أطمح لتأسيس صناعة لأفلام الكارتون

فنان الرسوم المتحركة السعودي خالد الدخيل لـ"عربيات":

الكنتاوي لبكم

يسعى إلى تحقيق حلم خالد الطفل، وما أجمل أن تكون موهبتك مكرسة لعوالم الأطفال من خلال الرسوم المتحركة كأنك بشغف الطفل تحاكي طفولات عدة وترسم بسمة على شفاه بريئة. خالد الدخيل موهبة سعودية شابة تعلقت بأفلام الكرتون فحاولت أن تكرس ثقافة هذا الفن في مجتمعها. وهو يخطط لتأسيس صناعة للكارتون في العالم العربي عموما وفي وطنه.


هل تعود فكرة امتهانك لإخراج الرسوم المتحركة إلى طفولتك؟
بلا شك، فلقد قضيت الجزء الأكبر من طفولتي في متابعة وعمل الكارتون سواء كان ذلك عن طريق الرسومات الكارتونية أو الكاريكاتير أو (الكوميكس) أو عمل الرسوم المتحركة وتطبيقها من خلال أدواتي البسيطة في ذلك الوقت. فكرة امتهان واحتراف الرسوم المتحركة والكارتون بدأت عندما اتجهت إلى عمل (الكوميكس) في سن الثامنة تقريباً، واتضح ذلك أكثر عندما بدأت تطبيق إنتاج الرسوم المتحركة في سن الحادية عشرة.

هل نحتاج إلى المحافظة على إحساس الطفل لنقترب أكثر من عوالم أفلام الكرتون؟
دعني أوضح نقطة وهي أن بعض الأعمال موجهة للكبار فقط ولا تتطلب إحساس الطفل لمتابعتها سواء كانت أفلاما أو (كوميكس) أو كاريكاتير أو غير ذلك، فيمكننا القول بأن هناك أعمالا للكبار والصغار وليس للصغار فقط... نحن نجد إحساس الطفل في الشخص الذي يتابع الرسوم المتحركة بشغف ويعيش عالمها ويغوص في قصصها عندما تأخذه هذه الأعمال لماضيه وطفولته وذكرياته الجميلة والبريئة، فإحساس الطفل بداخله مرتبط بشكل كبير بالماضي وبراءة الطفولة الجميلة وكلما كانت طفولته أجمل وأكثر ارتباطاً بالكارتون كلما كان أقرب لها عندما يكبر... في المقابل هناك أعمال ليس لها علاقة بإحساس الطفل مثل مشاهدة العمل لجمال تنفيذه أو للتقنيات المتوفرة والخيال الذي تراه في هذا العالم... كل ذلك يتعلق بالمتابع، أما فيما يتعلق بالمنفذ أو المنتج للكارتون فإن كانت أعماله موجهة للكبار ليس بالضرورة أن يتوفر إحساس الطفل لتنفيذها. أما إن كانت أعماله موجهة للصغار وللكبار الذين يحتفظون بإحساس الطفل فلابد من وجود ذلك الإحساس لتنفيذ عمل ناجح يتطلب القرب من الطفل ومعرفة ما يحب وما يكره وما قد يؤثر عليه سلباً أو إيجاباً... الإبداع في هذا المجال يتطلب فهم الإحساس بالشكل الصحيح لمخاطبته واستقبال ردة الفعل من المتلقي.


