أول امرأة عربية ومسلمة تحصل على جائزة اليونسكو للمرأة والعلوم

عربيات تستضيف العالمة السعودية البروفيسور سميرة إسلام

صور وفيديو

ضيفتنا اليوم ليست رمز بل عدة رموز تشير كلها إلى قمة النجاح والنبوغ والتفرد... وهي ليست عالمة فحسب بل هي فخر نساء العلم وأول سيدة عربية ومسلمة تحصل على جائزة اليونسكو للمرأة والعلوم وتنال هذه المرتبة التي لم ينلها على مستوى العالم سوى 32 اسم، فكانت هذه الأسبقية متممة لسلسلة من النجاحات التي حققتها في مسيرتها العلمية والعملية... سيدتنا التي نستضيفها اليوم هي من احتفل بها العالم، وهي من رفعت اسم بلادها عالياً في العديد من المحافل الدولية، ولانبالغ لو قلنا (ماري كوري العرب) الأستاذه الدكتورة سميرة ابراهيم إسلام التي اختارها اليونسكو لتكون من بين صفوة عالمات العالم نظير ماقدمته من أبحاث والحاصلة على جائزة المرأة والعلوم من منظمة اليونسكو لعام 2000.

بدايات مسيرة النجاح

في البداية نتقدم لكِ بالتهنئة على الإنجاز والتكريم الذي حصلتم عليه... ودائما عندما نلتقي برواد الثقافة والعلم يكون أول سؤال يراودنا هو كيف كانت البدايات وهل وجدت الدعم الكافي لمواصلة مسيرتك في وقت لم يكن فيه تعليم الفتيات منتشر؟
لوالدي ووالدتي الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى فقد تكبدوا المشقة لإيجاد فرص تعليمية لي ولأشقائي،وكانت البداية في مكة والطائف حيث عمل والدي في وزارة المالية، ثم انتقلنا إلى جدة وبدأنا بالذهاب إلى (الكتَّاب) في الصباح يليه دروس المساء مع مدرسين مدارس تحضير البعثات في المنزل.بعد ذلك ذهبنا إلى الإسكندرية حيث كانت الإنطلاقة الحقيقية في مجال التعليم وكانت أسرتي دائماً حولي تشجعني وتعطي أهمية كبيرة لرغباتي التحصيلية التي لم يقفوا ضدها أبداً وكذلك أبنائي الذين كان عملي شريك لهم في كافة مراحل حياتهم.

بالإصرار والتخطيط تمكنت من ادخال الدراسة النظامية للفتيات

على الصعيد المحلي كانت لكِ بصمات بارزة في تغيير خارطة التعليم النسائي في الجامعات كان أولها ادخالك للدراسة النظامية بدلاً من انتساب الطالبات والدوام المسائي ماهي تفاصيل هذه الخطوة الهامة؟
الخطوة الرئيسية جاءت بترحاب المسؤولون في الجامعة الناشئة بإنضمامي لها وعيِّنت مستشارة أكاديمية بالإضافة إلى رئاسة الأقسام العلمية بمكة وجدة وعرضت فكرة ادخال الدراسة النظامية الصباحية على الدكتور (محمد عبده يماني) مدير الجامعة الذي أبدى اهتمامه وتشجيعه للفكرة ولم يرفضها ولكن وضع لي الخطوات اللازم التأكد منها مثل موافقة المجتمع والطالبات وعمداء الكليات ووكيل الجامعة وتحققت بحمد الله الفكرة وطبقت في كافة الجامعات.


ماهي الأقسام التي ساهمت بإنشائها؟
أولا استحدثت الكثير من برامج التعليم الحديث العلمية ثم بدأت بتأسيس أقسام الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات بكلية التربية بفرع مكة المكرمة حيث تلقت الطالبات لأول مرة الدروس العلمية في المختبرات... وتلا ذلك في الفترة من 1975م-1980م شاركت بتأسيس كلية الطب والعلوم الطبية واختيار الهيئة التدريسية والإدارية والمنشآت وبرامج الدراسة والتدريب بما في ذلك المكتبة والمستشفى ومركز الملك فهد للبحوث الطبية وكنت في ذلك الوقت أول سيدة تمنح لقب (وكيلة) في جامعات المملكة... كما استحدثت كلية العلوم للطالبات ضمن مرافق كلية الطب وعكفت على تطويرها حتى أصبحت بفضل الله كلية مستقلة بالجامعة.ثم وضعت برنامج البكالوريوس للتمريض في كلية الطب والعلوم الطبية وتوليت مسؤوليته بالكامل لأن هذا البرنامج لم يكن له نظير في قسم البنين وبالتالي ترك لي عميد الطب والعلوم الطبية كامل المسؤولية لوضع هذا البرنامج.


