيوبنا فكان أقصى ما أمكننا تجمعيه هو 300 يورو ، وبعد محايلة وتوسلات عديدة منا.. قبل بهم لكنه قذف بنا خارج سيارته بعد مترات قليلة ..".
***
شريف السيد: « تم تخزيني في ليبيا داخل غرفة صغيرة بها 200 شخص..وحارس الغرفة عذبنا بالكرباج»
ويضيف شريف صلاح السيد: "كنت أعيش بشكل طبيعى ولم أفكر بالهجرة من قبل إلى أن سافر ابن عمى فتهافت الجميع على إقناعى بالسفر مثله، وبدأت رحلتى مع مهرِّب من قرية ميت جابر -مركز بلبيس- دفعت له المبلغ المحدد ومضيت وصول أمانة بالمبلغ المتبقي، واتفق معى على عدم الإبلاغ عنه وإلا قدّم وصل الأمانة للشرطة.. سافرت ليبيا (المرحلة الانتقالية) وهناك تم تخزينى فى غرفة صغيرة مع 200 شخص من جنسيات عربية مختلفة.. بلا مأكل لأيام طويلة.. ومن اعترض فقد نال نصيبه من التعذيب بالكرباج.. إضافة إلى سرقتهم لكل ما فى جيوبنا.. أما من فكر بالهرب فقد تم قتله! أما عنى فقد وصلت لإيطاليا من 4 سنوات وتزوجت من امرأة إيطالية بنية الحصول على الأرواق وتنظيم حياتى ورغم ذلك لم أعمل سوى سنتين فقط من هذه الأربع.
***
خريج كلية هندسة: « في مصر معنديش واسطة وعشان كدا رميت نفسي في البحر واتسجنت»
ثم تحدَّث إلىَّ (كامل رشوان) 28 عامًا، حاصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكا من مدينة الإسكندرية، مقيم فى إيطاليا من 3 سنوات، وقبلها عاش لفترة فى ألمانيا بشكل غير شرعي أيضا.
"كامل" أعلن حبه لمصر قائلا: "مصر أجمل بكتير بس مفيش شغل خاصة إنى مليش ظهر (واسطة)!! وعشان كدا رمينا نفسنا فى البحر واتبهدلت ودخلت السجن الإيطالى 8 شهور".
***
عمرو أمين: « والله حرام حد يبيع أرضه وأملاكه عشان يجي هنا في ايطاليا»
وبكل صراحة أعلن عمرو أمين -جاء من المنصورة: "والله حرام حد يبيع أرضه وأملاكه عشان ييجى هنا فى إيطاليا". "أنا كان عندى تاكسى فى مصر وبعته بعد إغراءات من أصدقاء لى فى إيطاليا، دفعت 8000 يورو لعمل الأوراق وبعد وصولى للأراضى الإيطالية كانت أول مفاجأة أن أوراق الإقامة غير موثقة بشكل قانوني"!!
***
بينما محمد محمود عطا الله تقدّم بالنصيحة قائلاً: "نصيحة لأصحابى فى مصر.. محدش ييجى تهريب خالص لأن الوضع سىء وفرص العمل قليلة جدًا".
***
محمد عبادة: « ندمت على أني تركت السعودية من أجل عيون ايطاليا »
وفى حزن شديد يتحدث محمد عبادة: "كنت فى السعودية من 5 سنوات، وسعيد بها إلى أن اتصل بى أحد أقاربى من المقيمين فى إيطاليا وأخبرنى أن الحياة رائعة، فانتقلت إلى إيطاليا بعد أن دفعت 75000 جنيه مصري، وتسلّمت الإقامة بعد 8 شهور من دخولى إيطاليا.. 8 شهور تراكمت علىّ الديون نتيجة عدم حصولى على عمل"!