من هي الشخصيات الفنية التي أثرت على مسار تجربتك؟
عندما أتحدث عن شخصيات أثرت على مسيرتي فإنني أذكر أولا الشخصيات الكارتونية قبل الشخصيات الحقيقية. ففي طفولتي كنت قريبا من الشخصيات الكارتونية ومتابعتها ومحاكاتها. عشت بين تلك الأعمال والشخصيات بعيدا عن منفذها، كما عشت مع أعمالي الشخصية وما كنت أنفذه بمجهودي الشخصي من الأعمال الكارتونية اليابانية أو الـ(أنيمي) التي كان لها الأثر الأكبر على طريقة تنفيذي للأعمال الكارتونية منذ الصغر وخصوصا عند رسم الشخصيات وتفاصيلها وطريقة العرض والإخراج والخيال اللامحدود... تأثرت بكل ذلك تأثراً "معنوياً" أكثر منه "تطبيقياً" وبدأت منذ بضع سنوات بمتابعة وقراءة السير الفنية والجهد الذي بذله (هاياو مايازاكي) على سبيل المثال وهو أقرب الشخصيات الفنية إلي، ساعدتني تلك القراءة على الاستمرار والاجتهاد والإبداع في عالم الكارتون... كذلك (والت ديزني) تابعت أعماله في الصغر دون تدقيق في من قام بتنفيذها وإخراجها ثم ألهمني بشكل كبير من خلال سيرته وتاريخه وعالمه الأسطوري وما قدمه من مجهود جبار في عالم الكارتون، واعتبر أن له تأثير بسيط في تنفيذي لأفلامي الكارتونية... من جهة أخرى كان للأهل وخصوصا إخوتي تأثير من نوع مختلف باستيعابهم لشخصيتي والتفاعل مع مايدور في رأسي ومشاركتي كذلك في أغلب الأعمال، فقد سبق وأن نفذنا سوياً أعمال من القصص المصورة بواسطة الكاميرا في الصغر، ومازلت -ولله الحمد- أجد التفاعل الرائع منهم وأشكرهم على ذلك، وأعتقد أنني مازلت أتعلم الكثير في عالم الكارتون وأتعمق أكثر وأستفيد من غيري ومن الأدوات الفنية ومن رؤيتي الخاصة في التنفيذ وتناول الأفكار بهدف صياغة أسلوبي الخاص في إنتاج وإخراج الرسوم المتحركة.


ماهي أوجه الاختلاف بين الإخراج للأطفال والإخراج للكبار؟
سأوضح الاختلاف من جانبين، الأول الإخراج "ماتراه على الشاشة وطريقة عرض المشاهد"، والثاني "إنتاج الأعمال" إن كان ذلك ما قصدته خذ على سبيل المثال أعمال مثل (كاوبوي بيبوب) و (توم وجيري) فبالنسبة للأول أنت ترى مشاهد أعمق وأدق في التفاصيل وطريقة الإخراج، أقرب بمنطقيتها، تحوي تفاصيل أكثر وتكون أكثر تعقيداً فتشعر كأنك تشاهد فيلم حقيقي أو (لايف أكشن)، بينما بالنسبة للثاني تجد الإخراج أكثر بساطة ووضوحا، ونادرا ما تشاهد شخصية توم "كلوز" أو قريب للشاشة لأن معظم المشاهد تأخذ زوايا واسعة وبسيطة تشاهد فيها الشخصية كاملة ويتفاعل الطفل معها بشكل واضح وجميل... أما بالنسبة للإنتاج، فلابد أولاً من تحديد الفئة المستهدفة بمشاهدة العمل وفقاً لقواعد معينة، وفي الأعمال الموجهة للكبار تكون عناصر العمل موجهة بشكل واضح للكبار في واقعيتها ومنطقية أحداثها وطبيعة الشخصيات وأسلوب عرضها للأحداث، كما أنها قد تحتوي على عنف لا يناسب الأطفال أو أفكار وقصص لا يستوعبها الطفل... الأعمال الموجهة للأطفال تعتمد على (الأكشن) أو على تصرفات الشخصيات أكثر من الحوار والتعليقات فتستمع للموسيقى وللمؤثرات الصوتية فقط في (توم وجيري) أو (بنك بانثر)، أما بالنسبة لأعمال الكبار فالقصة والحوار ونوعية الأحداث الدائرة بين الشخصيات عادة تعتبر من أهم عناصر نجاح العمل.


