تحدى المرأة اليوم في الحفاظ على وجودها

الإعلامي والروائي هاني نقشبندي: أنا في مرحلة تعارف قد تنتهي بالزواج

خاص
صور وفيديو

الرواية بالنسبة له وليدة قصة حب تبدأ بالإعجاب بفكرة وتنتهي بالتزاوج معها، وهي طفلته التي يرفض أن يغتالها سيناريو عمل سينمائي أو تلفزيوني، وكما  تبدأ فصول الرواية معه ولا تنتهي، الروائي هاني نقشبندي يؤكد من خلال "عربيات" أن نهاية الرواية ليست أكثر من بداية جديدة لرواية جديدة يكتبها خيال القاريء، ويعترف أن "سلًام" صدمة أرضت أنانيته، بينما ليلة واحدة في دبي خذلت عشاق الإثارة. في هذا اللقاء نلتقي بالكاتب الذي لايعترف بالخطوط الحمراء في أعماله الأدبية، ورئيس التحرير الأسبق الذي تفادى الصدام مع الرقيب، وبين هذا وذاك مع سر الرموز في رواياته والتي نجح في فك شيفرتها المترجم الأسباني.


 في روايتك "ليلة واحدة في دبي" كان الرجل هو صاحب الخبرة فيما المرأة تعاني من الحيرة، هل يعكس ذلك قناعاتك الخاصة بأن الرجل هو القادر على حل المشاكل وفك شيفرة التساؤلات، بينما الحيرة من طبيعة المرأة؟
بل أرى الأمر بعكس ذلك, حيث الرجل أكثر تخبطا في حيرته ذلك أنه يتواجد غالباً في خط المواجهة ويكون معنيا باتخاذ القرار ويصاب بتشوش يعيق الرؤية الدقيقة، أما بعد المرأة عن وضع كهذا فيساعدها على تكوين رؤية أوضح، وبشكل عام أنا أرفض المرأة المستسلمة, وفي "ليلة واحدة في دبي" رفضت بطلة الرواية ياسمين الاستسلام مصرة على محاربة كل ما شكل عائقا لها حتى ولو لم تنتصر، كذلك في رواية "اختلاس" وجهت النقد للمرأة المستسلمة. أخيرا أقول بأني في رواية "ليلة واحدة في دبي" فكرت أن أجعل الشخصية الرئيسية للرواية رجلا بدلا من امرأة.

وهل قلبت الأدوار بين أبطال الرواية خشية أن يظهر الرجل جاهلاً؟
لا علاقة للأمر بذلك، إنما لو دارت الرواية حول رجل فستنحصر القراءة في النساء كون المرأة أكثر شغفا باكتشاف عالم الرجل, وبنفس القدر الذي تحب فيه قراءة شيء له علاقة بامرأة أخرى. إنه فضول الأنثى في اكتشاف الإنسان داخلها أو داخل الرجل ذاته. في حين أن جعل الرجل هو الشخصية الرئيسية لن يحظى باهتمام كثير من القراء الرجال الذين كثيرا ما يأنفون القراءة عن بعضهم.

 

لست معنيا بإرضاء الجميع، والخاتمة الصادمة ألغت أكثر من حفل توقيع

 

في "سلاّم" و"ليلة واحدة في دبي" أثرت التساؤلات لدى القارئ بمخاطبتك لفكره كما أنك اعتمدت على الرمزية، خلافاً للسائد من الروايات التي يقرأها اليوم الجيل الجديد من باب التسلية وبشكل سريع، فكيف تقيّم تجاوب القارئ مع الروايتين؟
الروائي عندما يكتب لا بد أن يكون أنانياً، بمعني أنه يرضي نفسه ويكتب ما هو مؤمن به لا ما يرضي الناس, ففي رواية "سلاّم" تم إلغاء أكثر من حفل توقيع رغم إعجاب البعض بالرواية حيث شكلت الخاتمة صدمة لديهم، وأدان كثيرون فكرتها، رغم ذلك أنا فخور بما كتبت ومؤمن به.
بالنسبة لليلة واحدة في دبي،  وجه لي الانتقاد أكثر من رواية سلاّم واختلاس بسبب خلوها من إثارة حمراء توقعها البعض. ومرة أخرى أقول أنني احترم رفض القارئ أو قبوله, لكني لست معنيا بإرضاء الجميع دون أن أكون راضيا ومقتنعا بما كتبته في داخلي. ومع هذه الرواية تحديدا وجدت نفسي أمام فئتين من القراء, واحدة أثار فضولها مسمى الرواية "ليلة واحدة واحدة في دبي" فتوقعتها ليال كثيرة صاخبة, فعندما لم تجدها أحست بخيبة كبرت حتى أصبحت رفضا لها, أما الفئة الثانية فهي تبحث عن رواية لا لغو فيها أو إثارة بصرف النظر عن الاسم وما يعنيه. وهذه الفئة استحسنت الرواية وأعجبت بها. من المخطئ والمصيب هنا: الفئة الأولى أم الثانية أم هو أنا؟ لا أحد منا مخطئ أو مصيب, فلكل الحق في أن يعطي الرأي الذي يريد. 