***
أحمد عاطف: « أتمنى أن تسعى مصر الى الحفاظ على حقوق مواطنيها في الخارج»
يضيف أحمد عاطف -المنصورة- مقيم فى إيطاليا من عامين: "لن أتحدث عن مشكلات الشباب هنا ولكن أوجه كلمتى للشباب فى مصر.. الشباب الذى يفكر بالمجىء بسبل غير قانونية.. فالحياة هنا ستصبح سجنًا له حيث سيكون فى ملاحقة دائمة من الشرطة والجهات الحكومية، بالإضافة لصعوبة حصوله على عمل ومسكن وخلافه".. نقطة أخرى أود التحدث فيها وهى "أشعر بأن حقوق المصرى هنا -حتى المقيم بشكل قانوني- منتهكة مقارنة بجنسيات أخرى مثل أهل المغرب وتونس!! أتمنى أن يتم التنسيق بين البلدين لحفظ حقوق المواطن المصرى فى الخارج".
***
إخصائية اجتماعية بايطاليا: «إدارة الإصلاحية طلبت منى إقناعهم بتسليم أوراقهم.. فاتصل احدهم بوالدته قائلاً لها:اخبزى الجواز فى رغيف عيش وابعتيه مع أى حد مسافر إيطاليا اليومين دول»
ثم التقيت الأستاذة وفاء الدسوقى (إخصائية اجتماعية وتعمل مترجمة ثقافية فى العديد من الهيئات الحكومية بإيطاليا) والتى كشفت لنا عن عشرات الطرق الملتوية التى يستخدمها بعض المصريين لاسيما هؤلاء المتحايلين على القانون! تقول: دعتنى الإصلاحية للمجىء حيث تم القبض على مصريين من صغار السن -تحت 18 سنة- وفى حاجة إلى "وسيط لُغوي" كى نتمكن من التواصل معهم.
وتضيف: طبقًا للقانون الإيطالى لا يحق لأى جهة طرد المهاجرين -وإن لم تكن معهم أوراق إقامة رسمية- من فئات معينة كالمرأة الحامل أو صغار السن.. لكن عليهم تقديم أوراق إثبات الشخصية مثل جواز السفر كى يتم استخراج أوراق إقامة مؤقتة لإبقائهم بشكل قانوني.
أما من تم القبض عليهم هذه المرة لم يكن بحوزتهم الجواز مخافة أن تتم مصادرته أثناء رحلة الهجرة غير الشرعية أو بعد القبض عليهم.
وتستطرد قائلة: إدارة الإصلاحية طلبت منى إقناعهم بتسليم أوراقهم دون خوف فلن يتم ترحيلهم.. فطلب منى أحد الأولاد أن يتصل بأسرته فى مصر كى يرسلوا له جواز سفره.
محمد 15 سنة من إحدى قرى المنصورة يتصل بوالدته قائلاً لها: "اخبزى الجواز فى رغيف عيش وابعتيه مع أى حد مسافر إيطاليا اليومين دول".. وأحمد 16 سنة: طلب إرساله داخل "بطة محمرة"!
***
القنصل العام بميلانو: « مؤخرًا تزايدت أيضًا هجرة القصّر أيضا ونحن بصدد الحد منها »
- وفى حوارى مع السفيرة شيرين ماهر، قنصل عام مصر فى إيطاليا، قالت: "بعد أن رأيت بعينى -من خلال عملي- المعاناة التى يحياها الشباب المصرى المقيم بشكل غير شرعي، فأدعوا الجميع للتروي والتفكير مليون مرة قبل الإقدام على خطوة مؤسفة مثل هذه!".
وأشارت: "مؤخرًا تزايدت أيضًا هجرة القصّر ونحن بصدد الحد منها ومحاولة إيجاد حلول للحالات التى تم اكتشافها بالفعل".
وشددت على أن: "حتى فيما يتعلق بالهجرة الشرعية على كل مهاجر أن يتأكد قبل سفره من صحة عقد العمل الذى حصل عليه من قبل سماسرة التسفير حيث تقدم إلينا يوميًا العديد من الشكاوى بخصوص عقود العمل المزوّرة، وللتأكد من صحة العقد؛ يكفي التوجه لوزارة الهحرة والقوى العاملة بالقاهرة فهناك إدارات متخصصة للتأكد من صحة عقود العمل بالكشف عن اسم صاحب العمل والتأكد من ان هناك بالفعل عمل ينتظر المهاجر المصري الحاصل على عقد".