ماهي أهم العقبات التي واجهتك؟
واجهت العديد من الانتقادات وبعض التحفظات الدينية بسبب رسم الأشخاص ولكن موهبتي ولله الحمد كانت ولازالت في رسم الشخصيات أكثر من أي شي آخر.

هل من سبب وراء تميزك وإصرارك على رسم الأشخاص؟
قد يكون ذلك بسبب أسلوبي وشخصيتي في الحياة العادية فإنتاج العمل يتطلب فهم كبير لعدة أمور في الحياة وخصوصا في الإنسان. تجربتي في رسم الشخصيات الحية جعلتني أتعمق في معرفة الإنسان... وقد يكون العكس، فاهتمامي بالناس والاختلافات بينهم في الهويات والجنسيات والأفكار والهموم مع رصد ردود الأفعال ولغة الجسد والملبس وطريقة التحدث والجلوس والمشي كل ذلك ساعدني على رسم الشخصيات، كما أنني أحرص على قراءة كتب تطوير الذات والفِراسة لأتمكن من استيعاب الناس ومختلف الكائنات الأخرى التي تدخل في عالمي الكارتوني... بالإضافة إلى عدة عناصر وعلوم أخرى كالفيزياء والتشريح والتمثيل والمؤثرات الصوتية والمرئية وكتابة القصص والإخراج والتلوين وغير ذلك من عناصر يجب الإلمام بها ليخرج العمل متكاملاً.

من هم أبطال أعمالك؟ وكيف تستلهم الأفكار؟
أحاكي ما أراه وأشاهده في حياتي العادية وأعبر عن ما يراودني من أفكار وأحياناً أمثلها بنفسي، فأقوم بتقليد الشخصيات والأصوات وتقمص الشخصيات التي أبتكرها. كذلك لأن العمل في هذا المجال يتطلب سرعة بديهة والتقاط سريع للأحداث نجد أن العديد من الجامعات في الخارج تدرس التمثيل لأفلام الكارتون ليتعلم الطالب كيف يعيش داخل الشخصيات ويتقمصها ويفهمها ويجاري الأحداث.


ماذا يمثل لك الحصول على جائزة عربية عن فيلم سدا؟
رغم ترددي في البداية بفكرة مشاركة فيلم "سدا" بالذات لأسباب تقنية إلا أنني قررت المشاركة به بعد أن أدخلت عليه بعض التعديلات البسيطة، وحصولي على جائزة في مهرجان أفلام من الإمارات ٢٠٠٦ جاء في الوقت المناسب عندما قررت التركيز على عملي ولله الحمد تحقق ذلك واقتربت بشكل أكبر من مجالي وكانت الجائزة دافع مهم خاصة وأنها تعتبر الأولى بالنسبة لي في مهرجان للأفلام، والأولى لمخرج ورسام كارتون سعودي فبلاشك هذا الأمر يدعوني للفخر والاستمرار بروح أكثر اجتهادا وتركيزا لتحقيق ما أطمح إليه.

هل يلاقي الشباب العربي المهتم بمجالك الإبداعي التشجيع المطلوب؟
هناك بالطبع الكثير من المتابعين للكارتون من كبار وصغار فنحن نتحدث عن فن يتذوقه الجميع ولكن بدرجات مختلفة. وشخصياً أجد التشجيع من البعض بشكل محدود وهذا ليس مستغرباً فنحن في بيئة ينقصها الكثير عندما يتعلق الأمر بدعم الموهوبين أو حتى المتابعين والمحبين للفن. وأعتقد أنني لمست الاهتمام عندما افتتحت موقعي الشخصي على الانترنت مطلع عام ٢٠٠٠ ومن ثم بعد مشاركتي في مهرجان أفلام من الإمارات حيث تسنى للناس الاطلاع على أعمالي ومسيرتي الفنية ولكن كما ذكرت درجة التفاعل متفاوتة فهناك المؤيد والشغوف والمهتم والمشاهد فقط.

