البروفيسور سميرة إسلام

سيدة نساء العلم

رانية سليمان سلامة

عندما نتوقف للحظات ونتامل سير العظماء قد نتمكن من معرفة حقيقة ماقدموه للعالم، وتاريخنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص يزخر بعدد مهول من النوابغ والعلماء الذين بزغ نور علمهم ليضيء لنا الطريق ويعبده بمصابيح العلم التي لاتنطفيء... فللعلماء مكانة عظيمة ودور فعّال في حضارة الشعوب وتطورها ورقيها، ومن عقولهم ومعاملهم بدأت البحوث الطويلة واختمرت الأفكار المنيرة وخرجت النتائج التي أسست قوانين ومفاهيم جديدة للعلم والحياة، وليس كل عالم بوسعه أن يصل إلى هذه المرحلة من العطاء المثمر.. إنهم فقط المتميزون الذين حباهم الله بالقدرة على سبر أغوار العلم والتعمق فيه ورؤية مالايراه الإنسان العادي ليقوموا بتوظيفه لخدمة البشرية، وإن كان الله سبحانه وتعالى قد منحهم هذه المكانة والتقدير فترى ماهو دورنا تجاههم؟ وكيف كرمناهم؟.

 
لو بحثنا عن الإجابة العملية لهذا السؤال سنجد أننا مقصرون، وأن ردة فعل المجتمع وتقديره لدور العلماء ضعيف إلى حد ما، ليس عن جهل ولكن ربما لإنشغالنا بأمور أقل أهمية جعلتنا لانبحث عنهم ولانعرف أماكنهم ولانقدر دورهم، وكم أخشى أن تكون النتيجة هي أن نفقدهم وتتعثر مسيرة الحضارة والتطور لأننا لم نكن ندري من يقف وراءها ويعمل بهدوء ليحركها.... لكن الله يشاء دائماً أن ينال كل ذي حق حقه ويفرض الإنسان الناجح نفسه على العالم بأسره، فبالأمس كان البروفيسور أحمد زويل العربي الحاصل على جائزة نوبل، واليوم سيدة نساء العلم البروفيسور سميرة إسلام الحاصلة على جائزة اليونسكو للمرأة والعلوم عن أبحاثها العظيمة التي سخرتها لخدمة المجتمع.


من أراضينا العربية الخصبة والمعطاء خرجت هذه النماذج المشرفة ويحق لنا أن نختال بها فخراً ونتغنى بأسمائها فرحاً بما توصلت إليه من نجاح غير مسبوق، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يكرم العالم علماءنا ويصل إليهم قبل أن نتعرف نحن عليهم؟ والإجابة تطول... أما ما يجب أن يقال هو أن الإعلام العربي غائب أو مغيَّب ومنشغل عن أداء وظيفته الأساسية التي تتمثل بتوعية المجتمع والبحث عن من يستحق الإبراز والدعم، فكل فرد من كيان المجتمع له دوره ووظيفته التي يجب أن يؤديها والعالم أو الباحث لايجيد الإعلان عن نفسه ولايملك الوقت الكافي للحديث عن إنجازاته لكن أعماله تتحدث عنه وترحب بمن يملك الآذان والمكبرات ليسمع ويُسمع الآخرين صوتها وهي تقول: أنا هنا... والمؤلم أن يسمع صوتها الطرف الآخر من الكرة الأرضية بينما يضيع بيننا وسط ضجيج قنوات الإعلام وصخبها بعيداً عن العلم وأهله.

سأكون متفائلة وأقول إن بوادرالصحوة والتوجهات المبشرة في المجتمع بدأت تبرز... والإهتمام بالثقافة أصبح جلياً وليس من دليل على ذلك أكثر من الملتقيات الثقافية التي ازدهرت في الوقت الحالي في بلادنا على الصعيد النسائي والرجالي... وكل ذلك يعبر عن رغبة صادقة بتجاوز الأخطاء التي كادت أن تجرفنا في طريق ليس طريقنا ومسار ليس مسارنا، وليس العيب أن نعترف بأخطائنا وتقصيرنا لكن العبرة بأن نتعلم منها ونصححها ليعمل كل فرد ماهو مطلوب منه.


وكمسؤولين عن هذا الموقع نعلم أن الإنترنت اليوم هي أحد أهم وسائل الإتصال وأسرع طرق الإنتشار... وكمجلة أدركنا أن الدور الإعلامي بحاجة لتكثيف جهوده ونشاطاته لخدمة مجتمعاته وهي ليست بالمهمة السهلة لكن الإنسان عندما يقبل أن يحمل أمانة الكلمة على عاتقه فذلك يحتم عليه أن يؤديها على أكمل وجه... لذلك نأمل أن يكون لنا بتوفيق الله وقفة أخرى، بل عدة وقفات لدعم الحركة الثفافية والعلمية في بلادنا الحبيبة بعد أن حظينا بأن نكون وسيلة الإعلام السعودية الوحيدة التي غطت فعاليات تكريم البروفيسور سميرة إسلام ونقلتها مباشرة إلى صفحات الإنترنت.