***
وزيرة الهجرة والقوى العاملة: « الوزارة تعمل على مكافحة هذه الظاهرة بتويعة الشباب وبتوفير البديل الشرعي»
- وفي حواري مع معالي الوزيرة عائشة عبد الهادي، تحدثت عن الدور الذي تقوم به في الوزارة في مكافحة هذه الظاهرة والذي يعتمد على محورين: الأول: توعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية، والمشاكل التي ستواجهم قبل وأثناء وبعد السفر؛ أي احتمالية أن يقعوا فريسة لتجارة وسماسرة السفر، ثم صعوبة الرحلة وما يليها ـ إن وصل ـ من صعوبة الحصول على عمل نظرًا لعدم امتلاكه أوراق رسمية. وهذه الحملات التوعوية تتم من خلال محطات الإذاعة ذلك أنها أكثر وصولا وانتشارا في المناطق المستهدفة بالخطاب وهي المناطق الريفية بالقرى المصرية. الثاني: توفير البديل الشرعي وهذا من خلال ثلاثة اتجاهات:
(1) التنسيق والتعاون مع إيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية من خلال توقيع اتفاقيات في مجال العمالة المصرية .
(2) عقد اتفاقيات مع دول عربية وبالفعل عقدت مؤخرا اتفاقيات مع الأردن وليبيا وقطر وتترواح فرص العمل الجديدة في السوق العربية ما بين 350 إلى 400 في العام.
(3) محاولة توفير فرص عمل داخل مصر ولدينا 300 مكتب تشغيل موزعة في مختلف أنحاء الجمهورية.
وأوضحت: مع إيطاليا تم توقيع اتفاقية " تدفق العمالة المصرية " في نهاية 2005 ودخلت التنفيد في 2008 وبموجب الاتفاقية خصصت حصة سنوية تقدر بـ 7000 تأشيرة عمل مصرية في السنة الواحدة وفي مجالات مختلفة كالبناء وقطاع التشييد وقطاع الخدمات وغيرها، لكن هناك صعوبات حالت دون الوصول إلى النسبة المتفق عليها ويرجع ذلك إلى الجانب الإيطالي نظرًا للمدة الطويلة التي تقتضيها إنهاء الأوراق لديهم.
وحفاظًا على حصتنا المتفق عليها في الاتفاقية فقد طالبنا وزارة العمل الإيطالية بفتح قانون يسمح بتصحيح أوضاع المصريين المقيمين بالفعل داخل الأراضي الإيطالية ولكن بدون أوراق رسمية وذلك لاستكمال حصتنا. كان ذلك بعد عقد لجنة مصرية إيطالية عليا في مايو 2009 بشرم الشيخ وبحضور وزير العمل الإيطالي بعد أن سبقه لقاء مع نائب الوزير ومع السفير الإيطالي بالقاهرة.
وعن كيفية الهجرة تحت إشراف الوزارة، وتأهيل المهاجر لُغويًا وحِرَفِيًّا ومِهَنِيًّا بحيث يكون هؤلاء واجهة مشرفة لبلد عظيم مثل مصر، أجابت:" نحن نستقبل طلبات كل من يرغب في الهجرة، ومن بعد تكون هناك مقابلة يقوم فيها الجانب الإيطالي باختيار الأفضل، يلي ذلك تأهيله على كافة المستويات، وفي هذا الصدد فقد قمنا بعمل ما يسمى بـ "مطابقة الأكواد" فهناك ما يسمى ببطاقة الوصف الوظيفي وبطاقة الوصف الحرفي ومن أجل تناغم أفضل فكان لابد من تطابق الوصف بين أساسيات الحرف والوظائف بين البلدين وحتى الآن فقد تم تطابق 43 مهنة وحرفة بيننا وبين إيطاليا، و21 بيننا وبين فرنسا ."
***
مديرة مكتب الهجرة- بمدينة بياتشنسا: « قانون 94 لعام 2009 له تأثير كبير في اجراءات احتجاز وطرد المهاجر غير الشرعي »
- وبسؤال مديرة مكتب الهجرة "مايا جروبيسك" عن اخر التطورات في قوانين الهجرة المتعلقة بالقضية قالت: "إن كانت إيطاليا يوجد على أراضيها 6 ملايين مواطن أجنبى ما بين شرعى وغير شرعي، إضافة إلى الأزمة العالمية -التى أثّرت سلبًا على الإيطاليين أنفسهم- فمن المنطقى أن تُولى الدولة اهتمامها بالإيطاليين وبالأجانب الشرعيين.."
