زمن (ربما) وأخواتها

كنت أتابع الأخبار بألم شديد وأنا اقرأ عن عدد ضحايا مجزرة القدس الأخيرة من الفلسطينيين ومن السخرية أن يكون الخبر الذي يليه (الحكم على فلسطيني بالمؤبد لقتله جندياً صهيونياً )، أواصل القراءة لأجد نفسي أمام قصة الطفل (محمد الدرة) الذي سقط قتيلاً برصاص الشرطة الإسرائيلية... وأجد بعده التفسير الوحيد من السيدة (أولبرايت): "ربما كانت رصاصة فلسطينية طائشة هي التي قتلت محمد"، ربما؟!.

هل أصبح ثمن الدماء العربية تكهنات وظنون وكلمة (ربما) التي تلتمس العذر لقتل الطفل بصورة روعت العالم من غربه إلى شرقه؟.... وفي المقابل يُحكم على فلسطيني بالمؤبد لقتله جندياً صهيونياً (واحد)، إذن هناك محاكمات، وهناك عقوبات، ولكن لاعزاء للدماء العربية، بعد أن أصبحت كلمة (ربما) تبرر المجازر والجرائم التي ترتكب في حقهم فلابد أن نتوقع ظهور العديد من (ربما) وأخواتها.

وقد... يباع الدم العربي في المزاد ولايشتريه أحد..

وقد... تثبت دراسات أنه لا يجوز محاسبة أحد على قتل العرب لأن اكتشافات ما تؤكد أن تركيبتهم وتكوينهم مختلف عن بقية البشر لذلك سيتم استثنائهم من القوانين التي تطبق على غيرهم، ولذلك أيضاً يحاكم الفلسطيني على قتل صهيوني ولايحدث العكس ابداً... ابداً.

وقد ترى سفاح يقتل كل يوم مئة رجل ويقطع مئة جثة بوحشية وتسأل ماباله لا يحاكم؟ فتجد من ينظر إليك باستغراب وتعجب "ألا تعلم لماذا؟! لقد كانوا ضحاياه من العرب... كانوا يدافعون عن قضاياهم وأراضيهم... وفي عصر (ربما) لا ديّة لمقتلهم.

وقد أكون شطحت بفكري كثيراً وتجاوزت المنطق.. لكن.. في زمن (ربما) وأخواتها الخيال والأساطير تتحول لواقع.

وقد نكون أصبنا (بالقرف) السياسي كما أطلق عليه ضيفنا في هذا العدد الصحفي والكاتب الكبير الأستاذ عرفان نظام الدين... كاتب القضية الذي حمل أمانة القلم على عاتقه 30 عاماً اعتبرها همه الأول منذ بداياته كمحرر وحتى عند تقلده لمنصب رئاسة التحرير في عدة صحف من بينها (الحياة) و(الشرق الأوسط)... هكذا هو عرفان نظام الدين كاتب القضية... وصاحب القلم الذي لايكل ولايتعب... وضيف عربيات الذي أهدانا ديوانه الأخير لينشر لأول مرة على الإنترنت.