مصطلح (اللوبي) بين الغربي والشرقي

( اللوبي ) بهو الفندق

رانية سليمان سلامة

بعض الكلمات تستمد معانيها من استيعابنا لها وقد يتغير تعريفها وفقا لتعاملنا معها, فلو تناولنا كلمة (اللوبي) والتي أصبحت دارجة لكثرة مانستخدمها اشارة الى اللوبي الصهيوني نجد ان كلمة (Lobby) هي ما اصطُلح في الكونغرس الامريكي على اعتبارها الكلمة التي تُطلق على جماعات الضغط التي تُحاول التأثير على اعضاء مجلس الشيوخ أو النواب لمساندة مطالبهم والتصويت لصالحهم هذا في المعنى الضيق. أما المعنى العام لكلمة لوبي فهو: المنظمات والجمعيات والهيئات المتداخلة التي تُنسّق فيما بينها للوصول الى هدف مُحدد تعمل على تحقيقه أو خدمته.

ولو أخذنا التعريف العربي الواقعي لكلمة لوبي فهو لن يتجاوز (بهو الفندق). وللأمانة ولإعطاء كل ذي حق حقه فنحن لم نُقصّر بإعمار لوبيات الفنادق حول العالم لنُشكل بالتجمع فيها لوبيا يضغط على أصحاب الفنادق لتحفيزهم على ابتداع وسائل (لولبية) جديدة ومُتجددة في نهب مدخرات جلساء اللوبيات العرب خاصة في مواسم الصيف وخصوصا وان (المتلولبين) لا هدف لهم من هذه التجمعات سوى تفريغ جيوبهم ومقاومة إحساس الغربة بتخصيص نقاط ساخنة للقاء اليومي مع الوجوه التي يألفونها.

آثرت ان أضع تعريف كلمة اللوبي التي تُؤرقنا من هنا وهناك قبل أن استعرض تجربة مثيرة للاستاذ/ ابراهيم سعدة رئيس تحرير صحيفة (أخبار اليوم المصرية) مع صحيفة (نيويورك تايمز) الامريكية والتي تتبنى قيادة معظم الحملات المسمومة ضد المملكة ومصر وغيرهما من الدول العربية وكثيرا ماتقف صحف الدول المتضررة موقف الدفاع والرد على هذه الحملات المغرضة والهادفة الى تشويه صورتها وتزييف الحقائق.. يقول الاستاذ/ سعدة متعجبا من ذلك (المدهش أننا لم نسأل أنفسنا مرة واحدة عن الجدوى من وراء مانقوله, ونكتبه كما لم نهتم بمعرفة من الذي استمع الى ردودنا, ومن الذي قرأ مقالاتنا المضادة؟)... ويجيب: (ببساطة شديدة ان ردودنا الناطقة, والمكتوبة لا يسمعها, ولا يقرأها غير الرأي العام المحلي فالرأى العام الامريكي والغربي بصفة عامة لا يقرأ صحفنا, ولا يفهم لغة فضائياتنا, ولا يستمع الى اذاعاتنا وبالتالي فإنه يظل مقتنعا فقط بما يسمعه ويقرأه, ويشاهده عبر أجهزة اعلامه ولم تتح له فرصة سماع الرأى الآخر )...

من هنا طرأت للأستاذ ابراهيم سعدة فكرة لعرض التعاون مع صحيفة (نيويورك تايمز) بحيث تصدر الصحيفة المصرية ملحقا من مختارات مانشر في الصحيفة الامريكية بشرط ان يسمح لكتاب الصحيفة المصرية بالرد على هذه المقالات على صفحات (النيويورك تايمز) باللغة الانجليزية.. وقوبل العرض بالموافقة والترحيب بعد مناقشة تفاصيله وتكاليفه في مفاوضات استغرقت شهرين سبقت التوقيع على الاتفاقية والتي وئدت فيها خطوات القلم قبل أن تطأ موطن التوقيع بلحظات على أيدي اللوبي الصهيوني الداعم للصحيفة الأمريكية كونها تجربة تُمثل أول اختراق مصري عربي للآلة الإعلامية الأمريكية, وذلك لن يكون في صالح اسرائيل- على حد قول مراسلة أخبار اليوم - وانتهت المحاولة بالفشل. النتيجة تبدو طبيعية في ظل سوء فهمنا لمعنى وأبعاد كلمة اللوبي فيبدو أننا نهدر الأموال والأوقات في بهو الفندق وما أكثر الفنادق وما أكثر العرب والمسلمين عددا وتعدادا في العالم وما أعدل قضايانا, غير أن اللوبي الصهيوني بقلة عدده وبشاعة اهدافه يُخطط ويستثمر ويُوظف أمواله وقدراته وأفراده ليخدم قضيته البائسة... واختتم بمقولة للكاتب البريطاني (برايان ويتيكر) كتبها تاركا لنا اكتشاف الآلية في عالم لا يعترف الا بالتكتلات القوية والمؤثرة: (أنه في متناول العرب أن يكونوا أصحاب الريادة بدلا من الشكوى من المكائد والمؤامرات الاسرائيلية)..

 

* رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