أما عن الجديد في إجراءات ترحيل وطرد المهاجرين السريين فقالت:"أكد قانون حزمة الاجراءات الأمنية (قانون 94 لعام 2009) أن له تأثيرا كبيرا في اجراءات احتجاز وطرد المهاجر السري من البلاد، علاوة على استحداثه الجريمة المعروفة بالهجرة السرية(أي الغير شرعية). وينص القانون على تنفيذ الطرد خارج البلاد بمجرد إبلاغ القاضي عن طريق إدارة المباحث العامة، يليله حكما ينفذ آليا! حيث يتم إرسال الأجنبي واحتجازه في مراكز تحديد الهوية والترحيل، وعند هذه المرحلة يواجه الأجنبي قضيتين: الأولى هي تأكيد وقوع جريمة الهجرة غير الشرعية، والقضية الثانية تأكيد وجوبية الاحتجاز في مراكز الاستقبال والترحيل للتحقيق من الهوية الحقيقية وإعداد وثائق الترحيل وقد يستلزم عدة أشهر في كثير من الأحايين، الأمر الذي جعل البعض يعترض على هذا التشريع الجديد قائلا بأنه لا يتماشى مع القانون الدولي علاوة على انها لا تحترم الكرامة الإنسانية وروح القانون التي يجب أن تعمل على الإندماج بين الشعوب وليس تهميشها".
ثم أنهت كلامها بإسداء نصيحة لكل من يُفكر بالسفر من موطنه الأصلي: "إن أردت أن تُحترم فعليك احترام قانون الدولة التى تود الدخول إليها".
- فيما بدا "أليسّندرو بونتيشيلّي"- نائب المديرة-أكثر تعاونا، إذ أطلعني على عشرات الصحف التي تؤكد صعوبة الحصول حاليا على عمل في ايطاليا خاصة للمهاجر غير الشرعي بوجه خاص والمهاجر بوجه عام.
ثم أضاف: "إيطاليا كغيرها من الدول المستضيفة تعطى للمهاجر Il permesso di soggiorno أي السماح بالإقامة.. والسماح ليس ضمانًا لبقاء هذه الإقامة، وبالتالى أى ظروف يمر بها المهاجر من الممكن أن يسحب منه هذا السماح! كأن يتم الاستغناء عنه فى العمل -خاصة أن معظم المهاجرين يعملون بالمصانع وبالحرف البسيطة ربما لإتقانهم لها وربما لأن شهادتهم العلمية غير معترف بها هنا فى إيطاليا.. وهؤلاء -غالبًا- هم أول من يستغنى عنهم أو يحاول تقليص عددهم فى ظل أزمات اقتصادية كتلك التى نمر بها".
وأوضح:"في تقيمي الشخصي قانون تجريم الهجرة غير الشرعية عرقل الترحيل الطوعي للمهاجرين السريين من ايطاليا وهي نتيجة غريبةويدركها جيدا وزير الداخلية روبرتو ماروني لأن وزارته هي نفسها التي كانت تقوم بتمويل مشروعات من المفترض أنها تعمل على ترحيل المهاجرين ممن لا يحملون وثائق قانوينة للاقامة ولكن مع قانون وجود القانون الأمني الجديد توقفت تلك المشروعات عن تنفيذ أهدافها".
***
حتى تكتمل الصورة كان لابد من عرض وجهة نظر كل من لهم علاقة بالهجرة غير الشرعية سواء داخل مصر أو داخل ايطاليا.
أولا: شرائح من الشعب الايطالي: « نؤيد الاندماج مع سائر الشعوب.. ولكن أليس من الأولى أن يعمل أبناء الوطن أولا!»
- يقول دافيدي أموروسو (صيدلاني)-مدينة بارما: "المهاجر الغير شرعي تكمن مشكلته في أنه متواجد وغير متواجد في ان واحد! بمعني هو مواطن بيننا يتحرك ولكن لا يملك اثبات شخصية أو اي ورقة تعلن انه مقيم في ايطاليا؛ وبالتالي هي مشكلة خطيرة جدا تؤدي إلى تهديد الأمن اضافة إلى الظروف البائسة التي يعيشها والتي غالبا ما تدفعه إلى ارتكاب الجرائم والسرقات وتجارة المخدرات وغيرها من الأفعال الغير قانونية التي يمكن أن يقوم بها هذا المواطن الأجنبي دون أن يستدل عليه".