الرواية ليس لها نهاية

ولكن لماذا تترك النهايات مفتوحة؟
أنا لست ديكتاتوراَ فيما أكتب, بل أحب أن يشاركني القارئ في أحداث رواياتي وصناعة أبطالها، لذلك ابتعد عن فرض نهاية ما، محرضا القارئ على افتراض النهاية التي يحبها أن تكون. ففي ليلة واحدة في دبي تسلمت بطلة الرواية باقة ورد بمناسبة عيد ميلادها، لم أحدد من أرسلها في نهاية الرواية فقد يكون والدها أو زوجها أو حبيبها أو "افتاب" حارسها الهندي، لقد تركت الأمر للقارئ كي يختار هو من أرسلها وفقاً لرؤيته وتفاعله مع الرواية. فتحريض القارئ على التفكير من أهدافي. ومن جهة أخرى فإن القصص في الحياة متصلة لا نهاية لها, حيث النهايات ليست أكثر من بدايات جديدة لأحداث مختلفة.

 دبي وجدة يمكن تصنيفهما بأنهما مدينتين cosmopolitan(عالميتين) فهل اخترت دبي كمسرح لأحداث مدينتك بدلاً من جدة لتفادي الجدل الذي قد تواجهه الرواية أو التحفظات التي قد تثيرها لدى البعض؟
ليس من وجه شبه بين جدة ودبي، فدبي مدينة تصعد كل يوم للأعلى بينما تقترب هامة جدة اليوم من الأرض. من جهة أخرى فإن دبي غير مقصودة بذاتها وقد أشرت لذلك في مقدمة الرواية، وما اختياري لها سوى كونها الرمز الأوضح للمدن سريعة الإيقاع, وأنا عندما أشير إلى بناية تظهر بين ليلة وضحاها، إنما أرمز لأحلامنا وطموحاتنا وتطلعاتنا بسقفها المرتفع، والذي يتخطى حتى قدرتنا على الاستيعاب، فدبي يمكن تطبيقها على أي مدينة فتية وجموحة تعكس الطموح البشري الذي لا يتوفر في مدينة كجدة.

 

ذكرت في إحدى الحوارات المسجلة بأن كتابة الرواية لا تستغرق أكثر من أسبوعين تحت أي ظرف، فهل بوسعك حقاً أن تكتب رواية بهذه السرعة؟
قلت وقتها إذا كانت الفكرة جاهزة فربما تستغرق الكتابة كعمل تنفيذي أسبوعين أو شهرا، وبالفعل استغرقت  كتابة "ليلة واحدة في دبي" حوالي  4-6 أسابيع، لكن لا يعني ذلك أن عمر الرواية ست أسابيع إنما (الولادة) نفسها أخذت هذه الفترة الزمنية, أما (الحمل) فقد استغرق فترة تجاوزت السنة. هكذا ترين الرواية عبارة عن لقاء بفكرة ثم تعارف فحب فاقتناع فزواج فحمل فولادة نص. هذه كلها لا تتأتى في أسبوعين, وبالمثل ليس بالضرورة أن تأخذ عدة أعوام!، فهل من المفترض أن أقول أن الرواية استغرقت مني عشر سنوات من التفكير وعشر أخرى من الكتابة لأصبح عبقرياً ومبدعاً؟!.

أصبح السائد أن يصدر الكاتب رواية كل عامين تقريباً بذريعة أن تأخذ الرواية حقها من الانتشار؟ فهل تؤيد ذلك؟
لا أنظر للأمر من هذه الزاوية، لكنني لا أحب إصدار عدد من الأعمال المتتالية بفارق زمني قصير فأعطي القارئ فرصة اكتشاف أعمالي الأولى قبل التالية. لكن تبقى المسألة نسبية. هناك من يملك قدرة إصدار رواية كل شهرين بينما البعض يطرح إصداره كل عامين أو عشرة.