وقفة مع مركز الملك فهد للبحوث الطبية وانشائك لوحدة قياس الأدوية...ماهي أهم أبحاث وأهداف هذه الوحدة؟
في عام 1982م استحدثت وحدة قياس الأدوية من ميزانية أبحاثي المدعمة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وساهمت الوحدة بدور فعال في مساعدة الأطباء على ضبط الجرعات العلاجية بما يناسب كل حالة على حدى ولازالت تقدم خدماتها للمرضى بما في ذلك مرضى زراعة الأعضاء فضلاً عن توفير قاعدة بيانات خاصة بالأبحاث الطبية المتعلقة بالتداخلات الدوائية وحركية الدواء والإستجابة الإكلينيكية.


من المعروف اهتمامك بمجال التمريض ومساهمتك الفعالة لدعمه وتطويره فماهي أهم خطواتك في هذا المجال؟
في عام 1978م توليت عمادة برنامج التمريض بعد أن قمت بإنشاء القسم وتأسيسه في كلية الطب للطالبات....من جهة أخرى قمت بإنشاء معهد العلوم الصحية للبنات والتابع لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة والذي يمنح الثانوية الفنية المتخصصة في العلوم الطبية.

أول السعوديين حصولاً على درجة الأستاذية في علم الأدوية

لكل عملية بحث نهاية إلا البحث العلمي يبقى خاضعاً للتطوير والتحديث، ولكل طموح عادي حدود يقف عندها إلا طموح الإنسان النابغ والمتوقد بالحماس ليبقى يتطلع دائماً إلى مرحلة أكثر تقدماً تضيف له ولعمله المزيد من التقدم... وهكذا كان اتجاه الدكتورة سميرة إسلام للحصول على درجة الأستاذية لتصبح في عام 1983م أول السعوديين حصولاً على درجة الأستاذية في علم الأدوية.

ماهو موضوع بحثك الذي حصلتِ به على هذه الدرجة العلمية الرفيعة؟
البحث كان في مجال التصنيف الجيني للمجتمع السعودي ويعتبر هو الأول من نوعه في المراجع العلمية والذي يُعتمد عليه في مجال أيض الدواء عند السعوديين حيث أن الخصائص الوراثية للسعوديين لم تدرس من قبل صانعي الدواء من قبل فركزت بأبحاثي لتحقيق الإستخدام المأمون للدواء لدى الإنسان السعودي.

التصنيف الجيني للمجتمع السعودي ثبت علمياً أنه مختلف

هل هناك أمثلة على النتائج التي توصلت لها هذه الأبحاث؟
في الواقع سجلت بهذه الدراسات والأبحاث ظاهرتين في التفاعل الكيميائي الذي يتم داخل جسم الإنسان السعودي،وهي إنزيمات الأكسدة وإنزيمات الأستلة وتم توثيقها في المعارف العلمية... على سبيل المثال توصلت إلى أن اثنين من كل ثلاثة من السعوديين يعتبرون بطيئي الأستلة (الإستجابة للمفعول الدوائي) وبالتالي لايحتاجون لتكرار الجرعة الموصى به لسريعي الأستلة التي أجريت عليهم الإختبارات من قبل شركات الأدوية التي نستورد منها في الخارج... وهذا فقط أحد الأمثلة التي توضح دور البيئة والعوامل والصفات الورائية التي تختلف من بلد لآخر.

الدعم المادي الضعيف هو مايعطل مسيرة البحوث العلمية


ماهي الصعوبات التي يعاني منها الباحث والعقبات التي تقف في طريق إتمام أبحاثه؟
أول الصعوبات هي عدم وجود الدعم المادي اللازم لإستمرار البحث فهناك أعداد كبيرة من الباحثين المؤهلين لكن ليس بإمكانهم استكمال أبحاثهم بسبب ضعف الدعم وعدم توفر الأجهزة الكافية....وثانيها عدم وجود المساعدين المتقنين لحرفتهم سواءً العمل السكرتاري أو التقني.

من وجهة نظرك ماهو دور المرأة في مجال البحث العلمي؟
هناك دائرتين أساسيتين... الأولى: محدودة نسبياً تضم دور المرأة في العمل البحثي في المؤسسات والجامعات والجهات البحثية المتخصصة والتي تعتمد على أفراد مهنيين ومؤهلين للقيام بهذه البحوث ويتعلق مدى نجاح هذه الجهات على إنتاجها البحثي الذي يتوقف على عدة عوامد منها الإنتقائية الصحيحة لأفراد فريق البحث ذهنياً وابتكارياً.