- وتقول ماريا جراتسيا (ربة منزل): "في نهاية شهر يناير 2010 وصل عدد العاطلين عن العمل من الإيطاليين إلى مليونين ومئة وثمانية وثلاثين، لذلك أظن أنه من الأولى أن يعمل أبناء وطني بدلا من دخول المزيد من المهاجرين سواء كان دخولهم شرعياً أم لا" ثم أضافت "ولا أخفيكِ سرا، أنني من بين المؤيدين والمشاركين في اضرابات شهر مارس القادم التي تنظمها رابطة الشمال وتهدف إلى عدم بقاء المهاجرين المقيمن بالفعل، علاوة على عدم الترحيب بدخول اخرين، لكن في حال دخل إلى أراضينا فعليه أن يخضع للمراقبة على الأقل ستة أشهر كما عليه أن يحترم جميع القوانين و إلا سنجبره نحن على احترامها ".
- بينما يرى فيدريكو مالافازي (ماجيتسير فلسفة)-مدينة مودنا: " أشعر بأن الهجرة هي مسألة عدالة اجتماعية في المقام الأول، سواء في البلد الأصلي للانسان أو في بلد المهجر، ولا أتصور انه يمكن حل مشكلة تدفق الهجرة غير الشرعية إلا بكسر معظم العلاقات الدولية بين ايطاليا وبعض الدول الاخرى، لكن حتى وان حدث هذا فمن الصعب التحكم في المسألة خاصة وان وضعنا في الاعتبار موقع ايطاليا الجغرافي، أما عن المهاجر الشرعي فلا أعتقد ان الاقتصاد الايطالي يمكن ان يخطو خطوة بدونه فبلادي بحاجة اليهم ونحن نعتمد عليهم في مجالات شتى، وانا شخصيا أؤيد الاندماج والحوار مع كل الثقافات"
***
ثانيا: شرائح من الشعب المصري: « اذا جاءت لي فرصة الهجرة سواء كانت شرعية أم لا..فلن أتردد في الموافقة..وفتوى د/علي جمعة لم تراعي ملايين الشباب العاطل ولا الأفواه الجائعة »
- يرى إسلام خليفه (طالب بكلية الاداب قسم الحضارة الأوربية)-القاهرة: "مازلت في المرحلة الجامعية لكن لست واثقا من على الحصول على العمل بعد التخرج؛ فالواسطة في مصر هي المفتاح وليس المؤهل العلمي ولا الاجتهاد والعبقرية حتى!واذا أفترضنا أن الشاب حصل على عمل فلا أتصور ان المرتبات في مصر كافية لتوفير حياة ادمية كريمة ولتوفير متطلبات الزواج، أما في الدول المتقدمة مثل ايطاليا فأتصور أن هناك احتمالات أكثر لتأمين مستقبلنا كشباب بدلا من أن ينتهي بنا الأمر الى الجلوس على القهاوي أو القيام بأعمال مازال ينظر لها المجتمع على أنها أعمال تحقر وتحط من قيمة من يعمل بها كعامل نظافة".
بينما يرى شاب اخر-رفض الإفصاح عن هويته، لكن أسرّ لي بأن: "الوطنية كلام فارغ، ومصر لم تعد امي ولا ام الدنيا، ربما هي أم وأب لبعض الفئات كالأثرياء وأصحاب السلطة أما الشعب البسيط فلا قيمة له، لذا اذا جاءت لي فرصة الهجرة سواء أكانت شرعية أم غيرها فلن أتردد برهة في الموافقة والسفر فورا، بدلا من أموت دهسا بأقدام الجوع والغطرسة السياسية"!