 لهذا السبب أقع اليوم في فخ الرقيب

يرى بعض النقاد أنك لم تتخلص تماماً من نجاحك الصحافي برغم إبداعك  الروائي ووفقا لرؤيتهم لم يتخلص هاني نقشبندي من ضغوط الأسلوب الصحفي والضغوط الذاتية والمهنية التي انعكست على الرواية؟ ما تعليقك؟
من قال ذلك, وأين التأثير الصحفي الذي يتحدثون عنه؟ هل كتبت تقريرا عن هيئة الصحة أو حوارا مع أحد المشاهير في رواياتي؟ إن كان هناك تأثير في النص أو المضمون أو الحبكة فيما أكتب فهو يأتي ثمرة رؤيتي الإنسانية للأشياء من حولي. لقد كان الأدب بابا دخلته قبل الأعلام بسنوات طويلة, فكان أن صدر لي كتابي الأول "يهود تحت المجهر" ثم "لغز السعادة" بعدهما بدأت رحلتي مع الصحافة, ثم عودة إلى الكتاب من جديد. إن كان يطلق على البساطة اللغوية وسهولتها أسلوب صحفي فليكن، لكني أطلق عليه أسلوب إنساني لأن الإنسان بطبيعته يميل لكل ما هو سهل وبسيط.  فوق كل ذلك أقول يا عزيزتي بأني أفتخر بكوني صحافي, فهي مهنة عملت فيها نصف عمري, بل وأكثر.

 هل يعقل أن رئيس تحرير له خبرة طويلة مع الرقيب وخطوطه الحمراء وأدار مطبوعات سعودية يقع في فخ الرقيب، فتمنع رواياته من دخول المملكة؟
رئيس التحرير هو موظف ملزم بالحفاظ على أموال الشركة واستثمارها لا أن يصطدم بالرقيب. لكن عندما أكتب رواية فأنا أعمل لنفسي وأتحمل تبعات ما أفعله. ولعل ذلك يؤكد أيضا ابتعادي في الرواية عن التداخلات الإعلامية التي أشرتِ لها في سؤالك السابق, وإلا كنت طبقت محاذير الصحافة وخطوطها الحمراء على الرواية. أنا مؤمن بجدية الانفتاح الذي تعيشه المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين، كما أني مؤمن بذائقة وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه الأدبية والمهنية آملا أن  يسجله التاريخ كأول وزير إعلام سعودي يرفع الرقابة عن الكتب والأعمال الإبداعية.  

عروس لا أدري إن كنت سأتزوجها

تستعد لكتابة رواية تضم سيرتك الذاتية في المرحلة العمرية 12-22 تتطرق فيها إلى تجربة والدتك كأرملة قامت بتنشئة أبنائها؟ فمتى سترى النور؟
كما ذكرت تحتاج الفكرة أن تمر بمرحلة التعارف فالحب والاقتناع قبل الزواج، وحتى الآن لا أعرف إن كنت سأتزوجها أم لا, فقد التقيت مؤخرا بفكرة أخرى تتناول قسوة المجتمع على مواطن بسيط ولست أعلم مع أيهما ابدأ بعد. بشكل عام أفضل أن تكون كل فكرة شديدة الاختلاف عن غيرها فلا أكرر نفسي. لقد أسعدني كاتبنا الكبير سعد الحميدين في نقده "ليلة واحدة في دبي" عندما قال إن هاني لم يكن هو نفسه في "سلام" ولم يكن هو نفسه في "اختلاس".

 ما الذي تقصده بقسوة مجتمع على مواطن؟
الفكرة تدور حول مواطن يعيش حياة بسيطة ومسالمة ثم يتحول, دون قصد, إلى محط أنظار السلطة والمجتمع كله.

هل تعتقد أن أرملة اليوم اختلفت عن بطلة هاني نقشبندي التي لم يكتبها بعد والتي واجهت قسوة المجتمع؟ وهل اختلف المجتمع في تقبله لها أم اختلفت المرأة في مواجهتها؟
 المرأة كانت ولازالت  قادرة على فرض وجودها من زمن  كيلوباترا إلى اليوم. هي في حالة تحد أزلية ليس لإثبات الوجود فذاك قد تخطته منذ زمن, إذ تحديها اليوم هو الحفاظ على هذا الوجود.