الدائرة الثانية: أكثر اتساعاً وشمولية لأنها تشمل المجتمع بأكمله في كل مجالات الحياة كالإجتماعية والنفسية التي مازلنا نحتاج فيها لعمل إحصائيات وتوفير نسب سليمة هي القاعدة لإنطلاق الأبحاث. 

اليونسكو والتتويج الأول من نوعه

تجاوزت إنجازات الأستاذه الدكتورة سميرة إسلام الصعيد المحلي ووصلت بنجاحاتها وأهميتها لتصبح بصمة بارزة على المستوى العالمي تمثلت في انضمامها لهيئة الأمم المتحدة وعملها كمستشارة إقليمية بمنظمة الصحة العالمية Who حيث شغلت هذه الوظيفة بالمكتب الإقليمي لشرق الأبيض المتوسط في برنامج الأدوية الأساسية،وامتدت علاقتها بهذه الهيئة إلى حين حصولها على الترشيح لجائزة اليونسكو الدولية التي رشحت لها 400 عالمة وباحثة من جميع قارات العالم وتدرَّج الإختيار إلى أن وصل لنخبة من السيدات قدر عددهم بـ 32 سيدة فقط يمثلون العالم كأكثر النساء تميزاَ في مجال العلوم وكانت بذلك المرأة المسلمة والعربية الوحيدة ضمن هذه النخبة من العالمات.

متى بدأت نشاطاتك ومشاركاتك مع هيئة اليونسكو؟
بدأت بالتعاون المتبادل مع منظمة الصحة العالمية منذ أواخر السبعينات لتبادل الخبرات والإستشارات الفنية وعقد الندوات وغيرها في مجال التعليم الطبي وتنمية القوى العاملة في الحقل الطبي والطرق المثلى لإستخدام الأدوية.. وفي عام 1996م عينت رسمياً مستشارة إقليمية لمنظمة الصحة العالمية في برنامج الأدوية الأساسية كأول سيدة وثاني شخصية سعودية تتولى منصب رسمي في منظمة الصحة العالمية.. وفي عام 1999م شاركت ضمن المستشارين لإعداد مذكرة الأمين العام للأمم المتحدة عن الأولويات والتطلعات للإقليم في الألفية الحالية.


كيف تم ترشيحك لنيل للجائزة؟وهل كنتِ تتوقعين الفوز بها؟
تم ذلك بعد الدعوة المقدمة من اليونسكو إلى دول العالم كافة تطلب فيها من المؤسسات الرسمية ترشيح من تراهم مناسبات لهذا اللقب و لم أكن أتوقع الفوز بل على العكس كنت مترددة في إرسال أوراقي إلى رئيس قسمي.


كيف كان وقع خبر الفوز عليك؟
الخبر بالنسبة لي كان مفاجأة سارة ومطمئنة تجعلني أتأكد أنني أسير في الطريق الصحيح وفي مجال يخدم المجتمع وفي المقابل يقدِّره الآخرون ويقيِّمونه بالشكل الصحيح.

إمتداداَ لخدمة الوطن وتأسيس كلية عفت للبنات

من إنجاز لإنجاز وكانت عودتك إلى أرض الوطن لتأسيس أول كلية أهلية جامعية للفتيات كيف تصفين هذه الخطوة الرائدة؟
كانت خطوة لابد منها نظراً لشدة الإقبال على التعليم النسائي وضرورة إقتتاح مجالات وأقسام جديدة لمضاعفة فرص التعليم والوظائف، فتشرفت في عام1998م بدعوة من المغفور لها الأميرة عفت الثنيان لتأسيس كلية عفت والتي بدأت نشاطها في العام الدراسي الحالي وتعتبر أول كلية أهلية جامعية للفتيات،وبناءً عليه استقلت من منظمة الصحة العالمية وعدت إلى أرض الوطن لتولي هذه المهمة إلى جانب عملي الأساسي بكلية الطب والعلوم الطبية ووحدة قياس الأدوية.

 

من وجهة نظرك كيف خدمت التقنيات الحديثة البحث العلمي؟
توفر وسائل المعرفة المتحة من وسائل حاسوبية والكترونية وبرمجيات وكتب علمية وإنترنت وغيرها كل ذلك هو الذي يهيء للباحث مكتبة خاصة لم تكن متوفرة سابقاً إلا في الجامعات المرموقة بينما هي الآن في متناول أيدينا وبأسرع الطرق وأكثرها تطوراً....وكذلك تساهم في بناء القاعدة أو الدائرة الثانية التي تحدثنا عنها مسبقاً لأنها تؤهل المرأة حتى ولو من منزلها وتسهل عليها مهمة اكتساب المهارات والمشاركة في البحث العلمي مثلاً بإستطلاع الآراء.


ـ تغطية لحفل تسليم جائزة اليونيسكو