- وتعقيبا على فتوى الدكتورعلي جمعة مفتي الديار المصرية التي أصدرها بعد وفاة ما يقرب من ثلاثين شاباً مصرياً غرقاً أمام السواحل الإيطالية: إنّ هؤلاء الشباب «ذهبوا من أجل أطماع مادية فألقوا بأنفسهم إلى التهلكة» وإنّهم ليسوا شهداء فقال ثالث: "ان الفتوى لم تراعي ملايين الشباب العاطل الذي ضاقت به الدنيا فهرع لفرصة سفر حتي لو دفع فيها حياته، ولم تراعي الأفواه الجائعة التي تنتظر لقمة العيش فقط ناهيك عن الأمراض والأوبئة المتفشية، ثم ما معنى التفكير في اصدار فتوى أصلا مع انه ثبت في الأحاديث أن الغريق يعد شهيدًا في الإسلام، وهذا ما لم يكن في حال معصية لله، فمن سافر لطلب رزق، أو طلب أمن، أو زيارة مشروعة، أو فسحة مباحة، فغرق فهو شهيد، وقد جاء عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغريق شهيد".
***
- وفى النهاية، دعونى أداعبكم بالأغنية الشهيرة: "لو بطلنا نحلم نموت.." وهذا صحيح ولكن لو بطلنا نفكر بواقعية سنموت أيضًا.. والموت أنواع! فبعض المهاجرين غير الشرعيين يموت ولا يستدل عليه فيكون رحيله عن الحياة مخزيًا! رحل مجهولاً.. وربما ينتظره الأهل طوال العمر على اعتقاد أنه هناك يغرف النعم فى بلاد الغربة.. وقد أصدرت "مؤسسة أولاد الأرض لحقوق الإنسان" أن معظمهم يموتون ما بين الانتحار، التجمد من برودة الجو، القفز من القطار، الموت جوعًا، الموت على يد شرطة الهجرة، الموت فى مراكز الاحتجاز، الغرق، الموت خلال الترحيل.
مئات الحكايات سمعتها خلال الحوارات واللقاءات، فهناك الرجل المصري الذي عُثر عليه ميتًا في مسجد -بمدينة بريشيا الإيطالية – بعد ان مات متجمدا أثناء نومه.. فالمساجد هنا بسيطة وغير مجهزة للنوم أو الاستكانة بها في لحظات الصقيع أو التخفي بداخلها لمن لا يملك مأوى أو أوراق إقامة رسمية. وزرت الأماكن التي يختبئ وينام بها بعض المصريين المقيمين بشكل غير شرعى، يتسللون اليها بعد منتصف الليل بعد ان تهدأ الدوريات الأمنية وتقل حركة المارة في الطريق، الأماكن أشبه بالمزابل ومجمعات تدوير القمامة.
وإن كان هذا هو حال المهاجر الغير الشرعي في ساعات الليل.. فكيف به في النهار؟ إن ملامحهم الشاحبة - لحاجتهم للطعام والشراب- مغرية لمن يبحثون عن من يعاونهم في تجارة المخدرات وتوزيعها وبأقل تكلفة والإصلاحية مليئة بالضحايا الصغار!
وهناك أيمن محمد أبو زهرة 22 سنة وألقي القبض عليه وبحوزته كمية كبيرة من المخدرات التي يقوم بترويجها في الأزقة. مضت 3 سنوات وستظل سنوات شبابه مسجونة خلف القضبان الإيطالية حتى إنتهاء فترة العقوبة. وفي زنزانة أخرى يجلس أستاذ محمود زكي 43 سنة، كان معلما بإحدى المدارس المصرية لكن قَرَرَ المجئ، جاء وعاش قليلا ثم ألقي القبض عليه بتهمة تزوير أوراق الإقامة. حتى هذه الأوراق المزورة تعد حلم صعب المنال حيث تترواح تكلفتها من 600 يورو إلى 1000 يورو. أما الأوراق الغير مزورة فتكلفتها 5000 تقريبا وليس الأمر مؤكدا! فمئات الحكايات تؤكد أن- للأسف- بعض المصريين والعرب هنا يتاجرون ببعضهم البعض. المهاجر المقيم بشكل شرعي والذي يمكنه مساعدة الآخر لعمل هذه الأوراق .. غالبا ما يستلم هذه الـ 5000 وبعد مرور 4 شهور تقريبا - مدة إنهاء الأوراق - يخبره أنه لم يتم قبول الأوراق هذه المرة وعليه دفع 5000 أخرى لإعادة المحاولة بشكل مختلف .. وهكذا