هل يؤثر التفاعل السلبي من الجمهور على عطائك؟
بالعكس، قد يكون عاملا إيجابيا ومساعداً يجعلني وغيري نتمسك بعملنا ونستمر لتحقيق مالم يحققه الغير، ولكن تظل هناك ضرورة لدعم الموهوبين من خلال المؤسسات والمعاهد أو حتى البعثات لدراسة هذا الفن في الخارج حتى نجني الفائدة. فهذا المجال الإعلامي لايمكن لأحد أن ينكر مدى أهميته وحجم تأثيره وخصوصا على الأطفال حيث بوسعنا استبدال الأعمال التي نتلقاها من الغرب بأعمال نقية وجميلة بلباس مسلم وعربي.

ماهو دورك كفنان محترف في التعريف بأهمية هذا الفن؟
لن أكثر من لوم المجتمع ولكن سأسعى إلى نشر الوعي بواسطة تحقيق انجازات مشهودة في عالم الكارتون حتى تصل الفكرة الصحيحة للجميع.

يبدو أنك متفائل بالمستقبل فهل من مقومات لهذا التفاؤل؟
أعتقد أنها مسألة وقت فقط، أما مقومات تفاؤلي فهي الإيمان الكبير والاتكال على الله سبحانه وتعالى وبذل الجهد والطموح... بكل ذلك سيتحقق الأمل بإذن الله.

هل يروادك أمل أن تصبح مخرجا عالميا؟
فكرة أن أكون (مخرجاً) لم تكن تراودني ولكن عملي وتجاربي في مجال الأفلام "لايف أكشن" من خلال أعمال خاصة منذ الصغر مع أخوتي والأصدقاء وممارستي دائما لابتكار طرق جديدة وخاصة في التصوير والإخراج أو تطبيق ما أراه في الأفلام السينمائية والكارتونية أعتبر أنها من أهم الأمور التي أقوم بها في كل وقت حتى أنني أصبحت أشعر بأن عيني هي عدسة الكاميرا وأجد في الكارتون متنفساً للنظرة الإخراجية... أما أن أكون (مخرجاً عالمياً) فهو أمر أتمناه بلا شك.

ألا تتفق معي في أن سوق إنتاج أفلام الكارتون للأطفال في عالمنا العربي تعتبر متخلفة كثيراً عن نظيراتها الغربية؟
كانت بدايات الغرب في هذا المجال منذ عشرات السنين لأنهم أدركوا مدى أهميته ووظفوا إمكاناتهم لخدمته ودعم المحترفين لتصل أفكارهم ويقدموا إبداعاتهم، فأبرز الفنانين وألمع الأعمال في الكارتون هي من الغرب، حتى الأدوات الفنية طورت من خلالهم ومن الصعب القول بأن هناك سوقا للكارتون في عالمنا العربي، ليس بعد. عندما نتحدث عن سوق للأفلام الكارتونية فنحن نتحدث عن إنتاج، فيه تنافس، و مشاركات عالمية، وعربية واهتمام إعلامي وغير ذلك من العناصر المفقودة حالياً ولكني متفائل بتوفرها قريباً بإذن الله.

ماهي طموحاتك في هذا المجال؟
لا أستطيع حصر طموحاتي في أسطر إنها مسألة إحساس وحب. لكن يمكنني القول بأنني أطمح وأخطط لتأسيس صناعة للكارتون في العالم العربي عموما وفي وطني ومملكتي الحبيبة بشكل خاص. أطمح إلى إنتاج أعمال كارتونية بجودة عالية، وبأفكار خاصة ومميزة، وأن أحقق الكثير لخدمة ديننا من خلال أفلام ومسلسلات كارتونية، ومن خلال (الكوميكس) والترفيه المميز والنافع. أطمح لخلق عالم كارتوني مميز وإلى أن أضع بصمتي الخاصة في كل عمل وأحقق حلم خالد الطفل.