مساعدة المواطن ليصبح شريكاً في المسؤولية وداعماً للقوانين

الرقابة الشعبية

رانية سليمان سلامة

* بالهناء والشفاء :
أنجح وأسهل (ريجيم) يمكنك اتباعه هو ببساطة أن تتابع برنامجاً للطبخ لايرتدي فيه (الشيف) قفازات، انظر بعدها إلى طبق الطعام الشهي أمامك وتخيل كم تعرض للعجن واللمس بأيد غريبة وأظافر قابلة للحشو مضافاً إليها الأنفاس العطرة والشعر الغجري المجنون عندها ستشعر بحالة إحباط تام للشهية، هذا الريجيم خاص بمن لايجيد أو تجيد الطهي، وتزداد احتمالات نجاحه إذا تسنى لك رؤية الطباخ أو الطباخة شخصياً دون وجود إثباتات كافية تشير إلى أنه يحترم أخلاقيات مهنته ويرتدي القفازات، بينما قد يتقلص مفعوله إذا ظل الجاني مجهول الهوية في مخيلتك حتى تعجز عن ربط صورته بجسم الجريمة القابع أمامك في الطبق، سألت إحدى الزميلات بعد أن تقلدت منصب (مفتش مطابخ) بمطعم زوجها عن الأنظمة واللوائح التي وضعتها لعلمي بأنها كانت تعتنق الريجيم المذكور، فأخبرتني أنها أعلنت منذ اليوم الأول عن قانون طوارئ يفرض خصم 100 ريال من مرتب أي شخص تجده متلبساً في المطبخ بجريمة لمس الطعام أو أدواته بدون قفازات، وهو قانون أظنه نادر التطبيق في أغلب المطاعم بل وحتى المنازل، كما لابد من تذكير القارئ الكريم بأنني كنت أتحدث عن المطاعم والمنازل والمطابخ المحترمة التي لفرط نظافتها لايمكننا سوى أن نشك في مسألة القفازات تفادياً لاختلاط الطعام بالأظافر أو تعرض (الشيف) لحساسية جلدية طارئة، وغطاء الشعر حتى لانضطر إلى تناول (شعيرية) مع كل طبق، وربما الكمامة حتى لايسعل (الشيف) الموقر في حسائنا المفضل، أما المطاعم الشعبية فأعتقد أن بوسع عيادات شفط الدهون وتدبيس المعدة أن تكتب لروادها روشتة زيارة هذه المطابخ الكفيلة بأن يتخذ المصاب بالسمنة قرار الإضراب عن الطعام مدى الحياة، أو ربما يكفي أن نشاهد ماتطالعنا به الصحف من وقت لآخر من صور (سد الشهية) التي نكتشف من خلالها أن بعض المطابخ هي في الأصل حمامات شعبية أكرمكم الله وأكرم طعامكم ورزقكم بشهية أخرى بعد قراءة هذا المقال.

يبدو أن هناك جدلاً حول الجهة التي يفترض أن تشرف على الحالة الصحية والقانونية والإنسانية للمطاعم بين من يرى أنها يجب أن تتبع لمراقبي وزارة الصحة ومن يرى أنها يجب أن تظل تحت رعاية البلديات وفي الواقع أعتقد أنه مع معدلات تكاثر المطاعم والمقاهي لن تتمكن جميع الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية مجتمعة من مراقبة وضبط المخالفات على مدار الساعة، لذلك نحن بحاجة لقوانين تدعم انطلاق حملة شعبية للرقابة تبدأ بمنح الزبون الحق بإلقاء نظرة مباغتة على مطابخ المطاعم ولو من ثقب الباب، وتكون الحملة مصحوبة بإعلان الأرقام التي يمكن الاتصال بها لتسجيل البلاغات العاجلة وحبذا لو كانت مرفقة ببريد إلكتروني يستقبل الصور بوصفها أدلة إدانة دامغة، والأهم فتح المجال لتطوع الشباب وهم أكثر الفئات ريادة للمطاعم والمقاهي حيث بوسع من يتطوع منهم أن يحصل على تدريب سريع وبطاقة تخوله لممارسة مهمة سهلة يتحول معها (التسكع) في الشوارع إلى تنقل مشروع يسد الفراغ الرقابي، مايهمني حقاً هو أن يكون المتطوعون بأداء هذه المهمة مصابين (بالوسواس القهري) عندها فقط سيهدأ وسواسي.

* 1x3 :
عندما أشاهد البضائع النسائية المقلدة تباع ليس فقط في الأسواق الشعبية بل وكذلك في أحدث وأشهر المراكز التجارية (على عينك يارقيب) أدرك أننا أمر من اثنين لاثالث لهما، إما أن قوانين العلامات التجارية قد تم إلغاؤها، أو أن الرقيب لايعرف أساساً أي علامة تجارية شهيرة وبالتالي يمر إلى جانبها مباركاً بيعها وشراءها طالما البائع ربحان والمشتري (قنعان).

 

تجارة البضائع المقلدة في تطور وازدهار لم يخطر على بالي فأخيراً أصبح بوسع السيدات ترشيد الإنفاق وشراء حقيبة على سبيل المثال بقماش من ماركة وشعار ماركة ثانية في واجهتها وشعار ماركة أخرى من خلفها لتجمع السيدة ثلاث ماركات في حقيبة واحدة تقتنيها من أسواقنا على بعد بضعة أمتار من متجر الوكيل الرسمي لكل منها.


هذه الأمثلة يمكننا أن نقيس عليها الكثير، وقد أسلم بأن المخالفات أكثر من إمكانيات الجهات الرقابية على الضبط والحصر ولكن ماذا لو توفر أضعف الإيمان وتم نشر التوعية مع وسائل ميسرة للإبلاغ حتى يشارك كل مواطن بدوره المساعد للجهات الرقابية إذا حالفه الحظ بأن يكون شاهداً على مخالفة؟. المؤكد أنك اليوم لو شاهدت أي مخالفة ستحتار في الجهة التي يفترض عليك مخاطبتها أو ستتصل باستعلامات الدليل وتحكي قصة طويلة للمأمور قبل أن يستوعب ماهو الرقم الذي يجب أن يمنحك إياه ثم قد تتفاجأ عند الاتصال بأن الجهة المعنية لم تعتد على استقبال بلاغات ولاتعرف أساساً إلى من تحيلك أو قد تطلب منك إجراءات تجعلك تغلق سماعة الهاتف وتركض صوب المخالف لتحيته ومباركة عمله.

أتطلع إلى مساعدة المواطن ليصبح شريكاً في المسؤولية وداعماً للقوانين حتى ننجح في الحد من المخالفات ونسد ذرائع قلة الإمكانيات.

 

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]

المصدر: صحيفة عكاظ