تحويل الروايات إلى أعمال مرئية  تحريض صريح لاغتيال النص

قلت أن أجمل قصة هي التي نعيشها، والملاحظ أن في "اختلاس" جزءا من تجربتك الصحفية، وفي "سلاّم" رحلاتك إلى الأندلس، في حين أن دبي هي مقر سكنك الحالي الذي أثمر "ليله واحدة في دبي" فهل سيضطر نقشبندي للانتقال بحثا عن مكان آخر يكتب فيه رواية جديدة؟
إن كنا نتحدث عن الأماكن في الرواية فأنا لا أحب تحديدها كي لا أخنق الرواية.  أما إن كنا نتحدث عن الأماكن التي شهدت ولادة كل عمل فذاك أمر مختلف. جزء من  "اختلاس" كتب في لندن والآخر بين دبي والمغرب. رواية "سلاّم" كتبت بين غرناطة ومدينة الشاون الأطلسية ودبي. "ليله واحدة في دبي" كتبت بكاملها في دبي, وعلى أحد مقاهيها الشعبية تحديدا. لكني لست أربط كثيرا بين المكان الذي تكتب الرواية فيه. الخيال يأتي في أي مكان ووقت. وبالمثل هي الكتابة يمكن ان تشرع فيها على مكتبك او  في الطائرة او حتى على كومة حطب.

يعتقد البعض أن "ليلة واحدة في دبي" كتبت كسيناريو لمسلسل تلفزيوني، هل تفكر في كتابة سيناريوهات للأعمال التلفزيونية أو السينمائية؟
على العكس، حينما صدرت "اختلاس" تواصل البعض معي بشأن تحويلها لمسلسل تلفزيوني أو سينمائي ورفضت، وعندما صدرت "سلاّم" تواصل معي أشخاص من المغرب وما زالوا بغرض تحويلها لعمل سينمائي وتحفظت، ولست أرى في ليلة واحدة في دبي ما يلائم تحويل الرواية إلى عمل تلفزيوني أو سينمائي. كيف يتحول الفكر لعمل تلفزيوني؟ تحويل الروايات إلى أعمال سينمائية ومرئية هو تحريض صريح لاغتيال النص الذي هو الجمال الحقيقي في الرواية. الأفكار كثيرة, لكن ما يحولها إلى كتب عظيمة هو النص الجميل. وإذا كان للفكرة أن تتحول لعمل سينمائي فكيف سينسحب ذلك على النص؟.

 لم يتعرف على حقيقة حكيم روايتي سوى المترجم الأسباني

 

في  «سلّام»، قرأنا الحكيم ابن برجان، وفي "ليلة واحدة في دبي" قرأنا الحكيم افتاب؟ ما قصة نقشبندي مع الحكماء؟
قرأت منذ طفولتي الكثير من كتب الفلسفة والتصوف. وبقدر ما في هذه الكتب من طلاسم يصعب فهمها أحيانا بقدر ما فيها من الحكمة والسمو. لكن يبدو إننا بعيدون عن الحكماء والمتصوفة بضعف المسافة التي يبعدون هم فيها عنا. في المعرض الأخير للكتاب في أبو ظبي التقيت بمترجمي الاسباني فطرح علي سؤالا أثار حيرتي وإعجابي في الوقت ذاته. قال: في روايتك سلاّم هناك حكيم أندلسي اسمه ابن برجان, فهل قصدت به الحكم ابن أبي الرجال الأندلسي الصوفي المعروف باسم ابن برّجان {بتشديد الراء}؟ تصوري أن كل من قرأ روايتي من النقاد العرب, وعلى اختلاف مستوياتهم الثقافية لم يعرفوا من يكون حكيمي في رواية سلام سوى هذا الأستاذ الاسباني.
وعودة إلى مسألة الحكمة والحكماء في رواياتي فأنا اعتقد أن النص الروائي قادر على إيصال أي حكمة صوفية أو هندية أو صينية أو أي منفعة إنسانية إلى أصعب العقول وأكثرها بعدا عن الزهد والثقافة. وبخلاف قراءاتي السابقة عن الصوفية الإسلامية منها والهندية وحتى البوذية, فقد أسعدني الحظ بالاطلاع على بعض المخطوطات الهندية القديمة, وهي في مجملها صوفية المبدأ, تعلم الإنسان كيف يكون محبا ومحبوبا ومتحكما في كل ما يخرج من جسده وإليه يدخل. ومن هذه الأفكار أتى أفتاب الحارس الهندي في "ليلة واحدة في دبي".

