المطالبة بحقوق المرأة

الصراع الأزلي بين المرأة والرجل.. متى ينتهي؟

عربيات: المغرب - عبدالواحد أستيتو

تقول الملكة فكتوريا : "  باعتباري ملكة بريطانيا العظمى ،أود أن أطالب و بقوة بالدعم و العون من أي جهة  داخل حدود المملكة أو خارجها . و أن أدعو كل من يملك القدرة على الكتابة و يجيد فنون التعبير ، و أن أناشد الجميع رجالا و نساء ، لينهضوا معي يجمعنا هدف واحد و هو درأ خطر شرير يتربص بالإنسانية جمعاء و هو خطر المطالبة بما يسمى " حقوق المرأة  " . اذ ما تطالب به بعض النساء هو الرعب بعينه ، فهؤلاء النسوة ينادين بوضع يتنافى تماما وطبعهن و فطرتهن اللطيفة الرقيقة ، والأخطر من هذا كله هو أن حصول المرأة على هاته " الحقوق " يعني نسيانها كل جوانب الأحاسيس و الواجبات الأنثوية " .

هذه القولة هي لامرأة غربية ، " متفتحة " ، رغم ذلك فهي تلخص ببراعة منقطعة النظير الوجه الذي يجب أن تكون عليه المرأة منتقدة بشدة النساء اللائي ينظرن إلى المساواة نظرة خاطئة تؤثر بالدرجة الأولى على وضعية المرأة داخل المجتمع . هاته " المساواة " تخلق عدة مظاهر تكون فيها المرأة هي المتضرر الأول .

تقول أمينة ، خادمة : " أنا التي أصرف على البيت ككل . منذ مدة و أنا أعمل بالبيوت ، و قد استحلى زوجي جلوسه و بطالته . و هو الآن ينتظر كالنساء مصروف البيت . لقد اعتدت على هذا الوضع الشاذ ، في بادئ الأمر كنت أتذمر لكنني الآن استسلمت للوضع ".

كيف نستطيع أن نعلق على هذا ؟ إن خروج المرأة للعمل هو سبب هذا المشكل الذي تطرحه أمينة ، و غيرها كثيرات . لا أحد يعترض بالطبع على عمل المرأة في إطار شرعي و معقول ، هذا مؤكد . لكن تجاوز هذا الإطار قد يخلق عدة مشاكل أولاها و أخطرها : العنوسة . هذا المشكل الذي يسبح فوق رؤوس عدد من النساء . فقد استأثرن بأغلب فرص العمل و بأثمان أرخص مما تتطلبه اليد العاملة الذكورية . و الرجال أغلبهم عاطلون : لا عمل .. لا مال .. لا سكن . و على الشباب الذين يفترض أن يكونوا في مواقع العمل أن يعانوا البطالة و الخواء ، فينظرون بالتالي إلى الزواج و كأنه كارثة وجب تجنبها بأية طريقة .

وننتقل إلى وجه آخر من المشكلة ..

تقول ربيعة ، ربة بيت  ،  إنها استطاعت أن تحكم سيطرتها على زوجها فأصبح ك " الخاتم في إصبعها " ،  فهي تحاول ما أمكنها أن تكون لها الكلمة الأخيرة في البيت . و قد نجحت  في ذلك إلى حد بعيد .

إن هاته الأفكار ، التي تفصل دائما بين الرجل و المرأة ككيانين متنافرين ليس بينهما إلى الحرب و إثبات القدرة على السيطرة ، هي أفكار مبتذلة تبدو كأسطوانة مملة ، و إن كانت بعض العقليات المتخلفة هي السبب في تأجج نار جدال عقيم حول حقوق هذه وواجبات ذاك ، كالأزواج الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم ، مما يجعل المنظمات النسائية و ما أكثرها تتشنج و تصرخ أن لا لهضم حقوق المرأة إلى غير ذلك من تلك النداءات المتكررة . و ربما لا تعلم هذه المنظمات إن الرجال أنفسهم يستنكرون مثل هاته التصرفات التي تبعد صفة الرجولة عمّن يمارسها . فضرب رجل جاهل لزوجته لا يعني بالضرورة أن كل الرجال يستحقون شتى أنواع العقاب و أنهم لا يفعلون شيئا سوى الاستبداد و الظلم .

فعلى الرجال و النساء معا أن يستنكروا هذا الحاجز الوهمي الذي يضع الرجال في كفة و النساء في كفة أخرى ، و الذي انتقل إلينا عبر أفكار غربية مقيتة تحاول ما أمكنها ذلك أن تبعدنا عن قيمنا و ديننا الذين لو تشبثنا بهما لانتهى هذا المشكل الوهمي نهائيا .

يقول الجاحظ : " و المرأة أيضا أرفع حالا من الرجل في أمور فهي التي تراد و تخطب و تعشق و تطلب " .

قال أحدهم للحجاج : أيفدي الأمير أهله ؟ قال الحجاج : " و الله ربما رأيتني أقبل قدم إحداهن ، ثم إن الله تعالى خلق من المرأة ولدا من غير ذكر فخص بالآية العجيبة و البرهان المنير المرأة دون الرجل حين خلق المسيح في بطن مريم من غير ذكر "  .

و لا يفهم من هذا أنه تفضيل للمرأة على الرجل إنما هو تنبيه إلى قيمة المرأة بما أنها تعتبر الطرف المظلوم في الغالب .

لقد خلق الله سبحانه و تعالى لكل دوره و خصائصه . فعلى الرجل أن يكون رجلا بمعنى الكلمة و على المرأة أن تكون أنثى ، فهي قوية بأنوثتها و الرجل قوي برجولته و عنفوانه ، فكلهما يكمل الآخر  ، و أي قول يهدف إلى فصل أحدهما عن الآخر هو محض هرطقة و لغو ليس إلا .