وهناك من دخل إلى الأراضى الإيطالية بأوراق إقامة شرعية وقانونية ١٠٠%، وعندما حان موعد تجديد الأوراق «غالبًا ما يكون ذلك مرة كل عام» تَقدَّم بأوراقه وعقد عمله وجواز السفر وأُخذت بصماته، وبالفعل أتم جميع الخطوات بشكل دقيق ورسمى.. لذلك أعطوه وصلاً بالتسلّم «ما يطلق عليه«La ricevuta» على أن يتم تسلّيمه الإقامة الجديدة بعد فترة قد تصل إلى ستة أشهر أو أكثر كما هو متعارف عليه طبقًا للقانون الإيطالى، لكن بعد فترة وجيزة ترك عمله لأسباب خارجة عن إرادته، وكان عليه أن يبحث عن عمل آخر، لكن أحدًا لم يقبل بتشغيله، نظرًا لعدم وجود ورقة الإقامة بحوزته، وإنما فقط إيصال التسلّم! على الرغم من أن هذا الايصال يعتبر بمثابة الإقامة، والدليل أنه يسمح بالسفر خارج إيطاليا، ومن ثم العودة والدخول بالإيصال دون أدنى مشكلة.. لكن يبدو أن القانون فى جهة وأصحاب الأعمال فى جهة أخرى! مما دفعه للذهاب إلى أحد المشهورين بعمل أوراق مزوّرة.. وبالفعل فى غضون أيام قليلة كان قد تسلّم «إقامة مضروبة» دَفع مُقابلها ٢٠٠ يورو لمواطن مقيم بإيطاليا من أصل تونسى.. على أن يُسدد بقية المبلغ بعد أن ينجح فى الحصول على عمل.. وبمجرد أن حصل عليها أخذ يتجول فى شوارع إيطاليا بحثًا عن عمل. الغريب أنه تمكن فورًا من الحصول على عمل.. أى أن أصحاب العمل اقتنعوا عن طيب خاطر بصحة الأوراق مع أنها فى الحقيقة مزوَّرة!! ولم يقتنعوا بالإيصال رغم صحته!
***
- استغرق إتمام هذا التحقيق قرابة تسعة أشهر لم تتوقف خلالها حوادث الهجرة غير الشرعية والضحايا وردود أفعال الجهات المختلفة إزاء هذه الحوادث كحادثة قرية برج مغيزل بمطوبس محافظة كفر الشيخ، وكمقتل الشاب أحمد ممدوح (من أبناء محافظة الشرقية) في ميلانو، على أيدي شبان مهاجرين أيضاً من البيرو والإكوادور؛ وأرجع نائب عمدة ميلانو ريكاردو دي كوراتو مثل هذه الأحداث إلى التكدس الشديد للأجانب في المنطقة مشيرا إلى أن هناك نحو 200 ألف أجنبي يعيشون في ميلانو من بينهم 40 ألف من المهاجرين غير الشرعيين. وخلال شهور التحقيق لم تتوقف أيضا التغطيات الإعلامية للحوادث وذلك من خلال الصحف والبرامج ومن بينها برنامج حديث المدينة الذي استضافني فيه المحاور مفيد فوزي وتحدثت عن قرية "ميت بدر حلاوة"، و قرية "كفر مجاهد" التابعة لمحافظة الدقهلية، وكذلك "ميت أبو الكرمة" – واسمها سابقا ميت الغرقة- التي يوجد بها ما يقرب من 15 عصابة وبعضهم تم القبض عليه ثم أفرج عنه مثل أحمد أبو عابد وأخيه محمد. وأثناء الحلقة تم عرض لقطات فيديو عن القضية كنت قد قمت بتصويرها بنفسي، حتى ان بعد اذاعة البرنامج بأيام وصلتني تهديدات غير أنني عقدت العزم على الاستمرار خاصة بعد ان أكد لي العشرات من المهاجرين على تعاملهم مع هذه العصابات! كما قام أحد السماسرة بتقديم إيصال أمانة إلى الشرطة كان قد مضى عليه أحد المهاجرين الغير شرعيين -ممن سجلت معهم وأعلن اسم السمسار أثناء التسجيل- في سبيل أن يهاجر.