هكذا تصدر التقارير والدراسات

هل قرأتم روايتي الأخيرة؟

رانية سليمان سلامة

أنا شخصياً لم أقرأها لأنني أساساً لم أكتبها، ولكن كل ما في الأمر أنني استثمرت إصابتي (بخلل صحي طارئ) في قراءة الصحف وتصفح الإنترنت لاعتقادي بأن ما تعرضت له كان إرهاقاً في العمل، غير أن ذلك (الهروب الاضطراري) أوقعني في قبضة مقال للكاتب والباحث الأردني القدير شاكر النابلسي في صحيفة الوطن بعنوان (المرأة السعودية بين الرواية والواقع) وتوقفت أمام وجهة نظره بأن «المرأة لم تقل قولها بإسهاب ووضوح وشجاعة إلا من خلال فن الرواية».


وهذا التقرير باعتقادي فيه ظلم شديد للمرأة السعودية التي يتحدث عنها الكاتب القدير وفقاً لعنوان المقال، لأن المرأة السعودية تكتب المقال ولها إصدارات مختلفة وتشارك في المؤتمرات المحلية والدولية وتظهر على الشاشة كإعلامية وكسيدة أعمال وكأكاديمية وكناشطة اجتماعية وكمثقفة ونجدها تكتب وتتحدث بجرأة وموضوعية وشجاعة لاتقل عن جرأة الروايات (في الحق) إن لم تكن تتجاوزها وتتفوق عليها بالواقعية التي يحق للروائي أن يحيد عنها أو أن يمزجها بخياله لإضفاء الإثارة على أحداث روايته.


ولست هنا أقلل من أهمية الرواية ولكنني أؤكد أن الرواية لم تكن أبداً الأداة الوحيدة التي برزت من خلالها شجاعة المرأة السعودية وقدرتها على التعبير عن الواقع والتجارب الحياتية.


مايعنيني في الأمر هو أن الكاتب يرى بأن الروائية «رجاء عالم ورواياتها هي التي مزقت الشرنقة النسوية وهي النخلة التي طرحت ثماراً مختلفة في الأدب النسوي الذي كتبته رجاء الصانع، ونداء أبو علي، وفايزة سعيد، وهيلدا إسماعيل، وبدرية البشر، وزينب حفني، وهيام المفلح، وهداية درويش، وسارة الهاجري، ورانية سلامة!!» وأتوقف عند هذا الحد بالرغم من أن القائمة تطول لكني كنت بحاجة إلى معرفة موقع اسمي من الإعراب في قائمة الروائيات والشرنقة التي مزقنها، فاتجهت إلى صديقي العزيز محرك بحث (جوجل) بحثاً عن أعمالي الروائية لأتفاجأ بمواضيع أخرى تستخدم نفس قائمة الأسماء تارة بوصفهن روائيات، وأخرى في صحيفة النهار تحت عنوان (الكاتبات السعوديات) للكاتب (ماهر شرف الدين).


بعضهن الآخر، خوفاً أو اقتناعاً، لا يزلن يرفضن مجرد نشر صورة شخصية في مطبوعة، أو حتى في موقع الكتروني.


والبعض الثالث، الأكثر هنا، سخّرن أقلامهن لقضية وحيدة، هي قضية المرأة، وحاذرن خدش الحياء الاجتماعي في بلد جدّ محافظ.


وأقول خاب الوصف الأول وخاب من يسوقه – ولو بحسن نية – ليسقطه على تلك الأسماء أو غيرها حتى يخرج بموضوع مثير عن السعوديات.


وخابت الأوصاف الثلاثة بالنسبة لي على الأقل كون أي منها لاينطبق علي، فأنا لا أكتب الروايات كما أنني اكتفيت بإدمان قراءتها حتى المرحلة الثانوية ولم أقرأ بعدها – حتى تاريخه – سوى الروايات التي فرضتها علي دراستي الجامعية، ومجدداً ليس ذلك انتقاصاً لفن الرواية ولكن لقناعتي بأن الرواية يقرأها الإنسان في وقت الفراغ وأنا لا أملك ساعة فراغ، ويقرأها الناقد ليمارس عمله وأنا لست ناقدة وإن كنت قد استعنت بأدوات النقد التي حصدتها من تخصصي الجامعي في مجالات أخرى. كما أنني أظهر إعلامياً صوتاً وصورة إذا استدعى الأمر، ولم أسخر قلمي لقضية وحيدة هي قضية المرأة، وأخشى أن لا أكون الاسم الوحيد الذي ليس له محل من الإعراب في تلك القائمة.


الكاتب الفاضل ماهر شرف الدين نشر القائمة في موضوع آخر بعنوان آخر مثير وعجيب هو (إنزال الكاتبات السعوديات في بيروت) إشارة إلى الأعمال الروائية التي تصدر في بيروت بأقلام كاتبات سعوديات، وعن نفسي لم تصدر لي رواية في بيروت ولا في موزمبيق، بل لم يسبق لي مع الأسف زيارة بيروت بالرغم من أنني أقدمت على قطع آخر إجازة صيفية لأسرتي في بيروت عندما قررت أن أغادر أحشاء والدتي في الشهر الثامن لأولد في بيروت وأغادرها بعد أيام دون أن يتسنى لي التعرف عليها وهنا فقط ينطبق علي وصف الإنزال حيث أنني نزلت في بيروت التي لحسن حظها لم ولن تتنزل رواياتي عليها.

 


قد يتساءل القارئ الكريم المنكوب بعودتي إلى هذه الزاوية عن سبب هذا الضجيج؟ فماهو الضرر من ظهور اسمي مع تلك النخبة من الروائيات السعوديات؟ وفي الواقع أنني بالرغم من تحفظي على بعض الأوصاف والأغراض لم أكن لأهتم بذلك كثيراً لولا علمي بأن تلك القائمة مؤهلة لاستخدام الباحثين في الغرب والشرق كونها منشورة على الإنترنت وفي الصحف ومذيلة بتوقيع أسماء اعتبارية لكتاب موقرين.


كما تذكرت دعوة تلقيتها العام الماضي من منظمة خليجية للمشاركة في حلقة نقاش حول الإعلام السعودي ضمن مشروع الإعداد لتقرير سنوي يصدر عن مجلس أبحاث دولي، فور قراءتي للاستبيان الذي يفترض علينا تعبئته سجلت إجابتي بأن صياغة المحاور والمؤشرات وخيارات الإجابة والتقييم المتوفرة غير سليمة بل بعضها في الواقع يتضمن (تلقينا) للإجابة التي يود مجلس الأبحاث أن يصل إليها، أحد الإعلاميين تساءل في نهاية الجلسة هل التقرير الذي يصدر كل عام وتستند إليه بعد ذلك آراء العالم ويستشهد بها الباحثون يتم إعداده بنفس الطريقة؟ الإجابة كانت نعم، مقال به معلومات غير دقيقة ودراسة مصاغة بشكل خاطئ وإجابات عشوائية تساوي تقارير محلية وعربية ودولية تدعي الكشف عن حال المجتمع السعودي أو المرأة السعودية أو الإعلام السعودي.

 

 

رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]

المصدر: صحيفة عكاظ