هل استخدامك للعامل الهندي أتى بسبب المخطوطات الهندية القديمة التي وقعت عليها, أم أنك أردت من خلاله إعادة النظر في التعامل مع العمالة؟
هذا أفاد ذاك. الطبقية والدونية العفنة التي نستقبل فيها الكثير من الناس حولنا قتلت الإنسان فينا. نحن نحتقر بعض من نراهم مهمشين فقراء في وظائف نترفع عنها دون أن ندري بأن بعضا من القائمين على مهن كهذه يملكون حسا عاليا من الحكمة والإنسانية أكثر من أولئك المنتفخون داخل ثيابهم. أعجبتني فقرة في الرواية تسأل فيها بطلتها الحارس الهندي أفتاب عندما رأته بقامته الصغيرة وفكره العظيم وهو يحمل أكياس القمامة: كيف لشخص مثلك أن يفعل هذا؟ فقال لها: انه عملي أن أجعل العمارة نظيفة, فما الذي فعله الآخرون كي يصنعوا عالما نظيفا؟.

ترى أن الفرص المتاحة للإنسان أكبر من الفرص الضائعة، فما هي الفرص التي تلوح أمام هاني نقشبندي اليوم؟
الحمد لله عندي الكثير من الفرص، فحواري هذا معك فرصة لتعرف الناس عن كتبي، وكتبي فرصة لتعريف الناس بي, سفري هو فرصة لاكتشاف شيء جديد, وبقائي حيث أنا فرصة أيضا لراحة جسدي. في كل عمل نقوم به فرصة ما, فإن ضاعت أتى ما هو أفضل منها. هي تماما كما قال أفتاب: الخيبات العظيمة تخلق ورائها فرصا عظمية.  فالله سبحانه وتعالى وهو الرحمن الرحيم يعطى الإنسان فرصا لا تعد ولاتحصى في غفران المعاصي. إن كان الخالق يهب المخلوق فرصا كهذه فمن نحن حتى نملك الحق أن نسلبها من الآخرين؟.

الالكتروني أكثر انتشار والمطبوع أكثر تركيزاً

 

التحقت بصحيفة إيلاف الإلكترونية لكتابة زاوية خاصة ثم انتقلت منها إلى عكاظ وروتانا وفواصل؟ فهل ابتعادك عن النشر الإلكتروني يعكس رؤيتك نحوه وقناعتك الأكبر بالمطبوع؟
"الوقت الوقت يا حنين" مشكلتي الكبرى. رغم ذلك أنا لم أتوقف عن الكتابة في إيلاف أو أي مكان آخر. لكني بت تعبا ومبعثرا بين الرواية والمقال وأعمالي الخاصة الأخرى والتي منها تأسيس دار نشر في دبي.

هل الهدف من هذا التنوع في الطرح بين الإلكتروني والمطبوع والبرنامج الفضائي الوصول إلى جمهور وسائل الإعلام المختلفة أم تحديد الوسيلة التي سيستقر عليها هاني نقشبندي ويواصل فيها مشواره؟
لا توجد وسيلة إعلامية تصل بصوتك أكثر من الأخرى، الجميع متواجد في الساحة وأنا أحاول التواجد قدر الإمكان مع هذا الجميع أو أكثره. ربما قل ظهوري التلفزيوني بعد أن توقف برنامجي "حوار هاني" لكني مازلت أتواصل مع التلفزيون في المقابلات والحوارات. إلا أني بت أفضل مؤخرا أن يراق تعبي على عالمي الروائي أكثر من أي شيء آخر.

 هل يعني ذلك انك فضلت المطبوع على الالكتروني؟
المستقبل للالكتروني ولا شك, لكن ليس الآن. أحاول جاهدا كما ذكرتِ أن أكون هنا وهناك. فالالكتروني أكثر انتشارا والمطبوع أكثر تركيزا, و من الحكمة الاستفادة من هذا وذاك.

 على ذكر دار النشر هل تعتقد أن الوقت الحالي وبوجود الصحافة الالكترونية والكتاب الالكتروني ملائم لمشروع دار نشر؟
  نعم لازالت هناك أرض خصبة للورقي، وسيبقى المجال متاحا وواعدا لعشر سنوات قادمة على الأقل.

لو لم يكن اسم هاني نقشبندي الذي يسوق لرواياته على غلاف الروايات هل تعتقد أنها ستنجح؟
أنا لا أقول أولا بأن روايات هاني نقشبندي ناجحة على الأقل بالقدر الذي تمنيته, فأنا ما زلت في أول الطريق. حتى بعد عشرة أو عشرين عاما من الآن, سأكون مازلت في أول الطريق وسبب ذلك أن طريق الرواية يمتد بقدر طول قامة الكاتب, وفي عالمنا العربي أخال تلك القامة تبدأ من حيث أقف هنا وتنتهي عند حافة قبر مهجور هناك. لكن ليس طلب الشهرة ما يقلقني وإن كان يهمني, ما أنا مهموم به أكثر هو العمل القادم, كيف سأبدأ ومتى وأين؟.